إحياءً لثقافة الجدات... نساء تصنعن أطباق من خيوط البلاستيك

من خلال صناعة أطباق من خيوط البلاستيك تسعى بسمة محمد للحفاظ على ثقافة جداتها ونشرها في المنطقة، وتؤمن من خلالها اكتفائها الذاتي.

سيبيلييا الإبراهيم

منبج ـ تشتهر نساء مدينة إدلب الواقعة في الشمال السوري بصناعة أطباق من (الجواني) وسلل لمختلف الاستعمالات مصنوعة من خيوط البلاستيك الخاصة بعمل الحصر، وتعتبر تحفٌ فنية تزيّن المنازل بها وانعكاس لتراث قديم وموروث شعبي توارثتها النساء من جداتهن لبناتهن.

من بين النساء اللواتي تصنعن أطباق من الجواني بسمة محمد طحباش النازحة من مدينة إدلب لمنبج والتي تسعى لنشر ثقافة جداتها والاعتماد على ذاتها في تأمين قوت يومها.

تقول بسمة محمد وهي في العقد الثالث من عمرها، التي نزحت من ريف معرة النعمان التابعة لمدينة إدلب منذ ثلاثة أعوام "بسبب ما شهدته إدلب من حرب وعدم توفر فرص عمل نزحنا إلى مدينة منبج".

وأوضحت "تعلمت صناعة أشكال ومجسمات مختلفة من خيوط البلاستيك والتي نطلق عليها اسم "جواني" منذ كنت طفلة، فقد كانت جدتي تتقن هذه الحرف، ووالدتي وشقيقاتي أيضاً، وهو ما خلق لدي الحافز لأتعلم صناعتها".

وأشارت إلى أن هذه الصناعة تعد من ثقافة نساء مدينة إدلب، معظم نساء المدينة تتقن صناعتها، لافتةً إلى أن أغلب منازل إدلب يتم تزينها بمجسمات وأشكال مختلفة من الجواني "إنها تعتبر من ثقافة جداتنا كما أنها تعبر عن الجمال، وهي تعتبر مهنة لمن يتقنها ويعمل بها، وبات الطلب عليها يزداد من قبل الأهالي"، موضحة أنه إلى جانب تزيين المنزل بها، لتلك الأطباق استخدامات عدة كتقديم الحلوى والمعجنات وغيرها.

وحول كيفية نسج أطباق وسلل من خيوط البلاستيك ذات أشكال ومجسمات مختلفة تقول "الخيوط التي نستخدمها لصناعة الجوني بها تسمى قصل وهي مصنوعة من البلاستيك وتستخدم لصناعة الحصر، نجلب تلك الخيوط المصنوعة من النايلون من المعامل المخصصة لصناعة الحصائر في مدينة منبج".

وأضافت "أقوم بدايةً بربط الخيطان مع بعضها ونقوم بلفها ونضع القصل ذات الألوان المختلفة ليعطي جمالية للشكل الذي أقوم بصناعته ونضع الحشوة ليصبح الجوني متين وقاسي ومن ثم نقوم بعقدها (بالمسلي) والتي هي عبارة عن إبرة ونتابع تلك العملية لغاية الوصول إلى الشكل النهائي للطبق أو الأواني والأشكال المختلفة".

ولفتت إلى أنها تقول برسم أشكال الورود عليها أو كتابة أسماء حسب طلب الزبائن من حيث الشكل والحجم والرسوم، فكل جوني يختلف عن الآخر من حيث الصناعة وكل واحدة منها تأخذاً وقتاً محدداً حتى الانتهاء منه، مشيرةً إلى أن القطع الصغيرة تعمل عليها يوماً واحداً، أما القطع الكبيرة منها تأخذ منها أياماً حتى تنجزها "من أصعب مراحل صناعة الجوني البداية، فإذا لم تكن متينة فستهترأ".

وأوضحت أنها تعتمد على هذه المهنة في تأمين قوت يومها وعائلتها "إنني أقوم ببيع ما أصنعه، ولا يقتصر الأمر على مدينة مبنج، فهناك العديد من يطلبون تلك القطع من مدن أخرى من سوريا وخارجها، وقد أنجزت بعضاً منها وأرسلتها إلى لبنان".

وقالت "احب عملي بصناعة الجواني وأشكالها فأرى بها إظهار لموهبتي ومصدر افتخار لي كونها في الوقت الراهن لم تعد موجودة كالسابق، فأنا من خلال عملي انشر ثقافة مدينتي التي اشتهرت بعمل هذه الأشكال منذ القدم بالإضافة إلى الحفاظ على ثقافة الجدات والاعتماد عليها كدخل يومي، وبدوري أشجع كافة النساء اللواتي تحافظن على ثقافتهن وتتوارثنها بتعليم بناتهن وإظهار مواهبهن وعدم دفنها".