سياسية: غياب المرأة عن مواقع صنع القرار أحدث فجوة بين القوانين والواقع

أكدت المختصة في المجال السياسي عبير بشير أن ما قدمته المرأة الفلسطينية طوال السنوات لا يرتقي مع وجودها أو تمثيلها في مواقع صنع القرار نتيجة الصورة النمطية التي كونها المجتمع.

رفيف اسليم

غزة ـ تعاني النساء الفلسطينيات من ضعف الوصول لمراكز صنع القرار، مما يؤثر بالسلب على حقوقهن ويحد من وصولهن إلى حلول عادلة للمشكلات التي قد تعانين منها، لذلك يتطلب الأمر منهن تأسيس لوبي ضاغط يسعى للمطالبة بدعمهن للوصول إلى تلك المراكز من أجل تجسيد تجاربهن وعكس أصواتهن على جميع القرارات المتخذة.

قالت المختصة في المجال السياسي عبير بشير، إن المرأة أقدر على التعبير عن احتياجاتها ومتطلباتها لذلك من الضروري تواجدها في مواقع صنع القرار سواء كان سياسي اقتصادي اجتماعي، ثقافي، أو تربوي، كون تغيبها عن تلك المواقع أحدث فجوة ما بين القوانين الموضوعة والواقع الذي تعيشه النساء والفتيات.

وبينت أن مواقع صنع القرار تعني المؤسسات الحكومية والوزارات ومجالس البلديات إضافة إلى اللوبيات التي يتم تشكليها في المجتمع، لافتةً إلى أن تسليط الضوء على نماذج ناجحة ومؤثرة من النساء كحنان عشراوي وليلى خالد وغيرها من خلال الإعلام له أهمية كبيرة في توجيه المجتمع نحو بوصلة معينة وهي احترام النساء والثقة بقدراتهن حول تولي مناصب صنع القرار.

وأشارت إلى أن القانون الفلسطيني كفل تواجد النساء في تلك المراكز لكن الواقع يكشف عن قصور وجودها حتى في الأطر والأحزاب التنظيمية، على الرغم من الدور النضالي الذي قدمته المرأة من تضحيات على مدار عقود وتعلق الاجتماع بالكثير من القرارات الهامة خلال الفترة المقبلة.

وأضافت أن ما قدمته المرأة الفلسطينية طوال تلك السنوات لا يرتقي مع وجودها أو تمثيلها في مواقع صنع القرار وهذا يرتبط بالصورة النمطية التي كونها المجتمع عن قدرات المرأة والفكر الذكوري الذي ساهم في تعزيز تلك النظرة، مشيرة إلى أن تلك العوامل أحدثت لدى بعض النساء شكوك حول قدراتهن في تولي المناصب القيادية.

وتطرقت عبير بشير، إلى أن المرأة في بيتها قد تكون ليست صانعة قرار لذلك يجب العمل على الجانب التثقيفي للمرأة لتوعيتها بدورها وحقوقها ومناقشتها بالقوانين المتعلقة بها كالطلاق والحضانة والنفقة والتمكين الاقتصادي أو السياسي، وغيرها من النقاط الهامة التي يجب الوقوف عليها لإعلاء أصوات النساء وتسجيل مواقفهن منها، مشددة على ضرورة أن يكون لها دور في التفسيرات الفقهية التي يسطر عليها الرجال لنصوص الدين.

وأوضحت أن بداية تأسيس جيل شبابي من النساء المبدعات والعمل على صقل قدراتهن ومواهبهن المختلفة ليصبح لديهن الوعي الكافي لفهم حقوقهن والمطالبة بها هو أولى الخطوات التمهيدية لتأسيس لوبي ضاغط يسعى لإحداث التفاف شعبي ومجتمعي حوله للمطالبة بتمكين النساء في مواقع صنع القرار، وذلك بإشراف نسويات لديهن خبرة في المجال لإحداث تدرج وتواصل بين الأجيال لإتمام المراحل الأولى من التأسيس.

وعن المقومات التي تجعل من تأسيس ذلك اللوبي أنجح، كشفت عبير بشير، أنه يجب إشراك كافة المؤسسات الحكومية والغير حكومية وخلافها للتأثير في المجتمع وخلق حالة داعمة في المجتمع تجاه قضايا النساء ككل، لافتة إلى أن تلك التغيرات هي عبارة عن جهود متراكمة ومتواصلة فلا يجب أن يفقد الأمل من يعمل عليها لأن نتائجها ستثمر على المدى الطويل كونها عبارة عن عملية إعادة بناء وعي المجتمع.

وأشارت إلى أن ذلك اللوبي من الممكن أن يشارك في قيادة مساره بعض الرجال الداعمين لقضايا المرأة والمؤمنين بالفكر النسوي عامة، منوهة إلى ضرورة الانتباه والتركيز على برامج متسلسلة معتمدة على التطورات والمنصات التي أصبح يحبذها الجيل الحالي كمواقع التواصل الاجتماعي والمؤثرين عبرها والتنوع في استخدام الأدوات التي تحاكي قصص نجاح النساء وإسهاماتهن المختلفة في دفع عجلة التنمية بالمجتمع وهن كثر.

ولم تنكر عبير بشير، أن تعطل عجلة الحياة السياسية في قطاع غزة قد تعرقل عمل ذلك اللوبي لأنه فكرته بالأساس قائمة على مشاركة أكبر من قبل فئات المجتمع المختلفة لنقل المرأة من أسفل الهرم الاجتماعي إلى أعلاه، والتركيز على عدم وجود النساء في تلك المناصب بشكل وهمي، متسائلة ما فائدة وجود عشرات الوزيرات إن كن لا تستطعن إقرار قوانين جديدة أو تطوير تلك القديمة التي لا تخدم النساء؟.

وفي ختام حديثها قالت إن وجود النساء في مواقع صنع القرار هي فرصة جيدة ليس لتغير القوانين فحسب، بل لتغيير الثقافة الاجتماعية السائدة التي ستعمل بدورها على مناهضة العنف السائد في المجتمع والمساهمة في دفع عملية التنمية الاقتصادية لعشرات النساء اللواتي تجبرهن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تكابدنها على العيش في أوضاع صعبة للغاية كون لا وجود لمكان يحتويهن.