المواويل متنفس النساء ووسيلة للحفاظ على الثقافة والتاريخ
تتناقل النساء أحداث أيامهن ومعاناتهن عبر المواويل التي تختزل الواقع المعاش، فمن خلالها تعبرن عن مشاعر الحزن والأسى والفرح، لإثارة عواطف المحيطين بهن.
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ يعتبر سرد المواويل والأغاني المؤثرة موهبة تتحلى بها الكثير من النساء، لأنهن تعتبرنه المتنفس لمشقة الحياة ومتاعبها وتحدياتها، وتسرد هذه المواويل بحسب أنواعها في الأفراح والأتراح.
عن المواويل التي يشتهر بسردها أهالي الريف، وتعد النساء أبرز من حافظن على هذا الفن، تقول نزهة الموسى البالغة من العمر 65 عاماً، من قرية الحديدي جنوب غرب مدينة منبج في شمال وشرق سوريا، إن "المرأة تخلد معظم اللحظات التي تعيشها من خلال المواويل وتتناقلها من جيل إلى آخر"، لافتةً إلى أنه يوجد في "كل منزل أم تجعل من آلامها ومعاناتها لوحة غنائية وموال تصدح به، لتواسي نفسها، وتحافظ من خلالها على الأحداث الاجتماعية التي تركتها الأجيال السابقة حية في الأذهان. وهكذا ومع كل تطور جديد، ونتيجة تعاقب الأجيال عرفت تقاليد عريقة مرتبطة بالأدب الكلامي".
وأوضحت أن النساء اللواتي أبدعن في سرد الحكايات ترددن المواويل في منازلهن وخلال قيامهن بالأعمال، ويعود الفضل الكبير لهن في الحفاظ على هذه الثقافة من الاندثار، رغم أن الكثير منها نُسيت بموت الجدات القرويات "جميع المواويل التي نتقنها ونسردها لأبنائنا تعود لزمن جداتنا وأمهاتنا اللواتي لا زلن محافظات عليها".
وحول ما يميز المواويل عن الأغاني المعاصرة، لفتت إلى أن المواويل تعتبر فطرية تحاكي الفن الشعبي وتتناغم مع الآلات الموسيقية التراثية "حتى في الحفلات والأعراس كنا نعتمد على الأغاني والمواويل الشعبية المتناغمة مع الطبل والمزمار الذي يعتبر من الميراث الشعبي العريق لمجتمعنا، وليس كأغاني الطرب الحالية التي لا تحاكي ثقافة المجتمعات".
وعن المواويل التي تسردها تقول نزهة الموسى "لقد تعلمنا سرد المواويل من أمهاتنا وجداتنا وعابرات السبيل، فأثناء الحصاد كان الجميع يغنون معاً والتي لا تجيد الغناء تتعلم في تلك التجمعات، فسرد المواويل بشكل جماعي يساعد على ترسيخ هذا الفن بطريقة فطرية في نفوس النساء".
وأضافت "تعلمت غناء المواويل عندما كنت أبلغ من العمر 10 سنوات من والدتي وخالتي، فمن خلال الغناء وسرد المواويل يعبر المرء عن مشاعره، فالكثير من الأمهات عندما تسردن المواويل تدمع أعينهن، لأنها تعزف على أوتار مشاعرهن وذكرياتهن".
ومن خلال المواويل تستذكر صبحة السلطان البالغة من العمر 70 عاماً من قرية الحديدي طفولتها، وتقول "عندما كنا نذهب للحصاد كانت إحدى النساء أو الفتيات تبدأ بغناء المواويل والأخريات ترددن من ورائها بمعنويات عالية ونشاط".
كغيرها من النساء تغني صبحة السلطان المواويل "عندما نرزق بطفل ونهز المهد لينام، وعندما يبتعد عني أحد أبنائي أو أكون لوحدي في المنزل أبدأ بغناء المواويل التي تعبر عن المشاعر التي تجتاح قلبي ليمتزج الموال مع الدموع".
وعن سبب انغماس المرأة في غناء المواويل أكثر من الرجال توضح أن "المرأة هي أكثر من تعاني من شقاء الحياة والمتاعب وتعتبر المواويل متنفس لهذا التعب لذا نرى أنها أكثر إقبالاً على هذا الفن الشعبي".