الوشم أو "الدق" رمز تراثي وعلامة لا يمحوها الزمن

يعتبر الوشم أو الدق عادة اجتماعية متوارثة من قبل النساء وإحدى علامات الزينة والجمال، حرصت الجدات على اتباعها لسنوات طويلة من أجل الحفاظ عليها.

يسرى الأحمد

الرقة ـ يعد الوشم أو الدق كما هو معروف في مناطق شمال وشرق سوريا وفي الثقافة البدوية إرث اجتماعي عريق تداولته النساء قديماً لتعبرن عن ثقافة وفن الرسم على الجسد الذي يتطلب تركيز ودقة عالية بتشكيل الرسومات.

يعتبر الدق من الموروثات الشعبية التي تميزت بها النساء وتزينّ بها عبر مختلف العصور، كما أن المادة المستخدمة فيها يتم الاستفادة منها في علاج عدد من الأمراض.

دلة عساف امرأة في العقد الثامن من عمرها وتقطن في مدينة الرقة، وعن الوشوم التي تملئ وجهها ويديها تقول "عندما كنت فتاة يافعة رأيت الشابات تزينَّ أجسادهن وخاصةً وجوههن برسومات مختلفة من الدق، لذلك طلبت من خالتي أن ترسم لي على وجهي ويدي مثل تلك الرسومات".

وعن المواد والأدوات المستخدمة فيه، أوضحت أن عملية الوشم أو الدق تتم عن طريق الوخز بثلاثة إبر مترابطة معاً، وتصنع النساء مادة الوشم من رماد الموقد وتقمن بعجنه بالقليل من الحليب، ومن ثم تدلكن المكان المطلوب، ووخزه مرات عديدة ومتتالية وبسرعة حتى يخرج الدم الذي يؤكد بأن عملية الدق قد نجحت، ومن ثم تضعن مادة تخفف من شدة الألم، وتستغرق مدة العملية بحسب حجم الرسمة المطلوبة.

وأشارت إلى أن الشابات تفضلن دق شكل الحجول على القدمين لما يضيفه من جمالية وجاذبية، كما أنه سابقاً كان الكثيرين يعبرون عن مدى جمالية وحسن الدق الحجل على قدم المرأة بأغاني شعبية وتراثية جميلة، فيما تعتبره الفتيات والنساء كطقس خاص تقمن به في المناسبات، إلى جانب ذلك فإن الدق يستخدم لمعالجة بعض الأمراض لدى الأطفال.

وتختلف رسومات الدق حسب العادات والتقاليد السائدة في كل منطقة، فبعض الرسوم تشير إلى أسماء العشائر ومنها تعبر عن رموز خاصة ومميزة وأسماء أشخاص مقربين، والتي يتم رسمها على اليدين والقدمين بالإضافة إلى الأصابع والوجه، كما بينته دلة عساف، لافتةً إلى أنه يطلق على تلك الرسومات أسماء عديدة كـ "الهلالي، السيالة، وسادة ابن العم".

وأشارت إلى أن من تتقن فن الوشم تعتبر مبدعة لما تلاقيه من صعوبة بالتحكم بالإبر الصغيرة وما يتطلبه من دقة عالية وتركيز في الرسومات المطلوبة، منوهةً إلى أن النساء علّمن بناتهن هذا الفن لتتوارثه للأجيال "تعد المادة التي كانت تستخدم قديماً للوشم من أفضل المواد نظراً لأنه دائم ومن الصعب إزالته، وهذا ما يميزه عن الدق الحديث والمؤقت".