الأهازيج الشعبية "الذهب العتيق" الذي يفتقده الجيل الحالي

يعتبر الفن الشعبي تحفة فنية وذهب عتيق لم يعد موجوداً بعد أن حُرِّف عن حقيقته، شوقا المصطفى إحدى النساء اللواتي تتقن الفن الشعبي، ولا تزال تحافظ عليه ويردده لسانها.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ تعتبر العتابا والمناحة أحد الفنون الشعبية التي تتقنها نساء جيل الثمانينات وما قبل، وباتت تُمارس هذه الموهبة بشكل قليل جداً مؤخراً، بعد أن غزت أغاني الطرب الهابطة في مضمونها الجيل الحالي وحرف معنى الفن عن حقيقته.

تصف شوقا المصطفى البالغة من العمر 65 عاماً، وهي من قرية أربعة كبير جنوب مقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا، فن العتابا بـ "الذهب العتيق".

تتقن شوقا المصطفى تأليف وإلقاء الأشعار باللهجة العربية العامية بالإضافة إلى قدرتها على المناحة والتي تعرف محلياً بـ "النعي أو النوح" ويعتبر هذا الفن ثقافة متجذرة لدى النساء بفعل الظروف الاجتماعية والبيئية المحاطة بهن، ناهيك عن رغبتهن في العناية بها لتستمر ليومنا الحالي.

وتقول "كنت أبلغ من العمر 16 عاماً عندما قمت بغناء الأهازيج الشعبية وذلك خلال العمل مع الشابات في جمع الحطب والحصاد يدوياً"، أما العتابا والأشعار فبدأت بإلقائها بعد بلوغها الثلاثين من العمر.

وأشارت إلى أنها تحول المواقف وما تمر به إلى عتابا على شكل عِبر وحكم وهذا ما يجعلها تمتلك مكانة مرموقة في مجتمعها "تعتبر المجالس مدارس، فجميع العتابا التي ألقيها تحمل رسائل وحكم من واقع مجتمعنا، وهذه الوقائع تناقش وتحاور عليها في المجالس النسائية من كافة الفئات العمرية اللواتي تشاركن تجاربهن ومواقفهن "أجعل من تلك العبر أشعاراً ألقيها على المجتمع ليستندوا عليها في حياتهم الاجتماعية".

ونوهت إلى أن للسعادة والفرح أغانيها بينما الأحزان دائماً ما تحصر بالأشعار والمناحة، مشيرةً إلى أن "لكل حزن له ألمه ويكون مقدور جمال الشعر بعمق الحزن، ففي حالات الرثاء أؤلف أشعاراً تليق بالمفقود"، بينما تنوح شوقا المصطفى في التعزية التي تشارك فيها بعد أن تألف مناحة شعرية عن المتوفى "أنسج بعض الكلمات لعلي أخفف من ألم الفقد وأشيد بشخصية المفقود خلال عزائي لأهل المتوفى، وما أنسجه من أشعار أحفظه عن ظهر قلب لأني لا أتقن القراءة والكتابة وتبقى تلك الكلمات منقوشة في ذاكرتي"، لافتةً إلى أنه لدى بعض المجتمعات بناءً على العادات والتقاليد يتم دعوة النساء اللواتي تتقن فن المناحة خلال التعازي.

وأوضحت أنه ليس بإمكان أياً كان أن يتقن فن المناحة والعتابا كما تتقنه نساء جيلها، لافتة إلى أن الجيل الحالي يفتقد للتراث الشعبي سواء بالنسبة للأغاني أو العتابا "يعتبر التراث القديم كالذهب العتيق وهذا ما يفتقده الجيل الحالي لأنه يعيش حالة من تطور التكنولوجيا بينما لا يدرك معنى الحياة وحكمتها فجيلنا رغم أنه لم يمتلك التكنولوجيا الحديثة كان يدرك معنى الحياة جيداً، وهذا ما يميز جيلنا عن الجيل الحاضر".