"عفرين من النعيم إلى الجحيم" عمل أدبي توثيقي للكاتبة عريفة بكر
تتحدث الكاتبة عريفة بكر في رواية "عفرين من النعيم إلى الجحيم" عن المقاومة التي أبداها الشعب الكردي في مدينة عفرين بشمال وشرق سوريا، كما وتروي بعض القصص والمآسي التي شهدتها خلال الهجوم التركي على المنطقة
ليلى محمد
قامشلو ـ .
نشأت الكاتبة عريفة بكر البالغة من العمر (55) عاماً في مدينة عفرين التي تقع في الوقت الحالي تحت سيطرة الاحتلال التركي ومرتزقته، وتقيم حالياً في مدينة قامشلو بشمال وشرق سوريا، إذ بدأت بالكتابة في سن مبكرة، تقول عن ذلك "في صغري كانت لدي هواية الكتابة وبدأت في الصف السادس بكتابة أبيات من الشعر، وفي التسعينيات وعند رؤيتي معاناة المرأة وتعرضها للعنف والاضطهاد بدأت بكتابة مقالات في كل من جريدتي روناهي ومجلة سوركل، حيث كان لدي زاوية مخصصة تحمل أسم 'المرأة والعذاب' تحكي قصص النساء اللواتي تعانين من العنف والاضطهاد، بالإضافة إلى بعض القصائد القصيرة".
تقول عريفة بكر إنه بعد أن تم احتلال مدينتها من قبل تركيا وبعد كل الآلام والصعوبات التي واجهتها هناك لجأت إلى مدينة الشهباء وعاشت في مخيم الشهباء لما يقارب السنة ونصف، حيث كانت تحاول أن تكتب عن الحرب التي جرت في عفرين وانتهاكات الاحتلال بحق الأهالي، إلا أنها لم تستطع بسبب آلامها وأوجاعها ومعاناتها.
وبينت أنه "بعد لجوئي إلى مدينة قامشلو وبعد الحرب التي خضتها مع نفسي لكتابة المعاناة التي تعرض لها أهالي عفرين بما في ذلك المرأة التي عانت وعاشت الويلات، كتبت رواية باللغة العربية تحمل اسم "عفرين من النعيم إلى الجحيم" والتي تتألف من 125 صفحة، وتتضمن عدة مواضيع منها تاريخ مدينة عفرين وجغرافيتها والسياسة التي كانت تتبعها الدولة السورية تجاه الكرد في عفرين من الناحيتين الاقتصادية والتعليمية، والهجوم التركي على المدينة والنزوح الداخلي الذي تسبب به الهجوم، وبدايات ثورة شمال وشرق سوريا وكيفية الإعلان عن مشروع الإدارة الذاتية في عفرين وأهم الإنجازات التي حققتها الإدارة في المنطقة، وعن الشهداء الذين قاوموا حتى استشهادهم في سبيل منع دخول المرتزقة إلى عفرين".
وتعد رواية "عفرين من النعيم إلى الجحيم" عملاً توثيقياً إذ أنه يسرد الحالة التي عاشتها مدينة عفرين خلال عقود وخاصة بعد احتلالها في ربيع عام 2018 "تتضمن الرواية مواضيع أخرى كالمجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق الأهالي والقرى التابعة لها منها مجزرة المحمودية وتل رفعت ومجزرة قرية عقيبة، وقصص بعض الضحايا الذين استشهدوا نتيجة القصف التركي على المدينة، وقصص بعض الشخصيات المعروفة في المدينة والتي تعرضت للتعذيب والاضطهاد والقتل على يد تركيا ومرتزقتها، بالإضافة إلى قصة اعتقالي من قبل عناصر النظام السوري بتهمة تنظيم النساء وإعطائهن دروس فكرية".
وفيما يتعلق بإدراج الكتابة تحت مسمى الهواية أو الموهبة وخلاف ذلك قالت عريفة بكر "من الممكن أن تكون الكتابة هواية وموهبة أيضاً، ولكن اعتقد بأننا كمثقفين وكتاب وكل إنسان متعلم هناك واقع يفرض علينا كتابته كواجب أخلاقي، لأن هناك أشخاص يأتون من الخارج للكتابة عن الواقع الذي نعيشه في مناطق شمال وشرق سوريا خاصة وسوريا عامة فلماذا نحن أبناء هذه المدينة وهذا البلد لا نكتب واقعنا؟".
لا بد من وجود أهمية كبيرة للكتابة والقراءة في المجتمع وخاصةً في وقتنا الراهن، تقول عريفة بكر بهذا الشأن "للأسف الشديد إن ثقافة الكتابة والقراءة في مناطقنا قليلة جداً، لذلك أرى بأن هناك أهمية كبيرة للعودة إلى الكتابة والقراءة بعدما ابتعدنا عنها، علماً بأن هناك دول كفلسطين ومصر نسبة الكتابة والقراءة فيها عالية جداً لذلك اتمنى من الجميع العودة إلى الكتابة والقراءة والمجال والثقافي بشكل عام".
وبينت عريفة بكر خلال حديثها أنه يمكن أن تكون هنالك خطوط حمراء في العمل الكتابي ومعوقات تواجه الكتاب بشكل عام، بسبب الدول الحاكمة، "في مناطق شمال وشرق سوريا لا أرى أية معوقات لأن الفرص أمامنا مفتوحة لكتابة أفكارنا بكل حرية، ولكننا ككتاب ومثقفين مقصرين نوعاً ما في الكتابة والقراءة".
في السنوات الأخيرة سرقت الكتابة الالكترونية الأضواء من الكتابة الورقية فهل يا ترى هناك أمل بنهضة الكتابة الورقية من جديد؟، تجيب عريفة بكر عن هذا السؤال بالقول "في الآونة الأخيرة زادت الكتابة والقراءة الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، أنا أعتبر هذا مجرد سياسة فرضت على المجتمع للابتعاد عن الكتابة الملموسة التي تعد أكثر أريحية من الكتابة على الأوراق، لذا اتمنى أن يعود المجتمع إلى الكتابة والقراءة الورقية بدلاً من الإلكترونية لأنها تجلب أضراراً صحية وفكرية".
وفي ختام حديثها تقول عريفة بكر عن أعمالها الأدبية والصعوبات التي واجهتها في بداية مسيرتها، أنها لم تتمكن من تدوين الكتابات والبيوت الشعرية التي نظمتها سابقاً أو طباعتها نظراً للظروف الخاصة التي عاشتها والتي لم تسمح لها بالاحتفاظ بتلك الكتابات والقصائد، "غالبية الدول تعطي أهمية للمثقفين والكتاب وتقوم بدعمهم وتدريبهم في معاهد خاصة، ولكننا في سوريا وفي المدارس التي درسنا فيها لم يكن هناك أي اهتمام بهذا الجانب، ولم نرى من يشجعنا على الكتابة".