محاولات إقصاء النساء من المجال الفني في إيران

تقول إسرين زاده إنه "في المجتمع الإيراني، لمجرد كوننا نساء فعلينا الغناء سراً أي لأنفسنا فقط، فقد قيل لنا ونحن صغار أنه لا ينبغي علينا التحدث بصوت عالٍ في الأماكن العامة، ناهيك عن الغناء".

جوان كرمي

ديوانداره ـ تحظر السلطات الإيرانية منذ سنوات بث وإذاعة الأغاني بصوت النساء في إيران، سواء على شكل ألبومات أو مقاطع فيديو، كما أنها تمنع غناء النساء بمفردهن في الحفلات الموسيقية أو أي عرض آخر على المنصة.

تقول إسرين زاده (اسم مستعار) وهي من بين النساء والشابات المهتمات بالغناء، أنه بالرغم من موهبتها الكبيرة واهتمامها بالفن، إلا أن عوامل كثيرة منعتها من ممارسة فن الموسيقى والغناء "هناك العديد من النساء اللواتي لديهن آلاف المواهب والاهتمامات، ولكن فقط لكونهن نساء فإنهن لا تستطعن التألق والاستمرار في تنمية مواهبهن في ظل مجتمع قائم على المعايير الأبوية".

وأوضحت أنها "منذ أن كنت طفلة أحببت الموسيقى، وخاصة الموسيقى والأغاني الكردية. عندما كنت أعمل أو أنسج السجاد، كنت أحلم دائماً بأن أصبح مغنية مشهورة. لطالما واجهت الموسيقى النسائية مشاكل وقيوداً، ففي الوقت الذي ازداد فيه حضور النساء في المجال الفني وخاصة الغنائي منه، اشتدت الهجمات ومحاولات الإقصاء ضدهن".

وحول مدى تأثير تحريم أصوات النساء في إيران من قدرتهن على الغناء وصقل مواهبهن، تقول "الفن يجذبني بكافة أشكاله سواء كان شعراً أو موسيقى أو غناء وغيره، تخيل الآن أن الفن بهذه القوة والجمال لا يمكن أن يكون في أيدي النساء"، مشيرةً إلى أن التحيز ضدهن يرجع أساساً لأسباب ثقافية ودينية متجذرة في التاريخ فقد كان للنساء في إيران حضور محدود في مجال الأنشطة الموسيقية ولم يكن بمقدورهن الغناء إلا في المجالس النسائية.

ولفتت إلى أنه "في المجتمع الإيراني، لمجرد كوننا نساء فعلينا الغناء سراً أي لأنفسنا فقط، فقد قيل لنا ونحن صغار أنه لا ينبغي علينا التحدث بصوت عالٍ في الأماكن العامة، ناهيك عن الغناء، أحياناً عندما يسمع والدي صوتي، يقول لي أنه لا يجب أن أدع شخصاً غريباً يسمع صوتي لأنه ممنوع".

وعن تجربتها والمشاكل التي تواجهها في سعيها لتحقيق حلمها بالغناء توضح "كنت أغني دائماً مع صديقتي، كلانا نحلم بالغناء بصوت عالٍ يوماً ما أمام الجميع ودون خوف، لكن القيود الثقافية والاجتماعية لا تزال سائدة حتى أن العديد من المغنيات تستخدمن أسماء مستعارة لإخفاء هويتهن وعادة لا تدعمهن عائلاتهن".

وأكدت على أن العديد من النساء كسرن المحظورات وتغنين منفردات اليوم، لافتةً إلى أن شرق كردستان وإيران شاهدتان على ذلك "لا تزال النساء تواجهن العديد من العقبات والصعوبات في التعامل مع فن الغناء في البلاد، فإذا أرادت مغنية محترفة ووصلت إلى مستوى الماجستير بعد سنوات من الممارسة والجهد أن تؤدي أغنية على المسرح، فعليها دعوة مغنين آخرين من النساء والرجال للغناء معها".

وأشارت إلى أنه لا يحق للنساء التدريب على الغناء في الأماكن المخصصة لذلك والأماكن العامة وكذلك إصدار الألبومات، بينما يحق ذلك للرجال "هذا الظلم لا يضطهد حقوق النساء فقط بل يدمر جزء أساسي من الفن والموسيقى بشكل غير مباشر".

وحول كيفية كسر النساء لهذه الجدران والسلاسل التي تقيدهن تقول "إن النساء ضحايا للتمييز بين الجنسين في جميع البلدان ولكنه يختلف من بلد لآخر وفق الظروف والمجتمع الذي تعشن فيه، وفي إيران تواجه المرأة النظرة المتحيزة جنسياً والأبوية، فلا يمكنها العمل بسهولة في أي مجال".

ودعت في ختام حديثها جميع النساء والفتيات لتوعية المجتمع "علينا رفع علم المساواة والحرية والإنسانية على قمة كل مدينة. أتمنى أن تستطيع النساء الغناء يوماً ما دون قيود في إيران، وألا ينتهك حقوق المغنيات".