في المسرح تعد "القدم الحافية" انتفاضة ضد السلطة

ناضلت النساء دائماً على هذه الجغرافيا وفي العالم بصعوبة من أجل نيل حقوقهن. انتفضن في كل وقت ضد السلطة حتى بأقدامٍ حافية، من هنا جاء اسمنا "القدم الحافية"

زينب بهليفان
مركز الأخبار ـ "، فالمسرح يعلمنا النضال ضد السلطة" هكذا تقول مؤسسة مسرح القدم الحافية سيدا تلبوجا.
تقول عضوة فرقة "القدم الحافية" التي تستمر أعمالها تحت سقف دار الشعب في كارشياكا منذ ثلاث سنوات "لا يمكن للإساءة، القبح، الشر والخطأ التواجد بسهولة في البلد الذي يوجد فيه مسرح". هذه الفرقة تفتح أبواب فنها الأسطوري، ليس من خلف الستار بل مباشرة أمام جميع النساء الراغبات في التجربة. كل الممثلين والعاملين خلف الكواليس في فرقة "القدم الحافية" هم من النساء. ترغب الفرقة بانضمام المزيد من النساء إليها في المستقبل وزيادة عددهن. من خلال الدعوة لانضمام النساء في إزمير، تعرفنا على هذه الفرقة عن كثب. تحدثنا مع عضوات القدم الحافية حول القضايا التي تتخذ المرأة أساساً لها، وكيف يمكنهن التعبير عنها من خلال قوة المسرح.
تلفت النساء المنضمات لفرقة القدم الحافية الانتباه إلى أن المسرح يعزز ثقتهن بأنفسهن من ناحية، ومن ناحية أخرى يلعبن دور الوسيط في مجال الفكر. لنصبح معاً شهوداً على نساء فرقة القدم الحافية اللواتي يعملن ويبذلن الجهد من أجل فن المسرح. 
 
"المسرح يعلمنا كيف نهزم السلطة"
في الآونة الأخيرة عندما أرادت النساء إيصال وإسماع أصواتهن، كان واضحاً أنهن اكتشفن قوة الفن بشكلٍ جيد للغاية، لهذا وفي قضية المعارضة الاجتماعية، استطعن إسماع أصواتهن ليس فقط في الساحات، بل أحياناً عن طريق فرقة موسيقية، وأحياناً على خشبة المسارح، وأحياناً أخرى من خلال فيلم قصير. إحدى هذه الفرق المسرحية هي فرقة القدم الحافية التي أسستها ممثلة المسرح ذات الخبرة Seda Telbuga سيدا تلبوجا. 
تشير سيدا تلبوجا إلى أنه يمكن للنساء من جميع الأعمار اللواتي لم يسبق لهن خوض تجربة مسرحية الانضمام إليهن وتقول إن "فرقة القدم الحافية قد تأسست وتظافرت بجهدٍ جماعي وأفكار مشتركة".
تقول سيدا تلبوجا "ناضلت النساء دائماً في هذه الجغرافيا وفي العالم جاهدات وبكل ألم للوصول إلى حقوقهن. انتفضت النساء دائماً وخرجن ضد السلطة حتى بأقدام حافية. اسمنا جاء من هنا. يتطلب المسرح جهداً كبيراً والكثير من العمل. هنا يعمل الجميع من أجل كسب لقمة العيش من جهة ومن جهة أخرى يقومون بهذا العمل الشاق. هذا ليس بالأمر السهل على أي امرأة. وأنا أواصل عملي هنا مع أصدقائي ذوي العزم والقوة. حتى الآن قدمنا ثلاثة أعمال كان موضوعها المرأة. أرى أن الجميع يجب أن يمثل في إحدى الأعمال المسرحية مرة واحدة على الأقل في حياتهم. فالمسرح يلعب دوراً مهماً في جعل الحياة أفضل. الجانب الأكثر إثارة في مسرح النساء هو أن النساء يتعلمن أن الكلمات التي يردن قولها موجودة. فالشخص الذي لا يستطيع حماية كل من حقوقه وحياته، لا يستطيع حماية حق الآخرين في الحياة أيضاً. هنا نرى أوجه التقصير وأخطاء بعضنا ونطور أنفسنا ونمضي قدماً. يمكننا أن نسمي عملنا هذا الدراما النفسية".
 
أسطورة المسرح تقضي على الخوف وعدم الجرأة
النساء اللواتي تعرفن على المسرح من خلال القدم الحافية، اقتربن في البداية بخوف وقلق لاعتقادهن أنهن أقل تقنية ولكن أسطورة المسرح سيطرت وقضت على كل أفكارهن ومخاوفهن. تقول زينب جيلان التي تشارك في التدريبات دائماً منذ عامين، إن المسرح كان السبب في إعطائها منظوراً مختلفاً حول العديد من الأشياء في حياتها.  
بيّنت زينب جيلان أن المسرح غيّر حياتها الاجتماعية كثيراً، لذا لم تعد قادرة على الاستسلام وترك العمل في المسرح "في البداية عندما أتيت إلى هنا، كنت سعيدة جداً بالتفسير النظري والجهود العملية للأستاذة سيدا تلبوجا. بفضلها تمكنت من التغلب على مخاوفي في وقتٍ قصير. هنا تجمعنا روابط حقيقية نابعة من القلب. كان لهذا الأمر تأثيراً كبيراً على حبي للمسرح. عملنا الأول بالتأكيد كان عملاً للهواة لكن سواء أكان جيداً أم سيئاً في كل مرة كنا نخلق منه شيئاً آخر. مهما كان عدد الأعضاء، أنا أريد أن أواصل العمل هنا. أعتقد أني طورت نفسي من خلال المسرح. وكما هو الحال في علاقاتي الاجتماعية أيضاً تغيرت علاقاتي داخل الأسرة كثيراً. عندما أنظر إلى المرآة أشعر بأشياء جديدة..."
 
"لسنا مجبرات أن نكون جميلات وفقاً لترتيب البعض"
توكبا أراتيجي هي أصغر عضوة في مسرح القدم الحافية، مازالت في التاسعة عشرة من عمرها من جهة تتابع دراستها الثانوية التي كانت قد تركتها في المنتصف، ومن جهة أخرى ربطت نفسها بالمسرح الذي كان بالنسبة لها مكاناً مريحاً تكتشف ذاتها فيه. تقول إنها كانت مشوشة ولا مبالية في حياتها الاجتماعية قبل أن تعرف المسرح وكانت تعتقد أنها تستطيع التغلب على مشكلتها هذه باعتلائها لخشبة المسرح.
توكبا أراتيجي هي أيضاً واحدة من النساء اللواتي يعتقدن أنهن حققن الكثير من التقدم بفضل المسرح وتقول "كنت قد علمت أن النساء أسسن فرقة مسرحية. ومن دون تردد انضممت إلى هذه الفرقة في المرحلة التي كنت أشعر فيها بالقلق الشديد بشأن قضايا المرأة ولم أكن أستطيع فعل أي شيء. أنا أعتقد أن المسرح هو أفضل جزء من الفن ويمكن للمرأة إيصال صوتها بشكلٍ جيد من خلاله. عندما اعتليت خشبة المسرح، شعرت أني حرة جداً. فالحديث وأنت تنظر وتحدق في عيون النساء يملك طعماً ونكهة مختلفة. في المسرحية ألعب دور امرأة تجمّل نفسها، امرأة تربت وعاشت دائماً كأميرة، كنت غاضبة ومنزعجة بالفعل من فرض مثل هذه القاعدة. بفضل هذه المسرحية كنت أستطيع القول المرأة ليست مجبرة أن تكون جميلة وفقاً لترتيبات البعض".
 
خلاصة 
اكتشاف مسار الفن...
"لتتمكن من إيصال حدث، شخصية، أو فكرة عن طريق الفن، لا بد لك من امتلاك القوة في المخاطبة والإقناع. على أي مستوى كان، لا يمكنك مقارنة القسم الفني مع خطاب مشحون سياسياً. على سبيل المثال؛ فيلم سينمائي، مهما قدم من انتقادات سياسية قاسية إلا أنه لن يصل للحدة والشدة بقدر سياسي يتحدث عن نفس الفكرة لأنه سيعرض الحقيقة بطريقة بصرية جمالية. ومما لا شك فيه أن الانتقادات وردود الأفعال التي ستظهر، ستطال العمل وتكون ضد ذلك الإنتاج الفني، لذا فإن قبول انتقاد فكرة داخل العمل سيستغرق وقتاً طويلاً". 
 
خلاصة
تطور وتقدم الإنتاج الفني الجماعي
"في بلدنا على الرغم من أن هذه العملية ليست موجودة بهذا الشكل؛ إلا أنه عندما يزعج محتوى ذاك الإنتاج الفني الإيديولوجية المهيمنة، فإنه يمكن حظرها دون مناقشة. فيما يخص هذه النقطة في يومنا تستطيع مؤسسات المجتمع المدني المختلفة ترجيح وتفضيل المساحة الحرة التي أنشأها الفن. فقضايا مثل حرية التعبير، حماية حقوق المرأة، البحث عن المساواة والعدالة، الأعمال التنظيمية للأشخاص الذين يجتمعون معاً خرجت من شكلها السابق، ويتم تفعيلها أكثر في مستوى الإنتاج الفني الجماعي. يمكن اعتبار تقييم الجهد الذي قامت به فرقة القدم الحافية والمستمر منذ ثلاث سنوات نتاجاً لهذا المفهوم".