'زيادة تمثيل النساء في مواقع صنع القرار تتناسب مع مسيرتهن العملية والعلمية'

يشكل المغرب نموذجاً يحتذى به في مجال تشجيع انخراط المرأة في تسيير الشأن المحلي وترسيخ آليات الحكامة الجيدة، لتساهم بذلك في تعزيز المسار الديمقراطي في البلاد.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت السياسية في حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة المغربية حسناء أبو عام، أن حضور المرأة في المشهد السياسي هو حضور مهم، حيث يظهر دورها الكبير أكثر خلال كل استحقاق انتخابي.

أوضحت عضو ومستشارة بالهيئة الدولية للتحكيم والعلوم القانونية حسناء أبو عام في حوار مع وكالتنا أن هناك تقدم ملموس في تمثيل النساء في البرلمان المغربي، فقد حققت النساء قفزة نوعية رغم الهيمنة الأبوية، مقارنة مع السنوات السابقة.

 

كيف تصفين حضور النساء في المشهد السياسي المغربي؟

حضور المرأة المغربية في المشهد السياسي هو حضور مهم، فهي تلعب أدواراً كبيرة، ويظهر دورها الكبير خاصة خلال كل استحقاقات انتخابية.

وقد شكل الاقتراع الثلاثي للثامن من أيلول الماضي منعطفاً مهماً في سياق الجهود المبذولة لتمكين المرأة وتعزيز حضورها في المشهد السياسي، فضلاً عن كونه مثل خطوة حاسمة للنهوض بتمثيل النساء وقياس مدى فعاليتهن على مستوى المجالس المنتخبة.

وبشكل العام النساء في المغرب، أظهرن حضور قوي ومشرف في عدد من المناصب التي أسندت لهن مهامها، فلا يمكن الاختلاف عما حققته المرأة المغربية من تقدم وإنجازات وما وصلت إليه من مكانة مشرفة بفضل جهودها وكفاحها وطموحها لتقلد مواقع الريادة، وفرض حضورها في المشهد السياسي.

فاليوم هناك نساء داخل الأحزاب، ونساء يتواجدن في البرلمان، ورئيسات مقاطعات، كلهن تناضلن من مواقعهن بشكل قوي، وأظهرن عن جدارة واستحقاق وكفاءة في كل المهمات التي تسند لهن.

 

ترى الحركات النسوية في المغرب أن حضور النساء في المشهد السياسي دون الطموحات، ويعاني من عنف سياسي يتجلى في التمييز والإقصاء والتغييب، ما تعلقيك على ذلك؟

لا أرى أن هناك تغييب وإقصاء للمرأة من المشهد السياسي، لكن الإشكالية تكمن في أن الأضواء لا تسلط على الأدوار التي تبذلها النساء داخل الأحزاب، فهي تبذل مجهودات جبارة خلف الكواليس، فمثلاً إذا نظرنا إلى الاستحقاقات الانتخابية فالمرأة يكون لها دور كبير في النضال في إنجاح العملية الانتخابية؛ وبالتالي فإن حقها في الظهور يكون ضئيلاً مقارنة مع الرجل، الذي ربما لا يبذل نفس المجهود الذي تبذلها النساء.

والكل يتفق على أنه في منطقتنا تسود العقلية الأبوية، والتي تعطي الأولوية للرجل كقائد اجتماعي وسياسي وكعنصر له قدرات أقوى من المرأة في تدبير الشأن العام السياسي وتقلد المواقع الريادية.

والواقع لا يلبي طموحات الحركة النسائية في مجال النهوض بحقوق المرأة وإقرار المناصفة وترسيخ أدوارها القيادية، لكن لديها بصمة في كل ميدان تقتحمه، لهذا نراهن على زيادة تمثيلية النساء في مواقع صنع القرار تتناسب مع مسيرتهن العملية وتأهيلهن العلمي وحضورهن الفعال في الحراك السياسي.

 

هل المرأة المغربية اليوم لديها قوة اقتراحية داخل الأحزاب؟  

لا شك أن المغرب يشكل نموذجاً يحتذى به في مجال تشجيع انخراط المرأة في تسيير الشأن المحلي وترسيخ آليات الحكامة الجيدة، لتساهم بذلك في تعزيز المسار الديمقراطي في البلاد.

فالمرأة المغربية بفعل مستواها الثقافي وتجاربها مع التحديات التي تواجهها في المجتمع، بالإضافة لنجاحها الأسري، يكسبها كل ذلك تجربة كبيرة، وعندما تسند لها أية مهمة سواء في المجال السياسي أو أي ميدان آخر فإنها تستطيع اتخاذ قرارات مهمة، فدورها لا يقل عن دور الرجل في إيجاد حلول للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فآراؤها تؤخذ بعين الاعتبار، وتساهم أيضاً في تحسين العمل الحزبي الداخلي.

واقتحمت المرأة المغربية اليوم كل المجالات فتراها اليوم موثقة، ربان طائرة، محامية، قاضية، مقاولة ومهندسة هناك مهن كثيرة اقتحمتها لا تعد ولا تحصى، وأبانت فيها عن كفاءتها وفرضت فيها ذاتها وقدمن اقتراحات وشاركت في إصدار قرارات مصيرية كانت صائبة.

 

حدثينا عن تواجد المغربيات في قبة البرلمان، كيف تقيمين هذه التجربة، خاصة بعد استحقاقات 8 أيلول 2021؟

هناك تقدم ملموس في تمثيل النساء في البرلمان المغربي، فقد حققت النساء قفزة نوعية رغم الهيمنة الأبوية، فمقارنة مع السنوات السابقة، اليوم بات حضور النساء في مجلس النواب حضور لا بأس به ويدافعن باستماته على حقوق المواطنين والمواطنات، رغم ما يواجهن من إكراهات واتهامات.

فبعد عقود من هيمنة الطابع الأبوي على المؤسسات التمثيلية، نلاحظ أنه منذ بداية الألفية تم وضع تدابير انتقالية للتمييز الإيجابي لفائدة النساء في المجال السياسي، عبر سلسلة من الإصلاحات ترتب عنها تيسير ولوج المرأة للبرلمان بفضل إعمال الكوتا النسائية، التي أسهمت في التخفيف من وطأة التحيزات التي طالما كرست استحواذ الرجال على المجال الانتدابي، وقد أدى هذا التحسن التدريجي لنظام الحصص إلى توسيع هوامش مشاركة النساء بالمؤسسات التمثيلية، وخاصة مجلس النواب مع استحضار أكبر لمقارنة النوع الاجتماعي في بنية السلطة التنفيذية.

وهو ما أفرز اليوم ظهور كفاءات مهنية حاضرة وملتزمة بعملها داخل قبة البرلمان، وتقوم بالمهام المنوطة بها داخل المؤسسة التشريعية على أحسن ما يرام.

وبرأيي أن عدد البرلمانيات اليوم رغم بعض التحفظات، إلا أنه يظل مؤشراً إيجابي ويبصم على حضور النساء في مراكز القرار السياسي.

 

تعرف قيادات الأحزاب المغربية هيمنة أبوية، فمن ضمن 43 حزباً هناك فقط حزبين ترأسهما امرأتان، لماذا تغيب المرأة المغربية عن ترأس الأحزاب؟

المغرب لا يعد استثناء في المنطقة في مسألة غياب قيادات نسائية بالميدان فيما يخص الأحزاب السياسية، فهي ظاهرة عالمية، فالأمر يتعلق بالثقافة السياسية الأبوية التي تسود في الفعل السياسي، وبعدم الاعتراف بمجهودات وإمكانيات النساء.

لكن رغم هذه الهيمنة، فاليوم هناك بوادر عن الانخراط الجاد والفعال للمرأة المغربية بالحياة السياسية، واعتلائها سلم القيادة، ولعبها أدواراً أكثر تأثيراً، فالساحة الآن مليئة برموز نسائية قوية، والمرأة بدورها قادرة على تسيير الأحزاب السياسية لأنها تعمل بجد.