بعين واحدة ... فلسطينية تحيك المطرزات
يعتبر فن التطريز من الفنون الشعبية الفلسطينية المتوارثة والذي تميزت به المرأة الفلسطينية مستوحية رسوماتها وزخرفاتها وألوانها من طبيعة بلادها وبيئتها المحيطة
تحرير بني صخر
رام الله ـ .
بدأت الصحفية سماح عرار من قرية قراوة بني زيد شمال مدينة رام الله في فلسطين بمنتصف عام 2019 بمشروع "إبرة وحرير"، ومع انتشار جائحة كورونا اتجهت نحو تطريز الكمامات الفلسطينية لتكون بديلاً عن الكمامات التقليدية.
تقول "في البداية كان التطريز مجرد هواية لتعبئة أوقات الفراغ، ولكن بعد ذلك تحولت هذه الهواية إلى مصدر دخل يعود علي بمردود مادي جيد".
وتتميز المطرزات التي تحيكها سماح عرار بألوانها الحيوية والتقليدية المستمدة من التراث الفلسطيني.
تطرز بعين واحدة
سافرت سماح عرار إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016 برفقة زوجها المقيم هناك، إلا أن زواجها لم يدم طويلاً، تقول "انفصلت عن زوجي وبقيت في الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك مع طفلتي الرضيعة، كنت أحاول أن أقف على قدمي، وكان دخولي عام التطريز صدفة".
فقدت إحدى عينيها في حادثة أثناء طفولتها، تقول "لم أطمح يوماً إلى امتلاك قطعة قماش مطرزة عندما كنت في البلاد، ولكن عندما عشت في الغربة بدأ الأمر يتغير تدريجياً وكأنه الحنين للوطن".
تتابع "بداية المشروع كانت عندما قمت بتطريز بعض القطع من تراثنا الفلسطيني لصديقاتي في أمريكا كعربون شكر عن وقفتهن بجانبي في الأوقات الصعبة التي مررت بها بعد انفصالي، وقد لاقت إعجابهن بشكل ملفت وشجعني ذلك على البدء في مشروعي الخاص وتطوير هذه الهواية، وفعلاً بدأت العمل بشكل جدي على العديد من المطرزات المختلفة واصلة الليل بالنهار بلا كلل أو ملل، ومن ثم عرضتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال صفحة أنشأتها باسم مشروع "إبرة وحرير".
تضيف "ما ساعدني على الاستمرار بالمشروع هو كوني أعيش لوحدي في الولايات المتحدة الأمريكية وكان لدي ما يكفي من وقت الفراغ، فمن المعروف أن التطريز اليدوي يحتاج لوقت وجهد كبيرين".
تروي سماح عرار "وجدت أن هناك إقبالا كبيراً على اقتناء المطرزات التراثية الفلسطينية عند المغتربين، وما تعنيه لهم من تراث وطنهم الذي تغربوا عنه، وما يسعدني أن من يشتري شيئا من مطرزاتي يعود ليشتري واحدة أخرى، ومعهم في كثير من الأحيان زبائن جدد".
وفيما بعد تزوجت سماح عرار للمرة الثانية وتعيش الآن مع زوجها وطفلتها في ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية.
ما بين الصحافة والتطريز!
تخرجت سماح عرار في عام 2012 بتخصص إذاعة وتلفزيون من جامعة بيرزيت الفلسطينية، وقد عملت في عدة إذاعات ووكالات محلية، تقول "مهنة الإعلام كما التطريز، كلاهما يحتاج إلى الكثير من الجهد والإبداع، فالصحافة تريدك أن تبدع باختيار الموضوع والحاشية، وكذلك فن التطريز، ما يجعلك مميزاً به هو شغفك لألوانه والجهد المنوط به".
تضيف "صحيح أنني ابتعدت عن المجال الإعلامي لكن ذلك لفترة مؤقتة وسأعود له مجددا".
سماح عرار إلى أين؟
تطمح سماح عرار لنشر كتاب تجمع فيه بين فن التطريز التقليدي والحديث، وذلك من خلال عرض رسوماتها وتجربتها الخاصة في مجال التطريز.
تقول "عالم التطريز مختلف عن المجال الذي عملت به بعد دراستي، لكن الظروف هي التي رسمت لي الطريق إلى هذا العالم، عدا عن أن الفنّ يستهويني بكل أشكاله".
ونوهت قائلة "في الفترة المقبلة سأعمل على توسعة مشروع "إبرة وحرير" من خلال تعلم فنون تصميم الأزياء والخياطة، لأصبح قادرةً على تصميم لباس تراثيّ كامل من ألفه إلى يائه".
"رسالتي للجميع!"
وجهت سماح عرار في ختام حديثها رسالة للجميع، تقول "كل شخص لديه وقت فراغ يستطيع استغلاله لتحقيق كل ما يطمح له، ولكن عليه أن يخطوا الخطوة الأولى تجاه أحلامه، حيث لا يجب الاستخفاف بالأفكار مهما كانت صغيرة، فكل فكرة تكبر بالجد والجهد المستمر، وكل ذلك يحتاج إلى صبر وإرادة قويتين، وإيمان بالفكرة حتى تتحقق".