باستخدام ألوان مختلفة من الفنون... مبادرة تعمل من أجل القضاء على جميع أشكال العنف

المبادرات الشابة تعكس واقع النساء في مختلف المدن المصرية، وتعمل من أجل تحسين واقعهن وتسليط الضوء على ما تتعرضن له من انتهاكات.

أسماء فتحي

القاهرة ـ بور سعيد واحدة من المدن ذات الطبيعة المختلفة وفيها تنوع ثقافي كبير نظراً لتأثرها بالهجرة الداخلية وإقبال الوافدين عليها، الأمر الذي ألقى بظلاله على واقع النساء فيها.

تعاني النساء خاصة في المنطقة الصناعية في مصر، العديد من الأزمات نتيجة ما يتحملنه من أعباء إضافية فقط لكونهن نساء، وكذلك أشكال العنف الممارس ضدهن بشكل عام والمتأثر بالتنوع الثقافي في المدينة.

للتعرف أكثر على واقع النساء كان لوكالتنا حوار مع إيناس المعصراوي، مؤسسة مبادرة "كحيلة" بمدينة بور سعيد، والتي تعمل من خلال استخدام مختلف ألوان الفنون لتحسين واقع المجتمع وتحديداً النساء لكونهن من الفئات التي تتعرض لانتهاكات على مستويات عديدة.

 

مبادرة "كحيلة" واحدة من المبادرات الواعدة في مدن القناة، فما هي مجالات عملكم؟

بدأنا بالعمل على أشكال العنف والتمييز ضد النساء، وكان ذلك نواة للتعلم وتطوير الذات، وهو ما ساهم في بناء كوادرنا للعمل على الملفات النسوية بتنوعها.

وتطور الأمر وأصبحنا نعمل من أجل بناء كوادر نسوية في المدينة وأشركنا الرجال في العمل على تلك الملفات لما لهم من دور مؤثر في المجتمع البور سعيدي.

وكان لدينا هدف يتمثل في التواجد على أرض الواقع، وهو الأمر الذي جعلنا نستخدم الأدوات البسيطة التي يمكنها أن تلفت الانتباه متمثلة في الفنون بألوانها المتعددة ومنها الفن التشكيلي، ونظمنا معارض فوتوغرافية عن النساء ومشاركتهن في المجتمع، فضلاً عن إقامة مسرح تفاعلي حول قضايا المرأة المتنوعة.

وقدمنا العديد من جلسات الحكي وعرضنا الكثير من قضايا النساء وما يعانونه في الشارع من انتهاكات نالت من حقوقهن الإنسانية وأثرت على تواجدهن فيه.

 

استخدمتم الفنون في عملكم بالمبادرة، فإلى أي مدى ترونه يحدث تغيير على أرض الواقع؟

للفنون بمختلف ألوانها تأثير مباشر على المتلقين لكونها تطرق جميع الأبواب، كما أنها معبرة وبسيطة ولا تحتاج لعمل معقد، وهذا ما يحتاجه المتلقي.

والفن غير متاح للجميع فالمسرح والسينما وغير ذلك يعتبرها المواطن رفاهية في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، ونحن لدينا أصدقاء يعملون في أشكال مختلفة من الفنون وبدأنا في العمل المشترك وبشكل تطوعي مما ساعدنا على تحقيق نتائج أكثر من المتوقعة.

ويمكن الاعتماد على أشكال الفنون المختلفة في إحداث التغيير الحقيقي لما له من قدرة على التأثير في المواطنين وتقريب الصور المختلفة إليهم، خاصة إن كانت تعبر عن انتهاكات لحقوق الآخرين.

 

بور سعيد طبيعتها مختلفة عن باقي المدن، ففي تقديركم ما هي أبرز الأزمات التي تعاني منها النساء هناك؟

يعد الحق في السكن واحدة من الأمور التي تحرم منها النساء خاصة العزباء التي لم تتزوج أو المطلقة وكذلك الأرملة لعدم وجود رجل معهن وبالتالي لا يستطعن الحصول على سكن.

ولدينا المنطقة الصناعية التي تعاني فيها النساء من انتهاكات عديدة لطول مدة عملهن وتدني أجورهن في المقابل، فضلاً عن بعد عدد من الشركات عن الكتلة السكنية وهو ما يترتب عليه أعباء إضافية في الحركة والتنقل للنساء. ولا يمكن إغفال التحرش الذي يتم بأماكن العمل الذي تتعرض له النساء وكذلك التمييز على مختلف المستويات.

وتتعرض النساء لأشكال مختلفة من الوصم لكونهن إناث فقط يقررن أن يختلفن عن النمط السائد سواء بالخروج للعمل أو قيادة السيارة أو دخول الحياة العامة سياسية كانت أو اقتصادية لأن الكثيرون لا يرون أن المرأة يمكنها فعل ذلك أو يحق لها التواجد في مراكز صنع القرار.

 

لكون بور سعيد مختلفة انعكس ذلك على أشكال العنف التي تتعرض لها النساء هناك، فكيف ترون ذلك؟

بالفعل تتنوع أشكال العنف بالمدينة ففي المنطقة الصناعية الكثيرات تعملن في الشركات والمصانع، وهو ما يعرضهن للتحرش والعنف اللفظي والتمييز وتدني الأجور وغيره.

وفي المنازل تنتهك حقوق الكثيرات ويتم التعرض لهن بالضرب، ولأن طبيعة السكان محافظة يتم إجبار الفتيات على ارتداء الحجاب وحال تفكيرهن في الرفض يتم تعنيفهن ويفرض عليهن أنماط معينة في الزي وكذلك في مساحات التنقل وغيرها.

ولا يسمح لهن التقرير لذواتهن في الكثير من الأمور ومنها الزواج ولدينا واقعة شهيرة وليست الوحيدة حينما قررت فتاة فسخ خطبتها فقتلها الشاب أثناء سيرها لعملها في الشارع.

ونظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة تضطر الكثيرات للعمل في بيئة غير آمنة بأجر أقل وجهد أكبر وفرص أضعف فقط لكونهن نساء دون الاستناد لمعايير عمل عادلة.

 

مبادرتكم تعمل على العديد من القضايا الهامة والشائكة، فما هي خطط عملكم المستقبلية؟

هناك تطور كبير يحدث في المجتمع يوماً تلو الآخر يتطلب المواكبة وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على طبيعة خطابنا الجماهيري من خلال المنصات المختلفة والتواصل المستمر مع فئتنا المستهدفة للتعرف أكثر على احتياجاتهم.

ونعمل خلال الوقت الراهن على دراسة احتياجات فئات المجتمع المختلفة وقررنا التوجه لفئة عمرية أقل في السن من الشباب والشابات لإدراكنا أن ذلك مؤثر في الواقع إلى حد كبير.

ونعمل على ملف العنف والابتزاز الالكتروني لكوننا نقدم دعماً فنياً للفتيات والنساء المعرضات له من خلال المساعدة التقنية الخاصة بحماية مساحتهن الرقمية وندعمهن قانونياً بالمجان.

 

هناك هجرة داخلية لبور سعيد والمجتمع خليط من الثقافات المتنوعة، إلى أي مدى تجدون لذلك أثر سلبي على واقع النساء؟

بور سعيد مدينة جاذبة للوافدين فعلياً سواء من المناطق المحيطة مباشرة بها أو من مدن أخرى، وفيها خليط ثقافي وتنوع كبير في الأفكار.

والاختلاف كون حالة من النبذ للآخر بوصف هذا فلاح والآخر صعيدي والثالث محدود الفكر وغير ذلك من الوصم الاجتماعي للفئات والطبقات والثقافات المغايرة.

وفيما يخص النساء فهناك تنميط مستمر يتعلق بمظهرهن الخارجي وتداول الأفكار وكذلك الأدوار المجتمعية والقالب الذي لا يراهن المجتمع خارجه ولا يقبل بهن إن خالفنه.

وهناك تمييز على أساس العمر تعاني منه المرأة فالكثيرون لا يرون أنها تستطيع العمل في سن معين وأن مظهرها وتنقلاتها وأفكارها في سن معين يجب أن تتماشى مع المنظور الاجتماعي لعمر المرأة الذي يجعلها جامدة في مكانها متقوقعة على ذاتها تنتظر الموت.