'لكل إنسان سلاح يدافع فيه عن وطنه وأنا سلاحي قلمي'

تستنبط الكاتبة كوثر مارديني جميع قصصها وكتاباتها من الواقع المعاش في مناطق شمال وشرق سوريا.

دلال رمضان

الحسكة ـ تسعى الكاتبة كوثر مارديني من خلال القصص والمقالات النقدية التي تكتبها، لتوثيق ما يتعرض له أهالي شمال وشرق سوريا، وإيصال معاناتهم إلى العالم أجمع.

ولدت الكاتبة كوثر مارديني في مدينة الحسكة بشمال وشرق سوريا عام 1973، وهي أم لثلاثة أطفال، عملت مدرسة للغة العربية منذ عام 1993، بدأت بكتابة القصص القصيرة مع بدء الثورة في مناطق شمال وشرق سوريا.

أوضحت كوثر مارديني أنه قبل ثورة روج آفا لم تفكر أبداً في كتابة القصص والروايات بالرغم من أنها كانت تجيد ذلك منذ صغرها "عندما كنت في المرحلة الابتدائية من المدرسة، كان المعلم أو المعلمة يطلبون من الطلبة كتابة مواضيع على شبه قصص، كنت آنذاك اكتب كل ما كان يجول في خاطري، لقد كانوا يتعجبون من طريقة كتابتي، حاولت كثيراً لاحقاً أن أكتب بعض القصص التي كانت تدور أحداثها في مخيلتي لكنني كنت أخجل وأخشى استهزاء الآخرين بها، ليبقى هاجس الكتابة يلاحقني".

وأشارت إلى أن جميع كتاباتها تسلط الضوء على الواقع المعاش اليوم "مع بدء الثورة التي عرفت بثورة المرأة أتيح لنا المجال للمشاركة في كافة المجالات والتعبير بحرية عن رأينا وأفكارنا، ومنحتنا الفرصة للتعرف على الواقع والتعمق به، وخاصة المرأة التي كان دورها محصوراً في المنزل وتربية الأطفال، بدأت الكتابة عن واقع المنطقة، بالإضافة إلى التطرق لآثار الحروب والدمار اللاحق بالمنطقة تحت اسم مستعار ألا وهو (نسرين آكري)".

وترى كوثر مارديني كان من واجبها أن توثق عبر كتبها ومقالاتها المرحلة الحساسة التي كانت تمر بها المنطقة، وتعبر عن حبها لبلادها وشعبها، ومآسيهم من خلال قلمها، مشيرةً إلى أن معظم القصص التي كتبتها كانت المرأة تأخذ الحيز الأكبر منها "عانت المرأة كثيراً نتيجة العادات والتقاليد البالية التي كانت تحد من حريتها، لذا معظم قصصي تتحدث عن معاناتها".

ولفتت إلى أنه "بالرغم من أن النساء قبل الثورة كان باستطاعتهن إتمام تعليمهن ومنهن من أصبحن طبيبات ومهندسات ومحاميات وغيرها، إلا أنهن لم تكن تتمتعن بحريتهن كما اليوم، فالعادات والتقاليد البالية كان لها تأثير سلبي كبير عليهن، فأول قصة كتبتها كانت باسم "جيان" أي بمعنى الحياة، وهي قصة فتاة تعرضت للظلم واستعبدت من قبل عائلتها ومن ثم زوجها، ومن ثم كتبت قصة والدة الشهيدة هفرين خلف، وكيف كانت تهاجم الدوريات التركية أثناء دخولهم إلى الأراضي السورية، وتقذفهم بالحجارة بكل قوة رداً على ممارساتهم الشنيعة ومحاولة منها للانتقام لابنتها، كما كتبت قصة تتطرق إلى الانفجار الذي شهده إحدى أفران مدينة الحسكة والتي راح ضحيتها العشرات بينهم أطفال كانوا يودون الحصول على الخبز صباح يوم العيد"، مشيرةً إلى أنه هناك العديد من القصص التي كتبتها من صلب الواقع "كل ما أراه أحوله إلى قصة".

وأوضحت أنها تعمل على جمع كافة القصص التي كتبتها في كتاب واحد وطبعها، ولكن إلى الآن لم تختر اسماً مناسباً له، والذي سينتهي بعد عدة أشهر من الآن.

وإلى جانب القصص تكتب كوثر مارديني المقالات النقدية "أول مقال كتبته كان بعد التفجير الذي نفذه مرتزقة داعش في مدينة الحسكة عام 2015، عندما كان الأهالي يحتفلون بليلة عيد النوروز، لقد كنت في موقع الانفجار آنذاك حيث كنت احتفل مع عائلتي والأهالي، أودى الانفجار في تلك الليلة بحياة العشرات وقد كان ابن أخي من بين الذين فقدوا حياتهم، وهو ما أثر عليّ، ومن هنا تتالت كتاباتي"، مشيرةً إلى أنها فيما بعد كتبت عن وحدات حماية الشعب والمرأة، والفئة الشابة ودورهم في المنطقة والدفاع عنها والتضحيات التي قدموها "لكل فرد سلاحه الخاص وأنا سلاحي هو قلمي".

وعن نشاطاتها المختلفة تقول "أشارك في المحاضرات والندوات الحوارية المتعلقة بتسليط الضوء على الواقع الاجتماعي والسياسي في المنطقة، وكافة المناسبات الفنية والأدبية، كما أنني حصلت على الجائزة الأولى في مهرجان أدب وفن المرأة للقصة".

ووجهت رسالة إلى كافة نساء شمال وشرق سوريا مفادها "يجب على المرأة ألا تستسلم وتضع نفسها في قوقعة معينة، وأن تتعلم وتثقف نفسها من أجل أطفالها وبناء جيل متحرر ومتطور، وعليها المشاركة في كافة مجالات الحياة، ولكل امرأة طاقة وموهبة يجب عليها أن تفجرها وأن تكسر حاجز الصمت وأن تظهر ذاتها وتتحدى فيها العادات والتقاليد البالية المقيدة"، مشددةً على ضرورة إيصال معاناة مختلف الشعوب إلى العالم أجمع بأي طريقة كانت سواء عبر المسرح أو الرسم أو الكتابة وغيرها.