بالرغم من محاولات طمس وإنكار ثقافتهم النساء الكرديات يحافظن عليها

بالرغم من كل ما تتعرض له الثقافة والتراث الكرديين من محاولات طمس وإنكار إلا أنه بفضل وجود الآلاف من النساء اللواتي ما يزلنَّ تحافظنّ على التراث الكردي عبر الأغاني الفلكلورية والمواويل، استمر هذا التراث إلى يومنا

روبارين بكر
الشهباء -
الأدب، الملاحم، الاساطير، المواويل، والأغاني الفلكلورية الكردية لها تاريخ طويل تم الحفاظ عليها بين الشعب الكردي عبر تناقلها من جيل إلى آخر، فيوجد في كل منزل كردي أم تجعل من الآمها ومعاناتها لوحة غنائية وموال تصدح به، لتواسي نفسها بتلك الكلمات الكردية القديمة.  
 
 
عبر ثورة شمال وشرق سوريا حققت كوناي مصطفى (44) عاماً حلمها المدفون منذ صغرها، تقول عن ذلك "إن الروح الشاعرية والغنائية تكمن في أعماق كل امرأة كردية وكانت تلك المشاعر والمواهب مدفونة ومقيدة ضمن العادات والتقاليد تحت مسمى العيب والحرام، فبقيت العديد من المواهب مدفونة في المرأة حتى اندلاع ثورة روج آفا والمعروفة بثورة المرأة فخلالها كسرت المرأة حاجز العادات والتقاليد وصدحت بأعلى صوتها".
لاحقت كوناي مصطفى موهبتها وهويتها الغنائية كما تقول "عندما كنتُ صغيرة امتلكت صوتاً جميلاً لكن ما من أحد دعمني لأخرج تلك الموهبة، بالرغم من دعم خالي لي والذي كان منضماً لفرقة الرقص بناحية موباتا إلا أن هذه الموهبة بقيت حبيسة المنزل".
وتبين "كنت أذهب إلى خالي وكان يدعمني ويقول بأن صوتي جميل ويجب أن أكافح من أجل تحقيق حلمي، وفي الحقيقة زرعتُ موهبة الغناء بداخلي وكنتُ أغني عندما كنت لوحدي في المنزل وبعد زواجي أصبحت أغني لأطفالي".
تقول مبتسمة أنها حققت حلمها عندما وصلت للأربعينيات من عمرها "انضممت لحركة الهلال الذهبي في فرقة الأغاني الفلكلورية للكبار بالسن".   
وأضافت "الغناء مزروع في قلب كل امرأة، فالمرأة حافظت على ثقافتها من خلال صدحها بالمواويل الكردية في أفراحها وأحزانها، وعندما كنت أجد امرأة كبيرة في السن تصدح المواويل كنت أتأثر بها، ويزاد تعلقي بالفلكلور الكردي القديم". 
كما طالبت كوناي مصطفى جميع النساء بالحفاظ على ثقافتهن "أطلب من كل امرأة كردية بأن لا تخجل من ثقافتها وتحافظ عليها اينما كانت، فالثقافة لا تشمل الغناء والرقص فقط بل تشمل تاريخ الانسانية، لهذا لن يستطيع أحد القضاء على ثقافتنا ما زلنا نحميها من الهجمات والاستهداف، فالمرأة منذ بداية العصور وحتى يومنا هذا حافظت على ثقافتها وهي التي تستطيع أن توريثها للأجيال القادمة لتبقى محفوظة ومحمية".    
تقول كوناي مصطفى أن العولمة أخذت الشباب من ثقافتهم وهو ما ظهر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لكن ثورة شمال وشرق سوريا عملت على تعريف كل مكون بثقافته وفتحت المجال أمام الفئة الشابة للانضمام للفرق الفلكلورية "نرى إقبالاً كبيراً من قبل الفئة الشابة على المراكز الثقافية".
 
 
حول حماية الثقافة الكردية بغناء المواويل قالت نبيه محمد (50) عاماً من قرية دمليو بناحية موباتا في مقاطعة عفرين "هدفي من الغناء هو الحفاظ على الثقافة الكردية العريقة".
وتبين "بداية انضمامي للغناء كانت عام 1988، عندما تشكلت فرقة غنائية سرية في القرية وكان اسمها فرقة موباتا نسبة إلى ناحيتنا".
وأضافت "واجهت الرفض بسبب العادات والتقاليد، وكانوا يقولون إن ما أفعله معيب ولا يمكن للمرأة أن تغني".
تستذكر نبيه محمد تلك الأيام وتقول "أبي كان يقف أمام أهالي القرية ويقول بأنه من حق إبنتي أن تلاحق موهبتها والسبب في ذلك أنه كان يغني ويعرف مفهوم الثقافة وماذا تعني، فالشخص الذي يغني بلغته يعرف ما هو مفهوم الثقافة، وبعدها تعرفت على فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان وزاد تعلقي بالغناء".  
واختتمت حديثها بالإشارة إلى ما تفضله من الأغاني "أغاني الراحلة عيششان من أكثر الأغاني التي أسمعها وأول أغنية غنيتها بصوتي كانت أغنيتها عن الأم، ولكن بعد أن نزحنا إلى الشهباء انضممت إلى فرقة الأغاني الفلكلورية القديمة والمواويل".