المسرح والمرأة والثغرات الاجتماعية... مسرح منبج تحدي التغيير

المسرح أسلوب فني لتسليط الضوء على المشاكل المجتمعية، وطرح الحلول لها، وفي مسرح منبج يظهر اهتمام كبير بطرح قضايا المرأة لتغيير واقع المجتمع نحو الأفضل.

سيلفا الإبراهيم

منبج - تقول ممثلات فرقة مسرح منبج في شمال وشرق سوريا "الواقع الذي نعيشه على المسرح نسعى أن يكون واقعنا، فأعمالنا هي رسالة من أجل تطوير المجتمع ليتغير نحو الأفضل".

يعد المسرح من بين أشكال الفنون الأولى التي عرفها الإنسان منذ القِدم، مع ما عرفه من الرسم والشعر والغناء والرقص، ويعتبر المسرح كما عرف منذ بداية ظهوره من الوسائل التعليمية والتوجيهية للمجتمع. ويعتبر المسرح في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا بعد تحريرها من داعش في عام 2016 من أكثر الجوانب الفنية الفعالة فيها وتأسست أول فرقة مسرحية بعد عام من التحرير باسم (فرقة مسرح منبج) وطرحت قضايا المرأة بطريقة فنية كونها الوسيلة الأقرب لتغيير واقع المجتمع نحو المساواة بين الجنسين.

مديحة العبد الله ذات 16 ربيعاً من مدينة منبج كانت تبلغ 14 عاماً من عمرها عندما تعرفت على خشبة المسرح في عام 2020، وكانت والدتها أولى مشجعاتها لتدخل مجال التمثيل المسرحي، تقول عن أولى خطواتها على الخشبة "واجهت صعوبات في البداية فالمسرح جديد علينا كأهالي منبج وعلي تحديداً، لذلك راودتني الكثير من المرات فكرة الانسحاب، ولكنني لم استسلم، وشاركت في أول عمل مسرحي يلامس في جوهره المرأة بعنوان امرأة لن تموت".

وعرضت مسرحية "امرأة لن تموت"، بمناسبة يوم المرأة العالمي في عام 2020 وتقول عن ذلك "تخطيت مرحلة التدريب وذلك شجعني"، وأضافت "أول صعود لي على خشبة المسرح أمام حشد من الجماهير أربكني، ولكني اكتسبت الثقة من المدربين/ات لأنجح بعملي، فأصبح المسرح جزء من حياتي".

  

المرأة ترغب ولكن المجتمع يرفض

وأما عن ظهور لون المرأة في المجال المسرحي بمدينة منبج تقول مديحة عبد الله "طبيعة مجتمع مدينة منبج يقيد ظهور المرأة على المسرح والتمثيل، بذريعة العادات والتقاليد، رغم أن الكثير من النساء يرغبن في الدخول لهذا المجال ويمتلكن موهبة لكن عائلاتهن تعترض طريقهن".   

وعن مدى تناول المواضيع التي تخص المرأة في أعمالهم المسرحية قالت "كوننا نساء فمن مسؤوليتنا إظهار الصورة الحقيقية للمرأة، فعبر عملنا المسرحي (صرخة المشوار) سلطنا الضوء على المرأة الفاعلة في المجتمع وتقدير المجتمع لها، إلى جانب ضرورة إعادة المكانة التي تليق بها".

    

"ما يطرح على خشبة المسرح لا يختلف عن الواقع الذي نعيشه"

وعن مسرحية "دراويش يبحثون عن الحقيقة" التي عرضت في مدينة كوباني خلال فعاليات مهرجان الشهيدة آرين جدائل السلام، وكانت مديحة العبد الله قد لعبت دور ابنة معتقل، تقول "دوري في المسرحية لامس واقعي لأني فقدت والدي في سجون داعش، وأعيش لحظة فقداني له كلما أديت ذلك الدور"، مبينةً أن "جميع المشاهد التي نمثلها نبذة من واقع مجتمعنا، لذلك تصل رسالتنا إلى الجميع". معتبرةً أن عليها في المستقبل التعريف بمجتمعها وثقافته.

 

الخجل والتردد إحدى صفاتها التي غيرها العمل على المسرح  

فيما تقول فاطمة الزهراء خليل أنها تأثرت بالمسرح عندما شاهدت إحدى البروفات فقررت الدخول إلى هذا المجال، مشيرةً إلى أنه "كانت شخصيتي خجولة واتسمت بطبيعة مترددة لكني استطعت تخطيها عندما انخرطت بمجال التمثيل بدعم من حولي، فعلى الفنان وخاصة المسرحي ألا يكون خجولاً، ومتردداً بل أن يتمتع بالثقة والقوة"، معتبرةً أن تلقي الدعم من المحيط يساعد في تكوين شخصية الممثلة.

 

المسرح رسالة

وشاركت فاطمة الزهراء خليل في الكثير من العروض المسرحية التي حملت عناوين "ثغرة، امرأة لن تموت، إزالة الأشواك" التي جسدت فيها شخصية الملكة زنوبيا.

وترى أن كل عمل مسرحي من هذه الأعمال يحمل رسالة مهمة "مسرحية زنوبيا (إزالة الأشواك) جمعت بين الماضي والحاضر وتناولت حكمة المرأة التي تحلت بها في الماضي ومقارنتها مع حاضرنا الذي يهمش المرأة، فيما تناولت مسرحية امرأة لن تموت العادات والتقاليد التي تهمش المرأة وضرورة مواجهتها".

وأكدت أن "ما نطرحه في أعمالنا المسرحية هو ما نسعى لتحقيقه على أرض الواقع، فأعمالنا هي رسالة لمجتمعنا ليغير من نفسه نحو الأفضل". مشيرةً إلى أنه "نسعى لتوسيع عمل الفرقة المسرحية، وضم عدد أكبر من النساء".

 

رغم كل التحديات هناك دائماً قابلية للتطور

وبدورها تحدثت اليسار بركل عضو فرقة مسرح منبج عن دور الفن في المجتمع مبينةً أن "المسرح يعتبر من أكثر الجوانب الفعالة في مدينة منبج مقارنة مع الفنون الأخرى".

وأشارت إلى أن "مجتمع منبج محافظ لكن هناك قابلية للتطور بشكل مستمر، ونطمح إلى توسيع المجال المسرحي في منبج، وضم جميع الفئات العمرية".