مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة يناقش مؤلفات نسائية مختلفة

ستختتم فعاليات الدورة الـ 15 لمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا الذي تنظمه جمعية أبي رقراق بدعم من المجلس الجماعي لمدينة سلا في المغرب، اليوم السبت الأول من تشرين الأول/أكتوبر.

رجاء خيرات

المغرب ـ احتفى مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة بمسارين مختلفين لكاتبتين مغربيتين هما المهندسة والباحثة في التصوف ياسمينة الصبيحي عبر تقديم كتابها "مسار الوليات الصالحات بالمغرب" والناشطة في مجال البيئة والكاتبة حسناء شهابي من خلال روايتها "زهرة اللارنج".

اعتبرت حسناء شهابي أن روايتها "زهرة اللارنج" ليست سيرة ذاتية كما قد يبدو للوهلة الأولى، وإنما هي رواية تتقاسم بطولتها امرأة مع العديد من النساء، هي سفر لشخصيات دام سنوات في رحاب الواقع والخيال لاسترجاع الأمكنة والأزمنة عبر التاريخ، هذا التاريخ الجديد الذي تراهن عليه النساء لمسح آثار السنوات. إنها رحلة نساء تبحثن بين دروب الكلمات واللغة عن التحرر وأسرار الجسد.

ولفتت إلى أنها رواية تتساءل عن تاريخ الظلم والاضطهاد الذي تعرضت له النساء طيلة السنوات الماضية، حيث كانت البيوت مسرحاً لجرائم الاغتصاب والتحرش وزنا المحارم ضحاياها نساء، لا يقوين على الوقوف في وجه الظلم الذي طالهن، سواء كخادمات في البيوت أو عابرات قذفت بهن الظروف إلى مواقف جعلتهن يلذن بالصمت رغم ما تعرضن له من مضايقات.

وأوضحت أن رواية "زهرة اللارنج" هي سرد لحكايات نسائية مليئة بمواقف وطرائف من سجلات العشق، حيث النساء في الرواية يَتُقْن للحرية، من خلال التمرد على الأعراف والتقاليد وعلى المجتمع بعيداً عن السلطة الأبوية، وحيث الجراح التي راكمنها لم تزدهن إلا قوة وعزيمة وتحرر من قيود فرضها المجتمع.

كما أشارت إلى أن صوت "زهرة اللارنج" كان عالياً وكذلك صوت صديقاتها في الرواية ضد العنف المبني على النوع الاجتماعي، من أجل الحرية والكرامة الإنسانية. 

وقالت الكاتبة إنها كانت أثناء كتابة روايتها، تستحضر رواية "دعاء الكروان" لعميد الأدب طه حسين وثلاثية "قصر الشوق، بين القصرين والسكرية" لنجيب محفوظ، وكذلك "الخبز الحافي" لمحمد شكري.

وأكدت على أن القلم النسائي هو قلم إبداعي جد متميز، معتبرةً أنهن يكتبن من محبرة القلب والعاطفة، وأن صفحات الرواية هي خليط بين الكلام عن الجسد واكتشاف تجلياته وأسراره، وما تخيفه من مشاعر وكنوز في سردية شاعرية حميمية، ومن خلال أسلوب يراوح بين بوح العشق وعشق البوح، بهواجس كونية خاصة وترانيم وجودية عميقة وتعابير شاعرية مفعمة بالعاطفة.

 

 

وذكرت ياسمينة الصبيحي المهندسة والباحثة في التصوف والتراث الروحاني، أنها بدأت مشاركتها بتقديم شريط مصور عن رحلتها عبر الزوايا والمدارس العتيقة لتقريب الحاضرين من تفاصيل الرحلة الصوفية الروحانية.

وأضافت أن كتاب "مسار الوليات الصالحات بالمغرب" الصادر باللغة الفرنسية، والذي تم تقديمه في لقاء صحفي ضمن فقرات مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة، أمس الجمعة 30 أيلول/سبتمبر، ما هو إلا رسالة شكر وامتنان لما تشبعت به من قيم روحية وجمالية في التربية الصوفية التي تلقتها.

وأكدت أن الترجمة العربية لكتابها ستصدر قريباً وستحمل عنوان "أسرار وأنفاس وليات سوس وفاس"، معتبرةً أن التصوف فتح أمامها آفاقاً جديدة لفهم قضايا المجتمع، خاصةً قضية المرأة والشباب والمساهمة في إجلاء هذا البؤس الذي أصبح يغزو العالم.

ودعت ياسمينة الصبيحي إلى التسلح بالقيم الجمالية والروحية وبالمحبة والتسامح لتجاوز هذه الفتن والصعوبات التي يجتازها العالم في الوقت الراهن، وكذلك من أجل تمهيد الطريق للأجيال القادمة وتلقينهم تربية ومنهج سليم مبني على المحبة والقيم والجمال.

واعتبرت أن المحبة هي أساس الوجود الإنساني، لأنها سلاح قوي قادر على الوقوف في وجه كل أشكال التمييز والتنافر والكراهية والحروب التي يخوضها الإنسان ضد أخيه في جميع بقاع الأرض.

أما عن اختيار "الوليات الصالحات" كموضوع لكتابها، فأشارت إلى أنها قامت برحلة من مسقط رأسها فاس "وسط المغرب" إلى منطقة سوس وفي طريقها كانت تصادف مدارس عتيقة شيدتها نساء هن وليات صالحات عالمات وذاكرات، لكنهن لم ينلن حقهن من التوثيق والاعتراف، وهو ما أرجعته الباحثة إلى نهج "السرية" في كل ما يقمن به وكذلك الإهمال.

وأوضحت أنها أثناء مرورها بهذه المدارس جالست أشخاصاً وسمعت عنهم روايات شفوية ووقفت على حجم مساهمة النساء في تعليم الناس، وإيواء طالبي العلم وتدريسهم داخل الزوايا والمدارس العتيقة، لكن لا أحد تحدث عن دورهن عبر التاريخ، كما أنها وأثناء قيامها بالبحث، وقفت على ندرة المصادر والمراجع التي تتحدث عن هؤلاء النساء.

ولفتت إلى أن هذه الزوايا بمنطقة سوس كانت تقوم بدور اجتماعي مهم، حيث كانت تحتضن النساء بدون مأوى، وتوفر لهن الطعام وتعالجهن من الأمراض والعلل، وهي حقائق وقفت عليها الكاتبة أثناء زياراتها المتكررة لهذه المزايا المنتشرة عبر ربوع المغرب، الشيء الذي دفعها إلى تقديم شهادتها بين دفتي الكتاب.

ووجهت ياسمين الصبيحي دعوة للشباب للعودة إلى التربية الروحانية والاهتمام بالتراث، للحد من ظاهرة  الانتحار والإقبال على المخدرات، مؤكدةً أن القيم  المبنية على المحبة والتسامح هي بمثابة شعلة من الأمل قادرة على إظهار الطريق للأجيال القادمة وسط العتمة المحيطة بنا.