الفن في جوزجان... من الهواية إلى وسيلة للبقاء والمقاومة

زيبا شرف، شابة في الثالثة والعشرين من عمرها، استطاعت أن تحوّل شغفها بالألوان والرسوم إلى مساحة صغيرة للفن وسط القيود، وفتحت نافذة للأمل وأبقت أحلام الفتيات حيّة.

بهاران لهيب

جوزجان ـ أصبح الفن بالنسبة لزيبا شرف أكثر من مجرد هواية؛ بل وسيلة للبقاء، للتعلّم، ولزرع الأمل في نفوس من حولها. وبين ثقل التاريخ العريق وظلال القيود الراهنة، تتشكل حكاية زيبا شرف كرمز لمعنى المقاومة والإصرار، حيث يلتقي الماضي والحاضر ليمنح قصتها بعداً إنسانياً ومعنى أعمق.

في شمال أفغانستان، حيث تنبسط الأرض وتلتقي الطرق التجارية، تمتد ولاية جوزجان بمركزها في مدينة شبرغان. هذه الولاية ليست مجرد مساحة جغرافية، بل ذاكرة حية للتاريخ والثقافة، وموطن لكثافة سكانية جعلتها قلباً نابضاً في الشمال. 

ويشكل المجتمع لوحة من تنوع لغوي وثقافي، حيث تمتزج الدَرية بالأوزبكية، وتُحفظ التقاليد بروح الضيافة وفي هذا السياق برزت تجربة زيبا شرف، الشابة التي أنشأت معرضاً فنياً صغيراً في جوزجان، لتقدّم من خلاله والمودة. الثقافة الأوزبكية هنا ليست مجرد موروث، بل حياة يومية تتجلى في رقص "آتن"، في الموسيقى الشعبية، وفي الفنون التي تصوغ هوية المكان. النساء، رغم القيود، يواصلن المشاركة في الفنون والحياة الاجتماعية، حاملات إرثاً من الصمود والسعي نحو الأفضل. 

فضاءً للتعليم والإبداع، وتفتح أمام الفتيات نافذة للأمل والتعبير عن الذات.

 

 

تُعد زيبا شرف من أبرز الفتيات الموهوبات والفاعلات في مجتمعها. ورغم القيود الكثيرة، استطاعت أن تحوّل جزءاً من منزلها إلى معرض فنّي صغير، لتبقي شغفها بالرسم وتصميم الأزياء والأعمال اليدوية حيّاً وسط الظروف الصعبة.

وبدأت رحلتها الفنية بالرسم من أجل ذاتها، لكن بعد أن انتشرت بعض أعمالها عبر شبكات التواصل الافتراضي المحلية، انهالت عليها طلبات من فتيات يرغبن في التعلم. وبإمكانات محدودة، خصصت غرفة صغيرة في بيتها لتكون فضاءً فنياً، وخصصت صفاً منظماً لتعليم الرسم لخمس شابات.

حيث قالت "جوزجان ولاية مليئة بالقدرات، لكن الفرص المتاحة للفتيات قليلة جداً. لم أرد أن تنتظر الفتيات سنوات طويلة للحصول على بيئة تعليمية كما حدث معي، لذلك أنشأت المعرض خاصتي. صحيح أن مساحتنا صغيرة، لكن أحلامنا كبيرة. هدفي ليس التعليم فقط، بل أن تشعر الفتيات بقيمتهن وبقدراتهن".

وحول التحديات التي تواجهها، أوضحت "أكبر مشكلة هي القيود وقلة الإمكانات. أسعار مواد الرسم ارتفعت، ولا نملك وصولاً إلى الأسواق الكبيرة. بعض العائلات لم تسمح في البداية لبناتها بالمشاركة، لكن عندما شاهدوا أعمالهن الفنية تغيّر موقفهم".

زيبا شرف تطمح في المستقبل إلى إنشاء معرض أكبر يعرض أعمال الفنانات من جوزجان "فتياتنا يمتلكن مواهب، لكنهن بحاجة إلى فرصة. أنا مؤمنة أن فن جوزجان سيُعرّف يوماً ما على المستوى المحلي، وأثق أن هذا اليوم سيأتي حين تشارك الفتيات بحرية في الدورات والمعارض والأنشطة الفنية".