الزي الفلكلوري لنساء صرين ثقافة وتراث لا يندثران

يعد الزي الفلكلوري جزء أساسي من هوية الشعوب لذلك تتمسك النساء وخاصةً الكبيرات بالسن به.

نورشان عبدي  

كوباني ـ رغم ارتفاع أسعار القماش ورغم تغيره وإلغاء بعض تفاصيله بسبب ارتفاع أسعارها إلا أن النساء العربيات في منطقة صرين بمقاطعة كوباني شمال وشرق سوريا ما تزلن محافظات على ملابسهن الفلكلورية.

لكل شعب تقاليد خاصة باللباس تميزه عن غيره ويتألق به ليكّون ثقافة توحد أبناءه وبناته وينقل عبر الزمن من جيل إلى جيل، ولسوريا تاريخ عريق في اللباس التقليدي الفلكلوري، ويختلف من منطقة إلى أخرى، وبشكل خاص زي النساء.

اللباس التقليدي للمرأة العربية يتألف من عباءة طويلة داكنة اللون بالنسبة للنساء، وزاهية بالنسبة للفتيات، وتزين غالباً بأزرار ذهبية أو فضية أو يطرز بعضها بخيط ذهبي مع وشاح يعصب الرأس يسمى الشال.

ومنطقة صرين منطقة عربية لها تراث وثقافة خاصة بها من ناحية الملابس، ويعرف أن الزبون وهو شبيه العباءة من أساس هذه الملابس، ويحاك من القماش غالي الثمن ويزين بالخيوط الملونة الذهبية بشكل خاص.

 

"الثقافة التي ورثتها من أمي وجدتي سأنقلها لبناتي وحفيداتي"  

حول ارتباط نساء منطقة صرين بثقافتهن وزيهن التقليدي قالت فاطمة يوسف (60) عاماً من قرية بير حسو "أمهاتنا نقلن لنا هذا التراث المتعلق بالملابس فعندما كنت صغيرة علمتني والدتي أن ارتدي الزي الخاص بنا كمكون عربي"، مضيفةً "جدتي وأمي حافظن على هذا التراث وهو ما تفعله النساء في كل مكان".  

وأشارت إلى أن الملابس الفلكلورية ذات أهمية كبيرة تميز كل شعب ومكون عن الآخر، "عندما يذهب المرء لأي مكان يتعرف على المكونات التي تقطن فيه من خلال الملابس".

وأضافت فاطمة يوسف "قبل سنوات كان يعاب على الفتاة التي لا ترتدي الملابس الفلكلورية، فعندما تكبر الفتاة تبدأ بارتدائه، لكن في وقتنا الحالي يتم التقليل من شأن الفتيات اللواتي ما تزلن محافظات على هذا التراث". مشيرةً إلى أن "هذا الجيل ليس له ارتباط بالتراث وثقافة الأمهات، فاليوم عندما ارتدي الزبون بناتي تستنكرن ذلك وتقلن إنه غير مريح للعمل رغم أنني ولسنوات أقوم بأعمال المنزل والزراعة والاهتمام بالماشية وأنا أرتديه".

وبينت أن "الزبون يحاك من قماش المخمل أو من قماش خفيف في الصيف مخصص لأعمال المنزل، ويكون مريحاً في الحركة، ويتم ارتداءه فوق الثوب أو الكلابية وفي المناسبات تكون هاتان القطعتان مطرزتان ويكون ذلك إما عبر آلات الخياطة أو باليد".  

وعن ارتباطها بالزي الذي يمثل ثقافتها قالت فاطمة يوسف "لدي ارتباط خاص بهذا الزي وأرتديه لأنني اعتدت عليه ولأنني أحبه بكوني ورثت هذا من أمي وجدتي وسأستمر بالمحافظة على هذه الثقافة من الاندثار لكي أعرف العالم بثقافتنا وتراثنا، وسأسعى لكي أورثها لبناتي وحفيداتي".  

 

"غلاء ثمن الزي التقليدي يمنعنا من ارتدائه"

فيما تشتكي خديجة قاسم 55 عاماً من غلاء أسعار الملابس التقليدية، وتوجههن لتغيير نوع الأقمشة الأرخص ثمناً، مشيرةً إلى أن الملابس الفلكلورية لنساء صرين تتألف من "الزبون والجب والمحرم الشال والكلابية أو الثوب"، مبينةً أن كل تلك القطع تحاك من أقمشة غالية الثمن سابقاً".

ورغم هذا التحدي ما تزال "النساء الكبيرات في السن تحافظن عليها فكل واحدة منهن تمتلك قطعة ورثتها عن أمها تحتفظ بها. وأوضحت "بالنسبة لي الزي التراثي هو هويتي وأصلي لأنني أينما ذهبت سأعرف بثقافتي من خلاله وسنحافظ على هوية منطقتنا".

ويتميز زي المرأة في مناطق الريف بالثوب المزركش والزبون المفتوح كاملاً من الأمام، وهو ما يسمح باستخدامات متعددة من حمل الأغراض إلى حمل الأولاد حتى أثناء العمل، أما غطاء الرأس فهو مكون من الهباري وهي عبارة عن قماش من الحرير، وهناك اللون الأسود للعباءة النسائية الفضفاضة والمطرزة بخيوط ذهبية وتناسب جميع الفصول.    

 

المحافظة على ثقافة الأمهات

فيما قالت فاطمة أحمد (50) عاماً "على الرغم من الكثير من التطورات التي طرأت على المجتمع لم نغير طريقة لباسنا الذي نقلته لنا أمهاتنا، فقد كنا نرتدي الكلابيات خلال عملنا، وكذلك في المناسبات نرتدي أجمل ما لدينا وهي الملابس التي تكون مطرزة بشكل أكبر ونضع الحزام المصنوع من الفضة، ولكن في وقتنا هذا لم تعد النساء ترتدينه بسبب ارتفاع ثمنه، أما بالنسبة للزي في العزاء فهو مختلف وهو عبارة عن أثواب وكلابيات سوداء اللون".