بنسج الصوف تحافظن على ثقافتهن من الاندثار

أمينة عبدو إحدى النساء اللواتي تحاولن الحفاظ على ثقافة الجدات ونشرها من خلال نسج الصوف.

سيبيلييا الإبراهيم  

حلب - تعد مهنة "حياكة الصوف" إحدى أقدم الحرف التقليدية، تلك المهنة التي تعطي صورة مطابقة عن جهد المرأة في المقام الأول، وتعبّر من خلالها عن تقاليد فنية عريقة ضاربة بجذورها في أصالة التاريخ.

تتفنن المرأة في زخرفة ونقش "الصوف"، وهي عبارة عن أشكال هندسية متنوعة، وألوان صارخة كالأحمر والأزرق والبرتقالي، وهي بذلك تعكس حساً فنياً وذوقاً جمالياً.

أمينة عبدو 70 عاماً تنحدر من مقاطعة عفرين المحتلة بشمال وشرق سوريا تتقن فن حياكة الصوف بأناملها التي بان عليها أثر الشيخوخة ولا زالت تساهم في الحفاظ على ثقافة جداتها في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، وعن ذلك تقول "منذ صغري عشقت مهنة الخياطة وكنت أخيط الأقمشة يدوياً، وبعد فترة قامت إحدى بنات عمي بشراء ماكينة خياطة مما أثار الفضول لدي لأشتري ماكينة خاصة بي".

وعن تعلمها لمهنة الخياطة أوضحت "كنت أقوم بخياطة الأقمشة القديمة في المنزل واتمرن عليها وبعد أن اتقنت الخياطة كانت نساء الحي تقصدني لأقوم بخياطة ملابسهن أو إصلاحها".

لم تتوقف عند الخياطة بل اتجهت نحو تعلم نسج الصوف "بعد أن انتقلنا من مدينة عفرين إلى مدينة حلب قمت بشراء الصوف وبدأت أتمرن لأتعلم نسجه، وأصبحت مهنتي أيضاً وكان إقبال نساء الحي كبيراً، لكن بعد أن كبرت بالسن لم أعد أستطيع أن أنسج للكثيرين فقط أقوم بنسج الصوف لأحفادي وبناتي"، مشيرةً إلى أن بصرها قد ضعف لذلك لم تعتمد على هذا العمل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

نسج الصوف ليس مهنة فقط كما تقول أمينة عبدو فهو تعبير عن الحب أيضاً "أعتقد أن نسج الصوف لأحدهم هو تعبير عن الحب له، وهو حفاظ على ثقافة جداتنا وحمايتها من الاندثار". مبينةً أن المهن اليدوية مرتبطة ببعضها البعض "أتقن العديد من المهن اليدوية التي تعبر عن ثقافتنا وعراقتها، ويجب علينا ككبار في السن أن نحافظ على ثقافتنا وتراثنا وأن ننشرها بين الأجيال القادمة لكي تبقى قائمة ولا تنسى".

وجهت أمينة عبدو رسالة لكافة النساء قالت فيها أنه عليهن الحفاظ على المهن اليدوية "يجب ألا ينسى المرء ثقافتهُ ويبقى محافظاً عليها مهما حدث ويجب أن نعلمها للأجيال القادمة، فالمرأة تلعب دور بارز في الحفاظ وتوريث الثقافة كيلا تندثر، أحيانا أقوم بنسج الصوف أمام المنزل، وتجتمع نساء الحي حولي وتتأثرن بي، ومنهن من تعلمت نسج الصوف نتيجة جلوسها معي وهذا ما أسعى له لنشر الثقافة والحفاظ عليها".