سياسية تونسية: العشرية الماضية حققت الكثير من التشريعات للنساء

تنتقد السياسية التونسية سياسة الرئيس قيس سعيّد في إقصاء النساء باستخدام القانون الانتخابي حتى لا يقع اللوم عليه حين تكون نسب وجودهن بهذا الوهن والشكل غير المسبوق من ناحية التمثيل في البرلمان وتجدّد رفض المعارضة للمسار ككل.

زهور المشرقي

تونس ـ يخوض الشعب التونسي معركة لاسترجاع المكاسب التي حققتها ثورة عام2011، خاصةً مكاسب النساء، وسط تراجع الحقوق والحريات وأزمة اقتصادية خانقة.

ترى السياسية والقيادية بحزب العمل والإنجاز، رابعة الرابعي في حوار مع وكالتنا أنّ الثورة التونسية قدمت للنساء العديد من التشريعات المناهضة للعنف والتميز المبني على النوع الاجتماعي، مشدّدة على أن الوعي النسوي تمت ترجمته من خلال مقاطعة الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد نسف مبدأ التناصف وعدم احترام قدرات وكفاءات النساء للوجود بتمثيل مهم في المؤسسات.  

 

هل التونسيون/ات اليوم أمام معركة حقيقية لإنقاذ واسترجاع الديمقراطية؟

نخوض اليوم معركة لاسترجاع المكاسب التي حققتها ثورة الكرامة عام2011، وتمّ افتكاكها بدمائها وشهدائها وجرحاها، لدينا مكاسب لا يمكن لأي طرف أن يحرمنا منها ولازالت المسيرة أمامنا للحفاظ على المكاسب المحققة ولتطويرها حتى لا تقتصر على المطالبة بالحرية والديمقراطية بل تصل مرحلة العيش الكريم ورفاه اقتصادي واجتماعي، وهي مطالب يمكن تحقيقها عن طريق الأوفياء الذين يناضلون دون أي مآرب شخصية.

 

يحتفل التونسيون/ات بذكرى الثورة الثاني عشر هذا العام، وسط مظاهرات غاضبة ما قراءتك لهذا المشهد السياسي المتغيّر اليوم؟ 

هو مشهد سياسي متغير فعلاً، 12عاماً ونحن نناضل من أجل توحيد المعارضة من كل الأطراف والتوجّهات والمدارس السياسية والفكرية وقد نجح هذا "الانقلاب" الذي قام به قيس سعيّد في هذه المهمة، مهمة توحيدنا حيث ضم شارع الحبيب بورقيبة الرمز أو شارع الثورة كما نلقّبه هذه المدارس على اختلافاتها يميناً ويساراً، نساءً ورجالاً، ضمّنا هذا الشارع الذي أهدانا الحرية والديمقراطية وتونس الجديدة بعد 23 عاماً من حكم المخلوع القمعي، اليوم المشهد السياسي أراه متحركاً بعد قناعة شعبية وقناعة من مختلف الأطراف السياسية الوطنية أن الوضع بات لا يحتمل ووجب توحيد الصفوف والحوار لإخراج البلاد من أزماتها وإقرار الإصلاحات اللاّزمة لبناء الدولة التي نريد ضمن إطار ديمقراطي بنّاء، برغم كل التضييق والانتهاكات والعراقيل وبرغم البرلمان المغلق "بدبابة" والانتخابات الصورية  وإقصاء النساء والنتائج الهزلية المُسجلة بعد المقاطعة الشعبية إلا أن المشهد السياسي لازال ثرياً وسنواصل النضال لاسترجاع بلادنا.

 

ماذا قدمت الثورة التونسية للنساء، وهل انتصرت لهن حتى بسن بعض التشريعات لصالحهن؟

برأي وبرغم بعض النقائص، فقد انتصرت الثورة للتونسيات وقد حظين بالعديد من التشريعات التي جاءت لتقوية مكانتهن، ونذكر من بين تلك القوانين قانون مكافحة العنف ضد النساء الذي تم سنّه عام 2017، وأيضاً قانون مكافحة التمييز العنصري الذي تعتبر الراحلة النائبة البرلمانية والناشطة السياسية والنسوية جميلة الكسيكسي من رائداته حيث عملت كثيراً ليرى هذا القانون النور، وأيضاً القانون الانتخابي السابق الذي أقر مبدأ التناصف بين الجنسين عمودياً وأفقياً، وأيضاً لا ننسى دستور2014 الذي تطرّق في فصوله إلى ضرورة تحقيق المساواة التامة والفعلية وغير المشروطة والذي مكن المرأة من اعتلاء المراكز القيادية والتواجد بقوة في البرلمان على غرار آخر برلمان شرعي منتخب عام 2019 والذي حظيت النساء فيه بتمثيل جيد، وكانت فيه سميرة مرعي  نائب رئيس البرلمان وهي سابقة في شمال إفريقيا والمنطقة ككل.

أرى أن الثورة أهدت النساء الكثير من المراسيم والقوانين وكانت هناك مراسيم تهتم بقانون العمل وعطلة الأمومة وكان هناك مشروع قانون يهتم بالمطلقة أيضاً وغيره من المشاريع التي يعمل عليها البرلمان السابق إلى جانب الفصول الدستورية (دستور2014،) الذي أعطى للمرأة الكثير من الحقوق والمكتسبات وقوانين أخرى كان مجلس النواب يعمل على تحقيقها إلى أن أُغلق بدبابة.

 

غضب نسوي من المشاركة الضعيفة للنساء في الانتخابات البرلمانية (الدورة الأولى) بعد قانون انتخابي نسف مبدأ التناصف، بماذا تفسّرين ضعف المشاركة فضلا عن القانون الانتخابي؟

وصول الرئيس الأسبق الراحل الباجي قائد السبسي إلى الحكم كان نتيجة لتصويت النساء وإقبالهن عن طواعية وبوعي لممارسة حقهن الدستوري في الانتخاب بشفافية وحرية ونزاهة، وهنا أربط تلك الفترة بهذه الفترة التي تغير فيها القانون الانتخابي ونسف كلياً مبدأ التناصف ووضع العراقيل والعقبات والشروط المجحفة أمام النساء لثنيهن عن ممارسة العمل السياسي والتواجد في البرلمان.

ذلك الوعي النسائي التلقائي بعد قانون انتخابي ظالم من الطبيعي أن تكون نتيجته هذه المقاطعة الواسعة وهذا العزوف النسوي عن المشاركة كقوة انتخابية وكمنتخبات، لا يمكن لنساء بلغن درجة من الوعي الفكري والنسوي والسياسي طيلة 12 عاماً في مشهد يتّسم بالتعددية الحزبية وكثرة منظمات المجتمع المدني أن يشاركن في مسرحية كهذه، هذا القانون الذي حطم المكاسب التي حققتها النساء بنضالات فردية بعد أن تم أقصائهن بالمراسيم من الوجود عاقبن كل المنظومة وعبرن علناً عن رفضهن لها ومقاطعتهن دون خوف. نحن لا نعترف كمعارضة بهذه المنظومة التي لا تسمع إلا لنفسها، منظومة لا تحترم النساء وقدراتهن، فكيف لمن حرم من مكتسبات عقد من الزمن أن يشارك في تلك الانتخابات الصورية وقد كانت نسب المشاركة 8.8 بالمئة الدليل القاطع على الفشل الذريع لمسار بدأ بدبابة، اليوم بعد سنتين من الانقلاب فهم التونسي/ـة أنه لم يقدم له إلا الكلام والوعود، بل تم إعادة البلاد إلى الوراء وضرب مكتسبات النساء ومست حريتهن.

 

كحزب معارض، هل تستعدون لخوض تجربة المشاركة في حوار وطني ينقذ البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية؟

نحن كحزب سياسي مناهض لـ الانقلاب لدينا أولويات في العمل السياسي، وأوّل تلك الأولويات الفائدة الوطنية، وأي مشروع قد يخدم تلك فائدة الوطن في ظلّ الديمقراطية والعرف المتعامل به سياسياً سنكون طرفاً في هذه المبادرات والحوارات وقد قمنا بذلك حتى ما قبل جبهة الخلاص وعبرنا لمختلف الأطراف عن استعدادنا للعمل الجماعي لإنقاذ البلاد، وطبعاً نتعامل فقط مع من يؤمن بالديمقراطية والاختلاف وبحق كل تونسي وكل مدرسة سياسية وفكرية وبالحياة الحزبية والسياسية بأن تكون شريك في بناء هذا الوطن.

كل المبادرات التي تحافظ على فائدة الوطن وتستوعب الناس على خلافاتها وتحترم الاختلاف وتُقدر الأجسام السياسية والدور السياسي والتجربة الديمقراطية في تونس، حزب العمل والإنجاز لن يتأخر للحظة أن يكون طرفاً فاعلاً فيها.

 

هل تتفقين مع من يقول إن الصراع في تونس ليس سياسياً، بل هو صراع ولاءات وخيارات رئيس الجمهورية الخاطئة التي يتحملها الشعب؟

لا أرى أولاً أن هناك خيارات لرئيس الجمهورية، وأتساءل، أين هي هذه الخيارات؟، أرى تخبّطاً بعيداً كل البعد عن إدارة البلاد، وكلّه وفقه بفعل فاعل، لا شيء يتحمل مسؤوليته برغم الصلاحيات التي يتمتع بها لكنه لا يعرف شيئاً عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد من مواد أساسية مقطوعة وتقهقر المقدرة الشرائية وغلاء المعيشة وقانون مالية كارثي سيدمر ما تبقى في جيب المواطن المفقر، كلها وفق الرئيس بفعل فاعل وليس من خياراته، صحيح أن البلاد تعشّشت بها اللوبيات الاقتصادية وتعاني التضخم والتدخلات الأجنبية والخارجية لكن ما زاد الطين بلة اليوم انعدام الفكر السياسي والرؤية الواضحة وغياب الخيارات القادرة على إنقاذ البلاد فضلاً عن وجود حكومة صورية غير مبالية بما آلت إليه الأوضاع.

 

ختاماً، ما هو دور النساء في المرحلة المقبلة؟

دور النساء لا يقل أهمية عن دور الرجال، ضمن دور تكاملي مهمته مناهضة الانقلاب بنشر الوعي واقتحام ساحات النضال للتعبير عن آرائنا والصدح بأعلى أصواتنا أننا غير راضيات عن هذا الوضع السياسي ولن نقبله لاسترجاع تجربتنا الديمقراطية وبناء جيل قادر على حماية البلاد وحامل لقضية الإصلاح.