كاتبة مُهجرة تُشهر قلمها في وجه الاحتلال وتُدون الآلام والمعاناة في رواياتها

تدون زوزان محمد آلام مهجري عفرين، ومقاومتهم، ومعاناة أطفالهم، والرّسائل التي يوجهها العدو لهم، عبر رواياتها وكتاباتها، ومن خلال مشاركتها في معارض الكتب والمسابقات الأدبية تعمل على نشر هذه الرسالة

فيدان عبد الله 
الشهباء ـ
زوزان محمد (30 عاماً) من أهالي ناحية شرا بمقاطعة عفرين في شمال وشرق سوريا، درست مجال الهندسة الكهربائية بجامعة حلب، اكشفت معلمتها موهبتها وهي في المرحلة الثانوية وشجعتها على تنميتها وصقلها، فكانت ثورة روج آفا الدَّافع لتطوير وتنمية تلك الموهبة في الكتابة والتعبير بلغتها الأم، لتصبح مقاومة العصر البركان الذي فجر مشاعر الابداع ودفعها لتدوين مواقف شعبها ضمن صفحات التاريخ.  
قالت إنها كتبت للمرة الأولى قصة "عندما كنتُ في الثَّانية عشر باشرتُ بقراءة القصص القصيرة للأطفال، ورويداً رويداً زادت رغبتي في الكتابة والتَّعبير عما أشعر به".
وتضيف "تشجيع معلمتي وجلبها الكتب لي، ودعمها في إعداد حلقات بحث عن الكتب، أعطاني الحافز للتطور وخوض غمار الكتابة دون تردد، إذ أعددتُ خلال فترة وجيزة ما يقارب 62 حلقة بحث عن كتب متنوعة ومواضيع مختلفة".
وعملت على إظهار إبداعها وتفوقها المميز في المجتمع السوري "قررتُ المشاركة في مسابقة بعنوان سوريا الحضن الدافئ، الذي نُظم على المستوى السوري عندما كنت في المرحلة الثانوية، فكتبت مسلسل من 300 صفحة، وأرسلتها إلى العاصمة دمشق، إلا أنه قوبل بالرفض من قبل النظام السوري، بحجة أنني صغيرة السَّن، وأن ذلك مخالف لشروط المسابقة لمنعي من المشاركة فيها". 
تأثرت بشكل كبير من عدم قبولها في المسابقة، إلا أنها لم تستسلم، بل زادت إصراراً على قراءة القصص والكتب "سعيتُ بكل قوة لتطوير نفسي في الكتابة، ومع اندلاع ثورة روج آفا 19 تموز/يوليو 2012، درستُ اللغة الكردية، فكنت من أوائل المعلمات في اللغة بعفرين". 
وبعد تعمقها في قواعد وأساسيات اللغة الكردية، عملت على ترجمة روايتها "حناجر ممزقة" من العربية إلى الكردية، "ركزت على المرأة التي عاشت تحت حكم الآغاوات في عصور اتسمت بالفوضوية، وعاطفتها لحماية أطفالها".
وألفت بعدها روايتيها الثانية والثالثة، وأشارت إلى أنها ترعرعت في كنف عائلة سيطرت عليها الذهنية الذكورية السلطوية، لذا كان يحق للفتيان إتمام تعليمهم عكس الفتيات "برهنتُ للمجتمع فيما بعد أني ذات إرادة ومكانة، عبر شغفي بالقراءة والكتابة".
وواجهت زوزان محمد صعوبة في الكتابة باللغة الكردية، إذ أنها لم تكن قادرة على ترجمة بعض الكلمات، ولم يكن هنالك قاموس شامل للغة الكردية، إضافة للاعتبارات التي وضعتها العادات والتَّقاليد عن كون الفتاة لا يجب أن تركز على هذه الأمور لأنها لا تفيدها في المستقبل.
ولعل من أبرز العوائق التي واجهتها هي طباعة رواياتها، ولا سيما مع افتقار منطقتها للمطابع، ولعل إبداعها الحقيقي تفجر أكثر مع خروجها من مقاطعة عفرين قسراً في عام 2018، "شهدتُ على مقاومة بطولية عاشها الأهالي والمقاتلين في عفرين وفي المخيمات عقب النّزوح، وهذه المشاهد وحدها كانت كفيلة باستقطاب الإلهام".
وألفت عن هذه المرحلة روايتين طبعت إحداهما بعنوان "رسالة عفرين"، أظهرت من خلالها ما عايشته خلال القصف والرسالة التي رغب العدو بإيصالها، والوحشية التي غلبت على طابع أسلوبه خلال الاحتلال، وشاركت فيها قبل عامين في إحدى المسابقات.
أما روايتها "الابتسامة" صورت عبرها شخصية امرأة طاعنة في السّن، شهدت على مقاومة مقاتلي كوباني خلال هجوم مرتزقة داعش على المدينة، وأرادت عبرها أن توضح أن لكل مأساة جانب فكاهي لطيف يختلف عن غيره، كما قالت. 
وشاركت زوزان محمد في رواية "الحناجر الممزقة" بمهرجان "القلم" الذي نُظم في عفرين قبيل الاحتلال التركي، وحازت شهادة شكر من اللجنة التّحضيرية، وشاركت في معرض الشهيد هركول بعامه الخامس الذي انطلق في 29 تموز/يوليو الجاري.
كما وتشارك كتاباتها في عدة مجلات وصحف منها مجلة شرمولا الأدبية والثقافية، التي نشرت في عام 2019، حيث شاركت مقتطف من كتاباتها حول مقاومة البرلمانية ليلى كوفن "كان يتضمن إضرابها عن الطّعام، انطلاقاً من أن هذه المقاومة صرخة روح تهز الوجدان، وتُحطم الحواجز، وهي صدى كل امرأة زهرة كردستانية".
وتعمل في الوقت الراهن على إعداد روايتها الرابعة، تقول "تتحدث روايتي الجديدة عن أربع أطفال يمثلون أجزاء كردستان الأربعة، وسأركز على الجانب الاجتماعي وتأثير الحروب على حياة الأطفال".
وتؤكد زوزان محمد أن هذا العصر هو الأمثل للكتابة، فجميع الإمكانيات متوفرة ولا سيما بعد ثورة روج آفا "المرأة قادرة على الإبداع والانطلاق بحرية، لذا أصبحت قادرة على التّعبير براحة أكبر عما تعانيه من مشكلات".