للفن المسرحي دور في إبراز قضايا المرأة ومعاناتها

تحاول الفنانة المسرحية من خلال عملها لفت الأنظار لقضايا المرأة المسكوت عنها ومعالجتها، وتسعى لتعزيز المساواة بين الجنسين.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ من خلال العمل المسرحي استطاعت الفنانة أمينة دشراوي تسليط الضوء على واقع المرأة في المجتمع، ولفتت أنظار العالم ومحبي العمل المسرحي لجوانب عديدة من حياة المرأة.

الممثلة والمخرجة المسرحية أمينة دشراوي تمكنت من خلال مسرحياتها تسليط الضوء على معاناة المرأة في تونس، ففي مسرحيتها الأخيرة التي جاءت تحت عنوان "شعلة" بلفت الأنظار إلى ما تتعرض له طالبات الجامعات من تحرش جنسي في العديد من دول العالم منها تونس.

كما أن نص المسرحية تحدث عن السلطة الذكورية التي تعد من الأسباب الرئيسية للصراع الدائر بين المرأة والرجل الذي يرفض الاعتراف بالمكانة التي وصلت إليها، وعن سبب اختيارها لهذه القضية لمسرحيتها بالتحديد هو لكونها امرأة وباحثة في المجال المسرحي وفنانة تفضل تسليط الضوء على القضايا التي تهم المرأة وتصب في مصالحها.

وأوضحت أنها خلال تواجدها في مدينة تطاوين جنوب شرق البلاد استمعت للعديد من النساء اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي، كما أن هذه الظاهرة يتم بشكل مستمر طرحها على مواقع التواصل الاجتماعي مع ذكر شهادات لضحاياها "أردت لفت الأنظار للقضايا المسكوت عنها كالتحرش الجنسي الذي تتعرض له العديد من النساء، فهذه الجريمة تأثر عليهن نفسياً واجتماعياً كونهن تفضلن الصمت بسبب عدم وجود من يناصرهن ويقف إلى جانبهن، ومن هنا أعتقد أنه من واجب المسرح أن يطرح هذا النوع من القضايا، وكامرأة أتعرض للمضايقة لكن أنا لم ألتزم الصمت على عكس الكثير من النساء، لذلك أطلقت اسم شعلة على الطالبة ضحية التحرش التي رفضت الصمت وفضحت الجاني".

وأشارت إلى أن "المرأة تتعرض للكثير من أنواع العنف بحكم عيشها في مجتمع أبوي ذكوري توارثت أجياله الذهنية الذكورية، لذلك اخترت ظاهرة التحرش في الحرم الجامعي ولأنه من الأمور المقلقة القائمة على استغلال السلطة في المؤسسات التعليمية، ومع الأسف اعتدنا في مجتمعاتنا أن من يتكلم أولاً فهو الضحية حتى لو كان الجاني، لذلك سيضيع حق الضحية الحقيقية التي فضلت الصمت".

وأما عن الصعوبات التي يعانيها القطاع الفني والثقافي والمسرحي بصفة خاصة قالت أمينة الدشراوي "عندما نتحدث عن القطاع المسرحي فإننا نتحدث عن قطاع نبيل، لكن ما جعل هذا القطاع يحيد عن أهدافه السامية هو أن القائمين عليه يعتقدون أن الأرباح المادية هي المهمة أو أنه سيكون طريقاً لهم حتى يصلوا إلى سلطة أو ربما سيحققون من خلاله بعض الغايات السياسية، لكن ما يحز في النفس أن أبناء هذا القطاع يدعون بعضهم البعض للمتاجرة بالفن، لكن الفنان الحقيقي هو الذي يحافظ على أهدافه السامية التي دفعته لدخول عالم المسرح".

وأضافت "أما على الصعيد الشخصي فقد عانيت من صعوبات عديدة ولا زلت وأبرزها العقلية الذكورية، وعلى الرغم من محاولاتي الدائمة لفرض ذاتي إلا أنني في كثير من الأحيان أواجه نوع من العداء من قبل عدد من المخرجين المسرحيين، ولا أفضل القول إنني أعاني فأنا لا أفضل مفردات البكائيات بل أفضل قول إنه لشرف كبير لي أن أكون امرأة تفرض نفسها وتكتب وتكون بين المسرحيين والمخرجيين في تونس".

وعن بداياتها تقول "لدي أكثر من 12 عملاً كممثلة و4 أعمال في الإخراج وهي في نفس الأهمية بالنسبة لي، لكن سأتطرق لمسرحية امرأة التي مثلت فيها مع الفنانة زهيرة بن عمار عندما كنت في العشرينات من عمري، تتضمن الرقص والتعابير الجسدية والإلقاء وافتخر كثيراً بالعمل معها فقد قمن بفضلها بعروض كثيرة داخل تونس وخارجها، ومن المسرحيات التي قمت فيها بأدوار مهمة أيضاً مسرحية في "مديح الموت" نصها مستوحى عن رواية "انقطاعات الموت" ولازالت عروضها متواصلة، لقد لعبت أدوار مختلفة فيها وهو ليس بالأمر السهل، والرسالة المراد إيصالها من خلال هذه المسرحية أن الإنسان يبقى خالداً والموت لن يستطيع هزيمته".

كما لها مسرحية بعنوان "طروف" سوف تعرض في لندن تتحدث فيها عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي عانتها النساء في فلسطين في فترة ما بعد النكبة من تهجير وتشريد، وهي مسرحية بعيدة عن الشعارات تتحدث عن الواقع البسيط والمعقد في نفس الوقت، كما أوضحت أمينة الدشراوي.

أما عن مجال الإخراج فقد قالت "أخرجت أربع مسرحيات الأولى "حلم ليلة صيف" تسلط الضوء على العلاقات في المجتمع ومدى ترابطها والثانية "المستلبسة" التي تحدث نصها عن رحلة البحث عن السعادة وتحقيق الذات، أما المسرحية الثالثة فهي "قرعة العطش" التي اعتز بإخراجها كثيراً فقد عملت فيها مع المتسربين/ات عن الدراسة والعاطلين/ات عن العمل، ومسرحية "شعلة" كان آخرها".

وعن دور المرأة في الفن المسرحي قالت أمينة الدشراوي "يمكن القول إنه لا يوجد عدد كافي من النساء المشاركات سواء في كتابة النصوص أو الإخراج أو التمثيل، ففي كثير من الأحيان نرى شابة تتقد طاقة وحيوية في التمثيل لكن الحياة الاجتماعية وتأسيس عائلة أبرز معوقاتها حيث تتضاعف مسؤولياتها التي تؤثر على حياتها الثقافية وأعمالها الفنية، لكن هذا يجب ألا يمنع وجود ممثلات وكاتبات في تونس تقدمن أعمال متقنة وتطرحن قضايا تهم المرأة".