مهجرة من عفرين تحاكي واقع النساء بفن النحت

يعد النحت أحد فروع الفنون المرئية والتشكيلية، يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد، ويمارس هذا الفن على الصخور والمعادن والخزف والخشب ومواد أخرى.

سيبيلييا الإبراهيم

حلب ـ تحاكي الفنانة التشكيلية أمل إيبش من خلال فن النحت الذي يعد أحد جوانب الإبداع ووسيلة للتعبير عما يخالج النفس ونقل لثقافة الأجداد، واقع النساء في مدينتها عفرين بشمال وشرق سوريا.

تقول الفنانة التشكيلية أمل إيبش البالغة من العمر 35 عاماً، وهي مهجرة من مدينة عفرين بشمال وشرق سوريا، أن "الفن جزء لا يتجزأ عن الإنسان" فهو قد ارتبط به منذ العصور القديمة وتم تناقلها عبر مختلف الحضارات، مشيرةً إلى أنها إحدى لغات التعبير عما يخالج الإنسان من مشاعر وأفكار، ووسيلة لإبراز الثقافة.

وأوضحت أمل إيبش التي تعمل على نحت المجسمات في مركز الهلال الذهبي بمدينة حلب وتعليم الفتيات للنهوض بهذا الفن في المنطقة "منذ أن كنت طفلة اكتشفت عائلتي موهبتي في الرسم حيث كنت أضع المجلات وغيرها أمامي وأقوم بالرسم، فشجعوني على الاستمرار"، مشيرةً إلى أنها عملت على صقل موهبتها، حتى بات تسعى لمعرفة كل ما هو متعلق بالرسم.

وكغيرها من الفتيات واجهت العديد من الصعوبات خلال رحلتها في امتهان الرسم، من بينها تحدي المجتمع الذي سعى لكسر إرادتها، إلا أنها كانت أقوى واستطاعت المضي في طريق النجاح "كان لعائلتي الدور الأبرز لما وصلت إليه اليوم، بالرغم من الصعوبات التي واجهتها من قبل البيئة المحيطة بي حيث كانوا يقولون ما هذا الفن الذي تعلمته، كانوا ينظرون للفن بأنواعه المختلفة نظرة دونية ولم يعطوها أي أهمية".

وحول كيفية تخطيها الصعوبات التي واجهتها توضح "عملت على تطوير ذاتي وإثبات نفسي وموهبتي، وتعرفت على كل ما يخص فن الرسم والنحت على وجه الخصوص، فمن خلال أعمالي استطعت تغيير نظرة المجتمع للمرأة والفن كذلك، حتى أن هؤلاء الذين انتقدوني في البداية أصبحوا اليوم من أبرز مشجعيني".

وشاركت أمل إيبش في العديد من معارض النحت والرسم بداية من تلك التي كانت تقام في مدرستها ومن ثم المعارض المشتركة، وبعد عام من تسجيلها في المعهد العالي للفنون الجميلة فرع الرسم والنحت في حلب عام 2007، شاركت في معرض تشرين للفنون الجميلة في ذات المدينة.

وأشارت إلى أن معظم لوحاتها ومنحوتاتها تعبر عن الأم والطبيعة "معظم اللوحات والمنحوتات التي أنجزتها تظهر حقيقة المرأة ومعاناتها ونضالها ومقاومتها، أسعى لإيصال رسالة مفادها أن النساء صاحبات قرار وبإمكانهن رسم طريقهن ومسيرة نضالهن"، لافتةً إلى أنه يجب منح النساء الفرصة لإبراز إبداعاتهن.

وأضافت "لدي العديد من اللوحات التي أحاول من خلالها إظهار حقيقة المرأة ومنها لوحة "فينوس" إلهة الحب والجمال، فهي منحوتة معروفة بالحضارات اليونانية، كما أسعى لإبراز المناضلات والتضحيات التي قدمنها خلال مقاومة عفرين، اللواتي سطر أسمائهن في التاريخ كالشهيدة أفيستا خابور وبارين كوباني".

وعن علاقة المرأة وارتباطها بفن النحت تقول أمل إيبش "للمرأة دور بارز في الحفاظ على الثقافة، فمن خلال الفن تعبر عن مشاعرها وتوصلها لجميع أنحاء العالم، حيث أنهن تجدن الصعوبة في التعبير عما تشعرن به ولا تجدن من يفهمهن لذا تلجأن لأنواع الفن المختلفة"، مشيرةً إلى أن المجسمات العائدة للحضارة المصرية القديمة والرومانية واليونانية تدل على مدى قدم فن النحت.

وحول كيفية النحت ومراحلها توضح أنها في البداية تحضر الطين وله أنواع عديدة لكل واحدة منها خصائصها التي تميزها عن غيرها، منها الطين المائي، والطين الخزفي، وورق الطين، أو الطين الزيتي كطين البوليمر، موضحة "أقوم بالنحت على الصلصال الذي نقوم بوضعه في الماء لمدة يومين إلى أن تصبح لينة على شكل عجينة، ومن ثم تأتي عملية التكوين"، مشيرةً إلى أن للنحت ثلاثة أنواع "البارز، والغائر والمجسم"، لافتةً إلى أن البارز منه يكون عبارة أشكال مرسومة بارزة للخارج.

وأضافت "أما النحت الغائر في البداية نرسم الشكل الذي نوده وبعدها نقوم بتفريغه، بينما ن المجسم أي الكركاز هو بمثابة الهيكل المجسم ففي بداية صناعتها نقوم برسم المجسم بالكركاز وهي عبارة عن أسلاك حديد عريضة أو سلك رفيع يتم تثبيتها على القاعدة وتجهيز المجسم المناسب وبعدها نقوم بوضع الطين على المجسم وفي نهاية المطاف تأتي مرحلة القالب وبعد ان تجف تماماً نقوم بغسلها من الطين ودهنها بمادة عازلة كالفازلين أو الزيت، وأخيراً نقوم بكسر القالب فتكون المنحوتة جاهزة للتلوين".