فرقة الشهيدة مزكين... نساء تحافظن على الفلكلور الكردي
لعبت الثقافة والفن اللتان تركتا بصماتهما على تاريخ الحروب والانتصارات، أدوراً مهمة، وقد عملت النساء والشابات على إحيائها وحمايتها من خلال الفرق الغنائية التي تشاركن فيها.
روبارين بكر
الشهباء ـ يصوغ التراث الثقافي هوية الأمم ويوثق إنجازات أبنائها، فهو الحاضنة التاريخية للشعوب على اختلافها، ويدفع أفراد المجتمع نحو التقدم والتطور والإبداع، حيث يعتبر الفن وسيلة للتنقل من جيل إلى آخر.
تعتبر النساء الأكثر حفاظاً على التراث والثقافة، وتعتبرن الفن وسيلة للتحرر من ضغوط الحياة، فقد عبرن على مدى سنوات طوال من خلال الغناء تعلقهن بأرضهن وهويتهن، فالمرأة الكردية بغنائها للمواويل وغيرها سردت تاريخها، كما هو الحال مع نساء وفتيات عفرين اللواتي بأصواتهن سردن تاريخ ونضال المرأة الكردية، فالفنانة والمناضلة هوزان مزكين "غربت آيدن" التي استشهدت في الحادي عشر من أيار/مايو عام 1992، ساهمت في إحياء التراث الكردي الأصيل بصوتها الجبلي العذب.
وتخليداً لذكراها ولمواصلة مسيرتها الفنية تم إنشاء العديد من المؤسسات الثقافية والفرق التي تحمل اسمها من بينها فرقة الشهيدة مزكين للغناء التي تأسست في مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا عام 2019، وتتبع لحركة الهلال الذهبي، وتتألف الفرقة من 9 عضوات تتراوح أعمارهن ما بين الـ 40 ـ 60 عاماً.
تقول عضوة الفرقة وهي من بين مؤسسيها نبية محمد البالغة من العمر 53 عاماً "لقد تشكلت فرقة الشهيدة مزكين في الشهباء من ثلاث عضوات فقط، لذا واجهنا بعض الصعوبات، خاصة وأن عضواتها كبيرات في السن، حيث أن المجتمع لم يتقبل في البداية دخول المسنات في مجال الفن والغناء، والوقوف على خشبة المسرح، ولكن بإرادتنا القوية وتعلقنا بفكر الحرية جعلنا نقف أمام المجتمع واستطعنا تنظيم فرقتنا وأثبتنا أننا قادرات على إبراز ثقافتنا وتسليط الضوء قضايانا".
وعن الهدف من تشكيل الفرقة أوضحت "كان هدفنا من تأسيس فرقتنا هذه تخليداً لذكرى الشهيدة مزكين، بالإضافة إلى الحفاظ على التراث والفلكلور الكردي العريق عبر الأغاني المتنوعة، وحمايتها من الاندثار والانحلال، لذا علينا أن نكون لائقات على هذه الفرقة كونها تحمل اسم شخصية مناضلة وثورية وكان لها تأثير كبير على النساء للسعي جاهدات لحماية تاريخهن وثقافتهن"، مشيرةً إلى أن الفرقة تؤدي
ودعت جميع النساء للتكاتف "علينا أن نحافظ على ثقافتنا العريقة وأن نقف ضد أي قوة تحاول إمحائها وإنكار وجودنا، وتسعى لإبعاد المرأة عن جوهرها وحرمانها من حقوقها".
من جانبها أوضحت عضوة فرقة "الشهيدة مزكين" ليلى خليل البالغة من العمر 47 عاماً، أنها انضمت إلى فرقة "الشهيدة مزكين" عام 2022، "الوقوف على خشبة المسرح كان حلماً بالنسبة لنا، فقد كان ذلك صعباً بالنسبة لنا نحن النساء خلال سيطرة حزب البعث على المنطقة، خاصةً وأننا كرد، إلا أن ثورة روج آفا فتحت المجال أمام الجميع ليطوروا مواهبهم"، مشيرةً إلى أنه "بانضمامنا إلى الاحتفالات وتلقينا الدعم من الجمهور، نزداد إصراراً على الاستمرار في الغناء بصوت عالٍ".
وتقول ليلى خالد وهي عضوة كذلك في حركة الهلال الذهبي للثقافة والفن، أنها ستستمر في السعي لإيصال صوتها وصوت غيرها من النساء إلى العالم أجمع، مشيرةً إلى أنها كبرت مع الثقافة والفن كونها تنحدر من عائلة فنية "لقد كنت صغيرة في السن عندما انضممت إلى فرقة للرقص الفلكلوري لذا زاد ارتباطي بالتاريخ والثقافة".
ولفتت إلى أن الشهيدة مزكين كانت تمثل المرأة الكردية الأصيلة، وتمكنت بقوتها وإرادتها تمثيل فلسفة وفكر الحرية واستطاعت بصوتها الجبلي أن تنشره بين الشعب الكردي "إننا نستمد القوة من شخصيتها للمضي قدماً في عملنا الفني، وتعمل الفرقة على تأدية الأغاني التي غنتها الشهيدة مزكين سابقاً وغيرها من الأغاني التي تعبر عن.