محاولات لحماية المباني الأثرية بمدينة غزة

يضم قطاع غزة مئات المواقع والمباني الأثرية القديمة التي تحاول وزارة السياحة والآثار الفلسطينية الحفاظ عليها من تغيرات المناخ المختلفة أو بعض التجاوزات التي يقدم عليها الأهالي.

رفيف اسليم

غزة ـ أنشأت مدينة غزة على أنقاض عدة مدن أثرية، فجمعت بين الحضارات المختلفة كاليونانية، والرومانية، والبيزنطية، والإسلامية وما قبلهم الحضارة الكنعانية وعصور ما قبل التاريخ كالبرونزي والحديدي.

تعمل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية للحفاظ على الآثار الموجودة في قطاع غزة والتي تتعرض للعديد من التحديات، وحول هذه الجهود تقول الباحثة في علم الأثار بالوزارة هيام البيطار، أن مدينة غزة تحتوي على 114 موقع أثري متنوعاً ما بين مساجد وكنائس وحمامات وأسبلة وأسبطة.

وأرجعت سبب تواجد هذا العدد الكبير من المواقع بالرغم من صغر مساحة المدينة كونها تعتبر أقدم مدن العالم التي شكلت معبر طرق يصلها بكافة البلدان، فوفقاً للموقع الدولي تصل بين قارتي آسيا وأفريقيا، أما بالنسبة للعالم العربي فهي محور جغرافي هام تربط بين مصر ودول شمال وشرق حوض البحر الأبيض المتوسط.

وقد استضافت مدينة غزة وفقاً لحديث هيام البيطار أقدم حضارات العالم كالأشورية والفرعونية والبابلية والفينيقية والفارسية، مما ساهم في نشوء العديد من التفاعلات الحضارية على أرضها بقي منها اليوم العديد من الأطلال كمؤشر على وجودها مثل مدينة (رافيا) رفح حالياً وتل الرقيش بدير البلح والآنثيدون التي تعود للعصور التي سبق الحديث عنها، بالإضافة إلى العديد من المباني والبيوت.

وتعتبر البلدة القديمة بحسب هيام البيطار المكان الذي يجمع مئات الأماكن والبيوت الأثرية في قطاع غزة والتي شيدت منذ الفترة العثمانية والمملوكية وربما البيزنطية وما قبلها مشكلة أهم الركائز العمرانية التراثية داخلها، فيما بنيت البلدة ذاتها ع تلة ليرى من مشارفها حدود المدينة التي تصلها مع العالم، وهذا ما جعلها تحظى بعناية واهتمام جميع الملوك والسلاطين الذي تولوا حكمها.

وتلفت هيام البيطار إلى أن تلك البيوت وضع لها مندوب خاص من قبل وزارة السياحة مهمته متابعة الأوضاع في البلدة القديمة، ورفع التقارير بشكل دوري للوزارة عنها، مبينةً أنه بالإضافة لذلك وضعت لجنة مكونة من وزارة السياحة ووزارة الحكم المحلي وبلدية غزة لزيارة تلك البيوت والتأكد من أن مالكيها يولونها عنايتهم، ولمعرفة مقدار الضرر الذي يلحق بكل منزل على حدة، باعتبارها تراث يسطر تاريخ البلاد.

وأشارت إلى أنه يتم محاسبة المخالفين وفقاً للمادة 18 من القانون لسنة 1929، في الفقرة (ج) "لا يجوز لأي شخص أن يهدم أي بناء تاريخي أو يزيل أي قسم منه دون إذن من مدير الدائرة" في الوزارة، لذلك يعاقب أي مالك بتعديه على تلك الأبنية من خلال الملاحقة القانونية، وتشهد أروقة محاكم القطاع على العديد من الملاحقات القانونية والإجراءات التي تم اتخاذها بحقهم.

ولا تنكر هيام البيطار أنه في حال البيوت الآيلة للسقوط يتم مراعاة مصلحة وحياة الأهالي فيتدخل عدد من الخبراء الذين يجمعوا على ضرورة هدم المنزل، وفي تلك الحالة فقط يحق للمالك هدمه، مبينةً أن "الانتداب البريطاني والاحتلال الإسرائيلي ألحقوا أضرار جسيمة بتلك المباني خلال قصفها بالمدفعيات أو عبر الطائرات منذ الحرب العالمية الأولى عام 1917 وحتى الهجمات المتتالية على غزة اليوم".

وتلفت هيام البيطار إلى أن الوزارة تواجه عدة مشكلات مع أصحاب تلك البيوت خاصةً عندما يكون المنزل ميراث لعدد من الأشخاص ويرغبون ببيعه أو هدمه فيتم بيعه بثمن زهيد، مستدركةً أن التعديات التي تحدث من هدم وإزالة تتم دون إذن الوزارة لأن أصحابها يستغلون فترات الطوارئ والعطل الرسمية الحكومية والحروب التي تستمر ربما لعدة أسابيع التي قد يتوقف عبرها النشاط الرقابي، من أجل التخلص من المبنى.

أما بالنسبة للإصلاحات فتفيد هيام البيطار أن جميع المباني الأثرية في تلك المنطقة تحديداً تحتاج لإعادة الترميم لكن ذلك متوقف على التمويل الذي يأتي من الخارج لإعادة إحياء المبنى وفق طرازه المعماري القديم، موضحةً أنه تم مؤخراً ترميم عدد من المنازل كبيت السقا الأثري والعشي وحتحت بالإضافة إلى ترميم حمام السمرة الذي لم ينتهي بعد.

وتخضع عملية الترميم تلك كما أوضحت هيام البيطار لخبراء من علم الآثار الذين يتولون دراسة المبنى والطراز المعماري الذي أنشأ عليه حتى يتم معرفة الفترة الزمنية التي أنشأ خلالها والمواد اللازمة لعملية الترميم التي تضاهي تلك القديمة وتحافظ على ذات الطابع الجمالي وفق للمحددات التي يتم الاتفاق عليها وباستخدام الطرق المناسبة.