فنون وتحف... تبدع صناعتها نساء نازحات في إدلب رغم التحديات
مع انتشار مراكز تمكين المرأة في إدلب راحت مئات النساء يبدعن بتعلم المهن المتنوعة لينتجن أجمل المعارض وأرقى الفنون بعد صقلهن مواهبهن بالتدريبات العملية
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
تعلمت مها الحلو (٢٥) عاماً، وهي نازحة من بلدة الدير الغربي، الفنون اليدوية والتحف المتنوعة في مركز تمكين المرأة في إدلب المدينة وهي تبدع بإنتاج مختلف الأشكال والأنواع منها.
تقول مها الحلو "أحب صناعة الخزف وحين سمعت عن افتتاح دورة تدريبية أعلن عنه في مركز إدلب بادرت للتسجيل دون تردد لتعلم هذا الفن، لأجد نفسي وقد تعلمت الحرفة ورحت أبدع بصناعة أشكال مختلفة منها".
شاركت مها الحلو في المعارض التي تم افتتاحها في إدلب لتعرض من خلالها أعمال النساء من الفنون المتنوعة والذي نال إعجاب كل من زار المعرض الذي غدا فرصة لبيع القطع الفنية من خلاله.
وتشير إلى أن ما تصنعه من قطع فنية مستخدمة الخزف والفخار والسيراميك محط إعجاب وطلب من قبل الكثيرين سواء من الأفراد أو أصحاب المحال وهو ما ساعدها على تأمين دخل تنفقه على نفسها وأولادها الثلاثة في ظل انعدام فرص العمل وعدم قدرة زوجها على تأمين القدر الكافي من مصاريف عائلته.
فن وإبداع وورود وزخارف كانت نتاج مجموعة نساء أبدعن بصناعة الفنون المتنوعة أهمها التطريز، الصوف، الرسم، الزخارف، الموزاييك والخياطة وغيرها.
وئام الرماح (٣٠) عاماً، لم تتعلم صناعة القطع الصوفية في أي من مراكز التدريب وإنما تعلمته من جدتها في صغرها، وما زالت تمارس تلك الهواية بشغف وتصنع ملابس وقطع للزينة لعائلتها، التي غدت مصدر رزق لها مؤخراً حين بدأت تعمل بها وفق الطلبات التي تستقبلها من الجيران والأصدقاء والمعارف.
تقول وئام الرماح "كثيراً ما يطلب مني صناعة جوارب وأحذية للأطفال الرضع أو فساتين صوفية تحوي رسومات مميزة أصنعها مقابل أجر مادي أستعين به في الإنفاق على عائلتي".
وئام الرماح نازحة من بلدة بابيلا جنوب إدلب إلى بلدة رأس الحصن شمال إدلب، ولديها أربعة أولاد وتعيش ظروفاً معيشية صعبة في ظل انعدام المعيل بعد وفاة زوجها في معتقلات النظام وخلو مخيماتهم من أدنى مقومات الحياة، لذا وجدت وئام في عملها متنفساً تمارس هوايتها المفضلة وتحصل على مردود مادي يغنيها الحاجة والسؤال.
تعددت الفنون الجميلة التي تمارسها النساء في إدلب علماً أن دراسة الفنون الأكاديمية غائبة عن المدينة، إلا أن ما تصنعه النساء جاء نتيجة هوايات إما تعلمنها منذ الصغر أو بعد تدريبات متعددة في مراكز تمكين المرأة.
لم تتوقع هبا الأحمد (٢٧) عاماً أن تنتج قطعاً فنية "رائعة" حين تعلمت نسج الأواني من القصب وترصيع الفخاريات بالأصداف والفسيفساء "من الجميل أن يبدع الإنسان أشياء مميزة يصنعها بيده، تعلمت صناعة القش وترصيع الفخار بشغف في مركز التمكين النسائي في سرمدا شمال إدلب وأصبح من أكثر الهوايات المفضلة لدي على الإطلاق".
تعتمد هبا الأحمد أيضاً على ما تصنعه وتبيعه للنساء اللواتي تقبلن على اقتناء منتجاتها ليضعنه في منازلهن للزينة والديكور ما يعكس رونقاً وجمالاً فنياً، كمردود مادي يساعدها في الإنفاق على نفسها.
أما عن سلام البيور (٢٣) عاماً، فهي اختارت تعلم فن الموزاييك في صنع اللوحات الفنية المميزة، فراحت تصنع لوحات من موزاييك كالورود والطيور والأشجار والطبيعة ليخرج من بين أناملها لوحات تعكس فناً وإبداعاً أعجب به كل من شاهده وطلب المزيد منه.
تقول سلام البيور التي تجد متعة في ممارسة هوايتها "أحب هواية الرسم منذ الطفولة، حين كنت أرسم كل ما أشاهده على دفاتر الرسم والورق الملون، واليوم صقلت تلك الموهبة بالرسم وترصيعه بالموزاييك والفسيفساء لتعطي اللوحات حياة وحركة لافتة".
المهارة والدقة والجهد صفات اجتمعت في مجموعة من النساء المبدعات في إدلب ممن رحن يبدعن في تصاميم فنية يساعدهن في تسويقها جمال ما ينتجونه، ما يشكل دخلاً يعينهن على مواجهة أعباء الحياة الصعبة.
لتبقى نساء إدلب رغم كل ما يواجهنه من مصاعب وتحديات ممن لم تمكنهن ظروفهن من التعليم والحصول على فرص للوظائف يبدعن بمجالات أخرى بأفكارهن ومهارتهن.