الغناء وسيلتها الوحيدة لإيصال معاناة شعبها للعالم

وسط ظروف الحرب الدائرة وحالة التهجير تسعى الفنانة سوزان بلال المهجرة من عفرين المحتلة لإيصال رسالتها ومعاناة شعبها من خلال فن الغناء.

سيبيلييا الإبراهيم

حلب ـ ستة أعوام على احتلال مدينتها تمكنت خلالها الفنانة سوزان بلال بصوتها العذب من إيصال صوت شعبها الذي يعاني من التهجير والاحتلال من قبل تركيا إلى العالم بأسره.

فن الغناء لا يختلف عن باقي الفنون فلهُ نفس الأهداف والرسائل، وهي إظهار المشاعر المستوحاة من أرض الواقع وايصالها كرسائل فنية للعالم أجمع، وتميزت المرأة بالإبداع في هذه الفنون وتجسيد الواقع الذي تقاسيهُ ومن تلك النساء المبدعات الساعيات لإيصال رسالة ومعاناة شعبها إلى العالم الفنانة سوزان بلال من أهالي ناحية راجو التابعة لمقاطعة عفرين ذات 27 عاماً، التي تمتلك موهبة الغناء منذ إن كانت طفلة لتطورها وتعمل على كتابتها وتلحينها بأكثر من لغة كالكردي، الهندي، التركي، العربي.

انضمت سوزان بلال إلى مركز جميل هورو للثقافة والفن في مدينة حلب لتنمي موهبتها، وحول بدايتها تقول "بدأت مسيرتي الفنية منذُ ثلاثة أعوام تقريباً مع بداية الانضمام كنت عضوة في فرقة للدبك الفلكلوري في مركز جميل هورو للثقافة والفن في مدينة حلب بعد فترة اكتشفت أنني امتلك صوت جميل ولم أجد نفسي في الدبك كانت طموحاتي أكبر من ذلك، فتوجهت للغناء، وبدأت أطور وأنمي موهبتي وانضممت بعدها إلى فرقة الشهيدة فجين الخاصة بالغناء في الهلال الذهبي الخاص بالنساء".

بالإرادة والتصميم أثبتت ذاتها في الساحة الثقافية وللمجتمع

لم تمنعها ظروف الحرب والتهجير من الابتعاد عن وطنتيها وثقافة الأم والمشاركة في أغلب الاحتفالات الوطنية والشعبية والخاصة بالمرأة في شمال وشرق سوريا وحول ذلك بينت "حاولت تركيا بعد احتلالها لمدينتنا القضاء على ثقافة وتراث الأجداد، لكني سعيت للمحافظة على هذه الثقافة وإحيائها فتحليت بالإرادة القوية والتصميم على عدم التراجع عن هذه الخطوة حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن، فدائماً يجب على النساء عدم التراجع عن هدفهن وتسعين لإثبات وجودهن وكيانهن".

وأوضحت "كمجتمع في مدينة عفرين هنالك تحرر وتمتاز النساء بأخذ حقوقهن لكن رغم ذلك هناك بعض العوائق التي تعترض طريق من يسعى للتقدم كالعادات والتقاليد المجتمعية، لكني لم أسمح بأن تكون تلك العادات البالية عائقاً في طريقي".

وعن أول مرة وقفت بها سوزان بلال على المسرح تقول "أول مرة وقفت بها على المسرح كنت منضمة لفرقة الشهيدة فجين كانت الفعالية ضخمة بمناسبة يوم ميلاد القائد عبدالله أوجلان، شعرت بالإحراج في البداية بحكم أنه كانت المرة الأولى، لكن تفاعل الجمهور معي بصوته المقاوم والمحي لعفرين المحتلة أعطاني دافع القوة والمعنوية للاستمرار".

تغني بأكثر من لغة وتكتب أغاني وتلحنها

تتميز سوزان بلال إلى جانب امتلاكها صوت عذب وجميل يطرب السامعين بتلحين الأغاني وكتابتها إضافة إلى الغناء بأكثر من لغة وترجمة بعض الأغاني إلى اللغة الكردية والعربية "لدي شغف كبير بالغناء فدائماً أسعى إلى التطوير من ذاتي في هذه الساحة فمؤخراً بدأت بكتابة الأغاني والغناء بلغات عدة كاللغة العربية، الكردية، التركية، الهندية، إلى جانب تلحينها".

وتشهد عفرين المحتلة انتهاكات جمة بحق الشعب وخاصة النساء من قبل تركيا وتحاول سوزان بلال من خلال أناملها كتابة أغاني عن هذه الانتهاكات وتأديتها بهدف إيصال صوت النساء للعالم والجهات المعنية.  

منذ تطبيق مشروع الأمة الديمقراطية في مناطق شمال وشرق سوريا تشهد المنطقة هجمات مستمرة من قبل الاحتلال التركي ففي الآونة الأخيرة تم استهداف سيارة تقل شاب يدعى حمزة من مهجري مدينة عفرين المحتلة  كان يحضر لحفل زفافهُ وفي ذاك اليوم توفي إثر استهداف سيارتهُ وقالت "بعد وفاة الشاب في ذلك اليوم تأثرت بوفاته وقمت بكتابة أغنية عنهُ عبارة عن موال وغناء تصف معاناة حمزة وأثر الفقدان على ذويه وخاصة جروح الأمهات التي لا تندمل مهما مر عليها الزمن، أردت إظهار مأساة وآلام الحزن والفقدان وحاولت من خلال صوتي وكلماتي أن أصف جزء من معاناة ومأساة الأمهات اللواتي فقدان أبنائهن وبناتهن".

وأكدت سوزان بلال بأنه يجب على كل امرأة تمتلك موهبة أن تقوم بإظهارها وتثبت وجودها وكيانها، مشددة على أنه مهما عصفت ظروف الحرب الدائرة في المنطقة وحالة التهجير بالنساء يجب عليهن أن تمتلكن الدافع المعنوي بعدم التوقف والاستمرار والمضي قدمناً تجاه أهدافهن متجاوزين جميع الظروف التي تقبع تطورهن ووجودهن في الساحة الثقافية والفنية، فالمرأة لها علاقة متينة مع الفن بكافة أشكاله وأنواعه فهي جزء لا يتجزأ من الفن ولا يرتقي الفن ألا بالنساء.