حياكة الصوف حرفة قديمة في دير الزور
تعد مهنة صناعة السدو إحدى أبرز الحرف التقليدية في ريف دير الزور بشمال وشرق سوريا والتي تعكس غنى تراث المنطقة، ورغم تطور أساليب العيش إلا أن عدداً من النساء ما زلن محافظات على هذه الثقافة
زينب خليف
دير الزور ـ .
السدو من الحرف التي يشتهر بها أهل البادية ويستخدم في حياكة هذا النسيج البدوي التقليدي وبر الإبل وشعر الماعز وصوف الأغنام، وتصنع منه الأغطية والسجاد والوسائد والخيام وغيرها.
عمشة المنيف (50) عاماً نازحة من مدينة دير الزور وتقطن حالياً في قرية موزان القريبة من الباغوز في الريف الشرقي، إحدى النساء اللواتي زلن محافظات على تلك المهنة.
بسبب سوء أحوالهم المعيشية وعدم امتلاكهم لمنزل يؤويهم تسكن هي وعائلتها المؤلفة من زوجها وبناتها الثلاثة وأولادها الخمسة في خيمة صغيرة مصنوعة من خيوط القطن وأكياس (الخيشة) والصوف.
تقول إنها صنعت الخيمة بيديها، وتفضل العيش فيها، واصفة إياها بالملائمة لأحوال الطقس حيث أنها باردة صيفاً ودافئة في الشتاء، مشيرةً إلى أنهم اعتادوا على العيش في الخيم.
غزل الصوف ليس مهنة مرتبطة بالنساء قديماً كما تؤكد عمشة المنيف لكن النساء هن من حافظن عليها "مارس الرجال والنساء على حد سواء مهنة صناعة السدو إلا أن النساء كن أشد اتقاناً وبراعة فيها".
في المدينة تشتري النساء صوف الأغنام أما في الريف فيستخلصنه مباشرة، ويبدأن بتنظيفه من الشوائب والأشواك وغيرها، وغسله ثم غزله بـ المغزل المعروف محلياً باسم "الدوك"، وهو عبارة عن قطعة من الخشب ينتهي رأس العمود بقطعة حديدية كالمسمار المعقوف للربط، يتم تحريكه حتى تجتمع الخيوط حوله.
عمشة المنيف التي تعمل في غزل ونسيج الصوف وتتقن الغزل على الدوك تقول إنها ستحافظ عليه دائماً وستعلمه لبناتها وحفيداتها اللواتي يجتمعن حولها عندما تبدأ العمل في ساعات الصباح الباكر.
ما يزال أهالي المنطقة يتداولون خيوط الصوف المغزولة يدوياً في الأسواق لجودتها ويستخدمونها في صنع الخيام وحبال لربط الخيول حيث أنها تتميز بمتانتها وقوة تحملها "هذه الخيوط والقطع التي اصنعها أفضل من الخيوط الجاهزة التي تأتي من المصانع".
عن كيفية عملها قالت إنها تقوم بغزل صوف الأغنام حيث تقوم ببرمه على المغزل للحصول على الخيط، ومن ثم تقوم بمرحلة السدو للحصول على الدرية وهي كرة الصوف حيث تبدأ حياكة "بيت الشعر" الذي يغطي أعلى الخيمة وأيضاً من جوانبها لمقاومة البرد في فصل الشتاء.
اكتسبت عمشة المنيف هذه المهنة من والدتها وجداتها قائلة بأنها كانت ترغب بتعلم مهنة الغزل على الدوك "كنت أنظر إلى جداتي وهن يقمن بالحياكة وإصرارهن على تعليمي وها أنا أعمل الآن في غزل النسيج". مضيفةً "اثناء قيامي بالحياكة بناتي وحفيداتي يستمتعن بالنظر الي لكي يكتسبن الخبرة الكافية ويتقننها بكل حب وشغف وبناتهن سيبقين محافظات على هذه المهنة ويقمن بتعليمها للأجيال القادمة".
وفي الختام أشارت إلى أنه رغم وجود الآلات الحديثة ووجود المصانع إلا أنها لن تتخلى عن عادتها وهناك نساء أيضاً لا يزلن محافظات على تلك المهن القديمة وسيحافظن عليها؛ لأن هذه المهنة تعتبر هواية بالنسبة لنا ومهنة ممتعة ومسلية.