فرقة "مشاعل الفن"... فتيات فلسطينيات تحيين الأغاني التراثية

على لحن أغنية "يا ظريف الطول" التراثية تعلو أصوات عدد من الفتيات اللواتي انقسمن لجزئيين جزء منهن تناوب لغناء المقاطع الأساسية

رفيف اسليم

غزة ـ على لحن أغنية "يا ظريف الطول" التراثية تعلو أصوات عدد من الفتيات اللواتي انقسمن لجزئيين جزء منهن تناوب لغناء المقاطع الأساسية، وأخريات قمن بدور الكورال لتكتمل تلك اللوحة التي جسدتها الفتيات بتواجد الأثواب المطرزة، والأحجار العتيقة للمنازل المبنية منذ آلاف السنين مشكلة جزء من التراث الفلسطيني.

"مشاعل الفن" الاسم الذي أطلق على فرقة غنائية تضم (60) فتاة فلسطينية من قطاع غزة بأعمار متفاوتة تبدأ من أربع سنوات وحتى الثلاثين عاماً حملن على عاتقهن حماية الأغاني التراثية من الاندثار، والترويج للأماكن الأثرية في المدينة المحاصرة من خلال أداء العروض الغنائية داخلها.

فتقول إحدى عضوات فرقة "مشاعل الفن"، صابرين أبو سمرا، أن الفرقة تأسست في عام 2016 لتضم عدد من الفتيات اللواتي أحببن فكرة تقديم الأغاني التراثية الفلسطينية مثل "يا ظريف الطول"، "وين ع رام الله"، "لكتب اسمك يا بلادي"، "هبت النار"، بالإضافة للشعر والدبكة، لافتةً إلى أن تلك العروض تقدم بالأماكن التراثية لتجسيد لوحة متكاملة عن المحتوى الفلكلوري التراثي الفلسطيني.

ولفتت إلى أن الفتيات ترتدين الثوب الفلسطيني خلال تقديمهن للعروض الغنائية المختلفة كي تثبتن أحقية وملكية نساء فلسطين لذلك الزي على مر العصور، مشيرةً إلى أنها قد تعلمت الكثير من الأغاني الشعبية الفلسطينية عند التحاقها بالفرقة خلال التدريبات المستمرة التي تنظم للعضوات للمحافظة على مستواهن الغنائي خلال تقديم العروض.

 

 

ومن جهتها قالت هايدي بكر وهي عضوة في الفرقة أن انضمامها للفرقة يشكل فرصة بالنسبة لها، فبالرغم من أن فترة انضمامها لم تتجاوز الأربعة أشهر، إلا أنها شعرت بفرق الأداء خلال التدريبات المستمرة التي تعقد للفتيات، كما استفادت من النقد البناء الذي تتلقاه من زميلاتها، موضحةً أن التحاقها بفرقة "مشاعل الفن" يربطها بجمهور متنوع فتستطيع أن توصل صوتها من خلال العروض التي يتم تقديمها في المناسبات المختلفة.

وتقول أنها تلاحظ الاستغراب وربما الاستنكار في عيون الجمهور الذي يأتي لمشاهدة العرض، ربما لأنهم غير معتادين على رؤية فتيات يصعدن المسرح ويباشرن بالغناء بكل ثقة وإبداع، لافتةً إلى أن من ضمن الصعوبات التي تواجهها هي أن الفتاة مقيدة لا تستطيع الذهاب لمؤسسات، كما لا تجد الفرقة داعم أساسي لها كي تتمكن من تنفيذ أنشطتها بشكل أوسع وتقديم المزيد من الأغاني التراثية التي تمثل أصالة وعراقة البلاد.

 

 

ويخضع التحاق أي فتاة جديدة بالفرقة لعدة شروط، التي أوضحتها إحدى عضوات الفرقة هديل بكر منها أنه لم يكن من السهل الانضمام للفتيات، فقد بدأت قصتها عندما شاهدت منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي فراسلت الصفحة للانضمام لكنها لم تلقى الرد بالقبول، بل طلب منها إرسال نموذج لصوتها برفقة بياناتها، مشيرةً إلى أنها بعد عدة أيام تلقت رسالة لموعد تجارب الأداء التي قدمتها برفقة عدد من الفتيات، وتأهلت من خلالها لتصبح عضوة دائمة بغالبية العروض.

وتقول أنها عندما أصبحت بين الفتيات تأكدت أن جميعهن تمتلكن موهبة الغناء، وأصواتهن شجية تطرب السامع، مضيفةً أن أسرتها تدعم موهبتها لكن المجتمع لا يحترم حق الفتاة في ممارسة هواياتها، ويعتبر ما تقوم به فعل مشين ويجب منعه بالرغم من أن ما يتم تقديمه هو فن للارتقاء بالتراث الفلسطيني، ومحاولة إيصاله للعالم أجمع من خلال بعض الفيديوهات القصيرة.

 

 

ولا تنسى سوزان أبو ملوح جملة جارتها عندما صادفتها في طريقها أثناء ذهابها للتمرين عندما قالت لها "من الأفضل أن تساعدي والدتك في أعمال المنزل"، لافتةً إلى أن التحاقها بفرقة "مشاعل الفن" زاد من نشاطها وتركيزها فلا تهمل أي جانب من جوانب حياتها فهي تدرس وتحصل على أعلى الدرجات في ذات الوقت تساعد والدتها بأعمال المنزل، مؤكدةً أن ما تواجهه هديل بكر من انتقادات تتعرض له جميع عضوات الفرقة.

وأوضحت أنها تتلقى التدريبات بمعدل مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً لتنمي موهبتها في الغناء، ولاقتراح عدة أغاني جديدة قد اكتشفتها خلال عملية البحث لتطوير الفرقة، لافتةً إلى أنها تحاول نشر صفحة الفرقة على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تصوير مقاطع فيديو قصيرة خلال التدريبات ثم نشرها على الصفحة أو الاستعانة بصديقاتها، وبالفعل استطاعت الفرقة استقطاب الكثير من المعجبين خلال الفترة الأخيرة.

 

 

أرجع مدير الفرقة، حيدر العف، التسمية بـ "مشاعل الفن" لأن جميع الفتيات المنتسبات كشعلة النور التي تضيء لمن حولها الطريق فجميعهن شابات موهوبات قادرات على النهوض بالأغاني التراثية الفلسطينية والارتقاء بها، مشيراً إلى أن الفرقة تدعم جميع المواهب من شعر، ودبكة، وغناء، وعزف، والناشطات لتعبر كل فتاة عن القضية بحسب موهبتها الخاصة التي تراها لذلك يأمل أن تصل أعمالهن للعالم أجمع.