"العكة"... صناعة تقليدية لا تزال نساء دير الزور تحافظن عليها

حافظت النساء في دير الزور بشمال وشرق سوريا على صناعة السمن العربي في "العكة" بالطريقة التقليدية على الرغم من توفر المعامل والمصانع.

كوثر الجاسم

دير الزور ـ ما زالت صناعة السمن العربي في "العكة" حاضرة في الكثير من مناطق دير الزور بشمال وشرق سوريا، حيث يتغنى به الكثيرون لتميزه بطعمه وغناه الغذائي، ويعد من أجود أنواع السمن المعروفة في المنطقة.

تعد "العكة" جربة تحفظ فيه نساء البدو السمن البلدي، ففي دير الزور بشمال وشرق سوريا، لا تزال نساء القرى والبدو الرحل تستخدمن تلك الطريقة لصناعة السمن البلدي أو كما يسميه أهالي المنطقة بـ "السمن العربي" لما له من قيمة غذائية، بالرغم من وجود المعامل الحديثة.

تقول سودة العلي وهي من أهالي دير الزور اللواتي لا تزال تصنع السمن وتحفظه فيما يسمى بـ "العكة"، أن النساء في الأرياف والبادية تعملن على صناعة السمن العربي منذ القدم، مشيرةً إلى أن الطريقة التقليدية لتحضير السمن تمر بعدة مراحل.

وعن طريقة صناعة اللبن أو كما يعرف لدى أهالي المنطقة الشرقية بـ "الخاثر" توضح "بعد أن يتم حلب الأغنام يوضع الحليب في قدر كبير ويسخن على النار لمدة ربع ساعة وهي مدة كافية لغليانه، حيث يسكب بعد ذلك في أوانٍ ويترك حتى يبرد قليلاً بعد إضافة الخميرة على الحليب الذي سيتحول بعد ساعات إلى اللبن".

وأضافت "نقوم بوضع الخاثر داخل "الشجوة" وهي عبارة عن وعاء مصنوع من جلد الأغنام، ومعالج بطريقة خاصة شكله يشبه الكيس وله عنق ضيق، ونضيف إليه قليلاً من الماء البارد الذي يساعد على تكتّل الدهون وانفصالها عن اللبن، وبعد ذلك ننفخ في عنق الشجوة حتى تصبح كالبالون، ونربط العنق بخيط يمنع تسرب الهواء"، مشيرةً إلى أنه يتم تعليقه بحبلين ليرتفع عن سطح الأرض ليصبح شكلها كالأرجوحة.

وأوضحت أنه بعد تعليق الشجوة تبدأ عملية الخض التي تستمر أكثر من نصف ساعة حتى تتجمع كل الدهون التي يحتويها اللبن والتي تشكل مادة الزبدة "لأن كمية الزبدة التي نستخرجها خلال عملية الخض خلال اليوم الواحد، نقوم بحفظها وتخزينها بوعاء جلدي صغير يسمى المزبد، ونقوم بتكرار العملية لعدة أيام حتى تتجمع كمية جيدة من الزبدة وبعد وضعها في قدر نقوم بتذويبها بواسطة النار لتتحول مباشرة إلى السمن العربي".

وأما عن كيفية صناعة العكة التي يتم حفظ السمن العربي فيها تقول "في البداية نقوم بعملية الدباغة حيث نقوم بسلج جلد الخاروف أو الماعز، وتنظيفه وإضافة الملح إليه للتخلص من الرائحة"، لافتةً إلى أن تلك العملية تستغرق حوالي يومين.

وتتطلب الدباغة وجود بعض النباتات الخاصة حيث يتم تجفيفها وطحنها ووضعها في الجلد مع القليل من الماء ومن ثم تضعنها في حفرة بباطن الأرض لتترك لمدة أسبوعين أو أكثر، وتكرارها كل يومين أو ثلاثة كما أوضحت سودة العلي، لافتةً إلى أنهم مع كل مرة يكررون العملية يستبدلون النباتات التي وضعت في قلب الجلد مع الاستمرار في تلقيب الجلد وإعادته إلى مكانه.

وفيما بعد يتم تنظيف الجلد وتجفيفه وتخييطه بحيث يصبح شكله كالقربة الكبيرة، كما يتم تخييط أماكن الأقدام ليترك بعد ذلك مكان الرقبة مفتوحاً ليوضع به السمن مع القليل من العسل أو الدبس.

وأشارت إلى أن السمن العربي الذي يصنع في أرياف دير الزور مختلفة تماماً عن باقي المناطق، فوادي الفرات يشتهر بمراعيه الطبيعية، حيث يعتبر الكثيرون أن هذا يؤثر على طعم السمن وجودته ويعود ذلك إلى أنواع النباتات والأعشاب التي تتغذى عليها الماشية.