مخرجة أفلام وثائقية ترصد حضور المرأة في السلم والحرب

تمكنت المخرجة والمنتجة التنفيذية اللبنانية زلفا عساف من أن تُعلي صوت المرأة، لتحصد مؤخراً جائزة عالمية حول "المرأة والأمن والسلام" من خلال فيلمها الوثائقي (محاربات من أجل السلام)، واعدة المسيرة بتسليط الأضواء على قضايا المرأة وحقوقها ومعاناتها في الحرب.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ أكدت المخرجة والمنتجة زلفا عساف أنها من خلال أفلامها الوثائقية، حاولت أن تتطرق لقضايا ومواضيع عدة، لتعمل على إظهارها بصورة فريدة لتتبناها وسائل الإعلام، وخصوصاً تلك المتعلقة بالنساء، وهو ما خولها للحصول على جوائز عالمية عدة.

من الجوائز التي حصلت عليها المخرجة زلفا عساف مؤخراً جائزة المرأة والأمن والسلام المتعلقة بالقرار الأممي 1325، وذلك عن فيلمها الوثائقي "محاربات من أجل السلام"، لتتم دعوتها إلى الأمم المتحدة كمتحدثة في إحدى المحاور حول مسيرتها وقصة الفيلم الذي يحكي تجارب أربع نساء على جبهات مختلفة خلال الحرب اللبنانية، ورسالة السلام التي خلصت إليها المحاربات بعد ما عانينه وعاناه المجتمع اللبناني في الحرب الأهلية.

أنشأت زلفا عساف الحاصلة على ماجستير في الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني، شركتها الخاصة للإنتاج الإعلامي في عام 2011، والتي تعنى بتزويد المحتوى الإعلامي لكافة وسائل ومنصات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.

وحول ذلك تقول زلفا عساف لوكالتنا "يبدأ الفيلم الوثائقي بفكرة ذكية، وقد تكون عادية، نعمل على دعمها بالمعالجة والبحث الحثيثين لنقدم الفكرة بصورة متكاملة مع فريق عملي المتخصص لتتحول إلى فكرة مكتوبة بصورة شاملة، وبعد موافقة المنصة الإعلامية، نصورها ونعمل على الإنتاج وفقاً للقواعد التقنية بالتصوير الخاصة بالمحطة التي تتبناها، لتنطلق إلى قصة يتابعها الجمهور، كفيلم وثائقي قد يصل إلى ساعة (52 دقيقة)، ويواكبني في هذا المجال فريق محترف من المصورين والمنتجين وأخصائي الصوت".

وأوضحت أنها "أصبحت متخصصة بالأفلام الوثائقية التي تعد من أصعب المجالات في الإنتاج الإعلامي، وأحرص على تنوع المحتوى الجاذب للفئات العمرية المختلفة، كما وأحرص من مبدأ إيماني بدور المرأة أن يكون فريقي مناصفة بين النساء والرجال"، مضيفةً "لم أجد نساء متخصصات في لبنان لتواجدهن خارج البلاد في بعض المجالات كالتصوير والإضاءة وغيرهما، بينما تتألق النساء في فريقي في مجال الصوت والمونتاج والتقديم والمقابلات على الأرض والأبحاث ومخزون الأفكار والمتابعة للمادة العلمية الخاصة بكل تقرير، وأتمنى أن يكون هناك المزيد من النساء وفي كافة المجالات".

دور المرأة

وأشارت إلى أنها تحرص على "تقديم صورة المرأة من خلال أفلامها الوثائقية إن المرأة شريك فعال في المجتمع، وهذا الأمر نابع من حرصي على دور المرأة لأنها تستحق أن تكون في الريادة، وليس عليها أن تستجدي حقها في المساواة، فلديها المستوى نفسه في التفكير وأحياناً تتفوق على الرجل، لأنها قادرة على إثبات نفسها بجهودها وسعة أفكارها".

ولفتت إلى أنه "تمثل المرأة الفكرة الإبداعية والروح والأساس التي أنطلق منها في أفلامي خاصة تلك التي تسلط الضوء على نضال المرأة منها "محاربات من أجل السلام"، حيث حرصت أن أظهر فيه أربع قائدات خضن معارك شرسة في الحرب الأهلية في لبنان، واكتشفن بعدها عبثية الحرب، ودورهن الفعال في السعي نحو إرساء السلام في مجتمعنا اللبناني، وتمكنت النساء من كسر الصورة النمطية عن المرأة على صعيد السلام سواء في المجال السياسي الفني والإبداعي، وذلك من خلال مسيرة هؤلاء النساء بعد الحرب عبر تنظيم دورات ورواية القصص والمسرح الارتجالي والتفاعلي والمتعلقة بالألم على المستوى الشخصي والخذلان من القضايا التي دافعن عنها ومن تداعيات هذه الحرب، وإيصال الرسالة للتأثير على جيل الشباب للوصول إلى السلام الحقيقي وبهدف منع حدوث حروب أخرى".

ونوهت زلفا عساف إلى أنه "من الأفلام التي تم عرضها "عطية الحياة" الذي  يتطرق إلى وهب الأعضاء سواء من متبرع حي في حال زراعة الكلى أو القرنية من واهب متوفٍ، وفيلم "روح العصر" الذي تناول فن المنمنمات وهو موضوع لم يتم التطرق إليه من قبل، المنمنمات هي حكايات الشعوب في العالم وأهميتها لأنها تشبه ما يتم تداوله حالياً من قصص وحكايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول مواضيع عدة، وقد تناولت المواضيع قصص النساء والفن والشعر والمجتمعات والحروب ضمن هذا الفن في الفترة الزمنية من القرن التاسع حتى السابع عشر".

وأضافت "فضلاً عن أفلام متنوعة عدة تعالج مواضيع مختلفة مثل السرطان، التوحد وغيرها، ووثائقيات صغيرة (مدتها 7 دقائق) ضمن برنامج "فكر وفن" والتي تسلط الضوء على وجه لبنان المشرق في الفكر والفن وعلاقتها بالأماكن في البلاد مثل فيلم عن التياترو الكبير وقصر البيكاديلي وغيرها، أما في مجال الأفلام التي سلطت فيها الضوء على نساء، فإن فيلم "أباطرة الصهاريج" هو تحقيق استقصائي يتمحور حول أزمة المياه في لبنان بالرغم من أنه ثاني أغنى بلد في العالم العربي (بعد مصر) بالمياه، عبرت نساء متضررات في هذا الفيلم عما تعانينه من الفقر المائي في حياتهن اليومية".

وأشارت إلى أنها نالت عن هذا الفيلم في عام 2020 الجائزة الأولى للإخراج في الدورة الـ 12 من "المهرجان الدولي للفيلم القصير" في الدار البيضاء، وحازت في عام 2022 جائزة الإعلام المتعلقة بالقرار الأممي 1325 عن فيلم "محاربات من أجل السلام" والذي يروي قصصاً إنسانية لأربع نساء كن محاربات سابقات على أشهر الجبهات اللبنانية خلال الحرب وهن الراحلة جوسلين خويري، برناديت شديد، سلمى صفير، وسلوى سعد.

 

الإنتاجات الأخيرة

وعن فيلمها "سيدة الموسيقى" الذي من المتوقع عرضه قريباً، تقول "حرصت في هذا الفيلم أن أظهر أن دور المرأة لا يتأثر بكونها محجبة، أو لجهة انتمائها إلى أي ديانة أو مذهب أو خلفية مجتمعية أو بقعة حول العالم، وذلك من خلال مسيرة أربع قائدات أوركسترا في العالم العربي في مجال الموسيقى، ومنهن التونسية أمينة الصرارفي وهي أول قائدة فرقة موسيقية وأوركسترا في العالم العربي في عام 1995، والمصرية إيمان جنيدي وهي امرأة محجبة من صعيد مصر، وأول قائدة أوركسترا في تاريخ مصر منذ عام 2005، وتمكنت من فرض نفسها على الساحة الموسيقية، متحدية مجتمع ملتزم ومتشدد في الصعيد يرفض دور المرأة بشكل عام، وهذه المهنة بشكل خاص، لا سيما قيادتها فرقة تشمل رجالاً ونساء، وأن تتدرب وتقيم أمسيات وحفلات لساعات متأخرة من الليل، وقد تمكنت من كسر صورة المرأة النمطية لا سيما في الأرياف المصرية، وإرساء فنها وشغفها في المجتمع لتصل إلى دار الأوبرا وساقية الصاوي المعلمين الهامين على مستوى مصر والعالم في مجال الموسيقى، كما وتم تكريمها في مصر والعالم".

وأضافت "أما الثالثة فهي المصرية روسيلا عادل سمير التي كانت تبلغ الـ 21 من عمرها عندما استلمت قيادة الأوركسترا في اليوم العالمي للمرأة، فقد سلطنا الضوء من خلال الفيلم الوثائقي إلى الانفتاح في مصر من حيث دور المرأة عموماً والقبطية خصوصاً، نسعى من خلال أفلامنا للتوعية ودعم نضال المرأة والمجتمعات المهمشة والأقليات الدينية والأثنية المختلفة، أما قائدة الأوركسترا الأخيرة فهي اللبنانية ياسمينا صباح التي تم اختيارها من بين مئات من قادة الأوركسترا في العالم لقيادة الأوركسترا في أكسبو 2020 في دبي، وهي قائدة لفرقة "فردوس" الموسيقية النسائية".

 

مشاريع مستقبلية

وعن مشاريعها المستقبلية، أشارت إلى أنها تحضر فيلماً عن النساء أيضاً "لا يمكنني كشف الكثير عن هذا الفيلم كونه لا يزال في طور الأبحاث والدراسات، ويتعلق بدور المرأة في عالمنا العربي وإمكانية فرض نفسها في مجالات تعتبر حكراً على الرجل، وهو موضوع يتم التطرق إليه للمرة الأولى، ويتعلق بمجال الفن والإبداع ولكنه يتقاطع في مكان ما مع السياسة، وهدفي من هذا الفيلم نصرة هؤلاء النساء وأبين أن المرأة قادرة على فرض نفسها في كافة المجالات".

ووجهت زلفا عساف رسالة إلى جميع النساء في العالم قائلة "رددن في أنفسكن هذه الكلمات دوماً، أنا قوية وأنا قادرة أن أسطع في المجال الذي أحبه، فمهما كانت المجالات والقدرات، عبرن عن أنفسكن وناضلن من أجل الوصول إلى أهدافكن".