الرسم متكأ استراحة بعد سنوات من العمل

صدق من قال إن الموهبة لا تموت وإنها فقط تحتاج إلى فرصة أو إلى الوقت المناسب لتعود من جديد والرسم من المواهب التي تسكن النساء ويمكنها أن تصبح حقيقة في أي عمر.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تباشر التونسيات بعد سن التقاعد في مجال الفن وخصوصاً الرسم الذي تعتبرنه متكئ استراحة بعد سنوات من العمل.

تنشغل المرأة التونسية إلى حدود الستين من عمرها "وهو سن التقاعد القانوني من الوظيفة" بأساسيات الحياة، ويتوزع وقتها بين واجبات العمل في أي مجال من المجالات وتربية الأبناء، والاهتمام بالأسرة بصفة عامة، وتعيش حالة من التمزق والضغط اللامتناهي الذي يجعلها لا تنظر أحياناً إلى ما يخصها كممارسة الأنشطة الرياضية أو تنمية موهبة تسكنها منذ الصغر.

وبعد أن يكبر الأبناء وتصل إلى سن التقاعد تجد المزيد من وقت الفراغ الذي يتحول إلى مصدر قلق بالنسبة للكثيرات وإلى فرصة للاهتمام بموهبة أو هواية بالنسبة للنساء الإيجابيات اللاتي يؤمن أن العمر مجرد رقم وأن العمل في أي مجال يتواصل متى كان هناك روح داخل الجسد.

ومن المواهب التي يمكن ممارستها بعد سن التقاعد وتستمر حتى بلوغ الثمانين من العمر أو أكثر هواية الرسم، والتقت وكالتنا بالعديد من الرسامات اللاتي وجدن في مرحلة التقاعد الفرصة المناسبة لممارسة الهواية والتعبير عن مشاغل المرأة.

وقالت سميرة هواوي في إحدى لوحاتها أن خلاصة المرأة التونسية في قول الشاعر صغير ولاد حمد "كتبت.. كتبت فلم يبق حرف، وصفت... وصفت فلم يبق وصف، أقولها إذاً باختصار وأمضي نساء بلادي نساءً ونصف" وأضفت مقولة أخرى "المرأة التي تهز المهد بيمينها تستطيع أن تهز العالم بيسارها"، مشيرة إلى أنها ترسم أيضاً البحر والطبيعة وشاركت بمعارض مختلفة.

ولأنها تحب كل ما هو يدوي ابدعت في حرف عديدة على غرار التطريز والخياطة وإعداد الحلي والإكسسوار، وتوجهت بنصيحة للمرأة التونسية مفاداها أن تهتم بما تحبه من هوايات أو أنشطة وألا تنتظر التقاعد كما فعلت هي لأن العمر يمضي بسرعة والصحة تتراجع.

 

 

فيما تقول سيدة بن جاب الله "بعد التقاعد وجدت الكثير من الوقت للاهتمام بتنمية الموهبة" مضيفةً "ففكرت بتنمية موهبة الرسم التي تسكنني منذ صغري فكانت 'ودادية الستاغ' التي انتميت إليها أفضل طريق لذلك" مضيفةً "تواصلت معهم وانخرطت بنادي الرسم وتعلمت الكثير من الأليات الممكنة لأكون رسامة محترفة وأتمكن من التعبير عن المرأة التونسية الناجحة والقوية والصلبة وبعد مضي تسع سنوات تمكنت من المشاركة في العديد من المعارض"، لافتةً إلى أن الرسم هو مجال يحتاج إلى الموهبة، ونصحت كل متقاعدة بالانضمام إلى أي نادي لممارسة هوياتها وإلا تبقى مكتوفة الايادي يقتلها الفراغ، ولتحافظ على توازنها الجسدي والنفسي.

وأشارت إلى المواضيع التي تعالجها من خلال رسوماتها "أحب إبراز المرأة التونسية في الشكل العصري التقدمي لأنها تتعب كثيراً بين العناية بالمنزل وتربية الأبناء والعمل وتسعى إلى الكمال في كل هذه المجالات".

 

 

فيما بينت الرسامة فطومة الزيتوني "أنا معلمة متقاعدة كنت أرسم مع التلامذة طيلة سنوات العمل، غادرت العمل وأنا منهكة متعبة ولكن حالياً أجد نفسي أفضل بكثير، بتُ أمارس رياضة المشي ومنخرطة في نادي الرسم وأنشط بالمجتمع المدني"، موضحة أنها تحرص على إبراز المرأة التونسية في لوحاتها وإيجابياتها في أسرتها ومجتمعها، ونصحت النساء بممارسة مواهبهن والأنشطة التي يرغبن بها.