بين طواحين الآلات والتطور النساء تحافظ على الأدوات التقليدية
تستخدم العديد من النساء في مقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا آلة النول لصناعة البسط وقطع الزينة، ليس لعدم قدرتهن على شراء القطع المصنوعة باستخدام الآلات بل لاعتزازهن بالحرف القديمة التي تحاولن المحافظة عليها من الاندثار.
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ استخدام النول لنسج قطع الزينة والبسط بشكل فني طريقة قديمة لا تزال العديد من النساء في منبج رغم توفر آلات صناعة السجاد، تؤمن بأنها ميراث ثقافي ينبغي المحافظة عليه.
رغم تراجع إنتاجية آلة النول اليدوي مع ظهور معامل السجاد الآلي، لا تزال هذه آلة بحوزة العديد من النساء في مقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا، تستخدمنها لتصنعن السجاد وقطع الزينة والبسط، خاصة أن صناعتها حرفة قديمة تعبر عن التراث الشعبي للكرد، حيث أكدت كوثر حمي البالغة من العمر 60 عاماً من سكان مدينة منبج أنه يجب على النساء المحافظة على الميراث الذي اكتسبنه من أمهاتهن وجداتهن لما يحمله من تفاصيل تسرد عراقة الثقافة الكردية في المنطقة.
وأضافت "اكتسبنا هذه الحرفة من أمهاتنا، فسابقاً لم تكن تتوفر السجادات التي تصنع اليوم بالآلات الحديثة، وكل شيء يصنع بأنامل النساء باستخدام آلة النول، وكانت الأمهات عندما تزوجن بناتهن تصنعن لهن العديد من القطع سواء الحقائب أو البسط وغيرها، لتزين العروس منزلها بقطع ذات ألوان زاهية ومصنوعة بإتقان".
وعن مراحل صناعة البسط والسجاد باستخدام النول تقول كوثر حمي "في بداية الأمر نقوم بغزل صوف الأغنام، لنصنع منها خيوط رفيعة، وثم نقوم بإضافة الملونات لها لنكسبها ألوان زاهية وجميلة لتلفت الناظرين، بذلك تكون جاهزة للحياكة".
وأكدت أنه "سابقاً في كل منزل كان توجد آلة النول، ولكن في وقتنا الراهن قل الاهتمام بها والاحتفاظ بأدواتها والقطع المنسوجة منها كالسابق، وهذه الأدوات الموجودة في حوزتي الآن جمعتها بتعب وشقاء كبيرين حتى عثرت عليها من قرى مدينة كوباني، منذ عدة أيام انتهيت من حياكة بساطين وبدأت بواحدة أخرى، هذه المنسوجات لا تستغرق وقتاً لإتمامها، فكل قطعة تحتاج من يومين إلى ثلاثة أيام".
وأضافت "جارتي تقوم بتعليم حفيداتها وبناتها على إتقان استخدام النول ليبقى ميراثاً تراثياً يرافق الأجيال، كما تقوم الأمهات بتقديم هذه القطع لبناتهن وأبنائهن، لتبقى تحفة أثرية في منازلهم تحاكي أصالة الثقافة القديمة".
وفي ختام حديثها قالت كوثر حمي "نحن النساء نعشق الحرف القديمة التي تمثل ثقافتنا بينما الجيل الحالي لا يعيرها اهتماماً، ولو كان الأمر بيدي لأعدنا الفن والثقافة القديمة من الأزياء الفلكلورية والقطع التراثية وغيرها، ولكن الأمر خرج عن إرادتنا خاصة في ظل الحداثة الصناعية التي تلعب دوراً بارزاً في القضاء على هذه التفاصيل التي تعتبر ذاكرة تسرد التاريخ الثقافي العريق لمجتمعنا، واعتبر النول أحد الثقافات ولا نود إضاعته يجب أن نعمل في الحفاظ عليه من الاندثار، لذا على جميع الأمهات تعليم بناتهن حرفة النسج على النول".