الغناء هو صوت المرأة والحياة

تمتلك أهين محمد صوت عذب قررت أن تقدم من خلاله رسالتها في التعايش المشترك الذي تتميز به مناطق إقليم شمال وشرق سوريا فصدحت بأغاني كردية وعربية وسريانية.

نور الأحمد

الرقة ـ مقاطعة الرقة في إقليم شمال وشرق سوريا التي نفضت عنها غبار داعش وما حمله من أفكار أعادت المنطقة قروناً إلى الوراء وسرقت من الأطفال أجمل سنوات حياتهم لكن بالدعم المقدم من قبل الإدارة الذاتية عاد الفن ليجمع بين مكونات المنطقة من جديد.

يحظى الفن في إقليم شمال وشرق سوريا باهتمام كبير، وتعمل المؤسسات المختصة على استقطاب المواهب الفنية المختلفة، وإيلاء أهمية كبيرة لدور المرأة فيه، مقتبسة ذلك من التاريخ الفني القديم للمنطقة، ودور المرأة فيما وصل من مكتشفات أثرية قدست الرقص والفن بمختلف أشكاله.

 

التأثر والتأثير

الشابة الكردية أهين محمد تبلغ من العمر 18 عاماً نشأت في بيئة تحترم الاختلاف، بل معجبة بها، وهو ما ظهر من أداء أغانيها، وحتى حديثها الذي يخلط بين اللهجة العربية المحلية ولهجتها الكردية التي تتواصل بها مع جيرانها وأصدقائها من المكون العربي.

وتغني بالكردية الأغاني والمواويل، وكذلك تقتبس من التراث العربي أجمل الأغاني، وتقول أنها ورثت صوتها العذب من عائلتها "يستهويني الغناء منذ صغري وعلى الدوام أقوم بالغناء لأملئ وقتي، وأشارك بصوتي في حصص الغناء في المدرسة، وفي الثالثة عشر من عمري بدأت أركز على موهبة الغناء لدي بشكل أكبر".

وحظيت بتشجيع ودعم كبريين من قبل عائلتها والمحيطين بها، والذين آمنوا بموهبتها، ونمت هذه الموهبة بالانضمام للمركز الثقافي "عندما افتتح مركز الثقافة والفن لتنمية مواهب الغناء للشابات انضممت على الفور، ثم انتقلت إلى الهلال الذهبي، من أجل تنمية هوايتي وتطويرها بشكل أكبر، ولكي أتمكن من الظهور على المسرح، فكنت أقضي ساعات الصباح في المدرسة، وبعد انصرافي أتوجه إلى مركز الهلال الذهبي لأكمل تدريباتي في الغناء، وأمرن حنجرتي على طبقات الأغاني التي أقوم بأدائها وذلك تبعاً لطبقة صوتي وهي الري".

وعن الإعجاب والتفاعل الذي حظي به صوتها بينت أنه من خلال ما قدمته صقلت موهبتها وأصبحت أكثر جرأة على المسرح "شاركت في العديد من المهرجانات الغنائية، وقدمت أغاني مختلفة وبأكثر من لغة، في البداية شعرت بالارتباك والخوف، خاصةً في المرة الأولى التي صعدت فيها على خشبة المسرح، لكن عندما بدأت بالغناء تبدد خوفي، وشجعتني كذلك الهتافات، وأصبحت مصدر مهم لي في مواصلة مسيرتي، وهذا ما جعلني اتحفز للمضي والتقدم".

ومع أنها كردية إلا أن ارتباطها كبير باللغة العربية، وتفضل الأغاني التراثية على الحديثة "أغني باللغة العربية أيضاً، واختار الأغاني الشعبية القديمة التي تعبر عن التراث، فهي تعد هوية ثقافية، وأساهم بذلك في إحيائها والحفاظ عليها".

 

صوتها يمثل كل امرأة

ووصفت أهين محمد عالم  الغناء بأنه صوت الحياة وأنغامها، وبالنسبة لها شكل فرصة للراحة تعبر به عما تشعر به بجميع حالاتها سواء فرح أو حزن، وتوصل من خلاله رسالة للواقع والحقيقة المعاشة، معتبرةً أن ما حققته خلال هذه السنوات القليلة إنجاز في حياتها "أخذت عبرة من الغناء وهي أن المرأة قوية وقادرة على إثبات وجودها في جميع ساحات الحياة، وبإرادتها القوية بأماكنها كسر حاجز الانتقادات الهادمة لدورها وطموحها، وتحقيق ما تهدف إليه".

وأكدت أن ثورة 19 تموز 2012 ساعدت المرأة لترفع صوتها بحقوقها ومطالبها فكسرت جدران المنزل وأثبتت نفسها "لطالما كانت المرأة سجينة المنزل والأطفال فقط، أما اليوم فباتت في منابر العلم والثقافة وتشارك بصوتها لإيصال رسالة للعالم أنه مهما واجهتها ظروف وتحديات إلا أنها لا تعرف الاستسلام بل تحارب وتناضل في سبيل تحقيق أهدافها، وإذا ارادت شيء ستفعله وأنها مضيئة في دروب الحياة".

وتتميز مناطق إقليم شمال وشرق سوريا بنسيج اجتماعي مميز ظهر من خلال أداء أهين محمد الأغاني بأكثر من لغة "أخذت المرأة أدوار ساهمت في ترسيخ المساواة بين الجنسين ورسم صورة فسيفسائية بين مكونات المنطقة، وهو ما أعمل لنقله والتعريف به من خلال ما أقدمه من أغاني بلغات المنطقة العربية والكردية والسريانية".

 

مصدر إلهام

وتطمح أهين محمد أن تنمي موهبتها أكثر ويصل صوتها لكل فتاة وامرأة حرة في العالم لتتصبح مصدر إلهام لهن وتشجعهن لكسر حاجز التردد، وأن تكون نموذج مثالي لهن، وتغني على مسارح العالم "أدعو جميع النساء وخاصة الشابات ومن يمتلكن مواهب وهوايات دفينة ألا يستسلمن أمام الانتقادات التي تحاول الحط من عزيمتهن، وأشجعهن أن ينضممن للمراكز الفنية التي تعمل بدورها على تنمية المواهب الغنائية، ودعم وتعزيز دورهن في المجتمع، فالمرأة تظهر قوتها حين وقوفها على المسرح وايصال ما تريده بكلمات أغنيتها".