سلوى قيقة: نضال النساء الإيرانيات ضد القمع والسلطة الفاشية سيخلد في التاريخ

أكدت الناشطة النسوية والحقوقية التونسية سلوى قيقة أن ما عاشته الإيرانيات من تحد للسلطة الأبوية من أجل حريتهن سيخلد في التاريخ، فهن من خلعن خمارهن في وجه القمع دون خوف.

زهور المشرقي

تونس ـ أشادت الناشطة النسوية سلوى قيقة بنضال النساء الإيرانيات وانتفاضتهن من أجل الحرية على مدار عام والذي يصادف ذكرها الـ 16أيلول/سبتمبر، قائلة "إن مقتل جينا أميني كان شرارة ثورة نسوية عالمية تجاوزت حدود إيران وقمعها ومست كل نساء العالم اللواتي انتفضن من أجل الحرية وتضامناً مع الإيرانيات ومع كل امرأة تقتل".

قالت الناشطة الحقوقية والنسوية سلوى قيقة إن قضية مقتل جينا أميني، هي قضية كل النساء، تلك القضية التي انتفض لها كل العالم، مؤكدة أن السؤال الذي يجب طرحه في البداية، لماذا تم قتل أميني بتلك الطريقة على يد شرطة الأخلاق لأنها نزعت حجابها "القضية تجعلنا نعود إلى تاريخ إيران التي عُرفت بانفتاحها منذ تولي رضا بهلوي السلطة بعد انقلابه على نظام الملك، حيث قام البهلوي الأب عام 1926 بإعلاء الفكر العلماني والتقدمي، حيث عرفت تلك الحقبة انفتاحاً من خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، حين بدأت المجتمعات فهم ومعرفة ما يحدث بالعالم برغم مصيبة الاستعمار لكن وُجد نوع من الوعي الفكري الذي برز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبعد انقلاب 1926، مع رضا البهلوي مؤسس إيران الحديثة حاولت إيران تقليد التقدم الغربي حيث الغي إلزامية ارتداء الحجاب عام 1936وتمتعت النساء بكثير من الحقوق غير المسبوقة كتعميم التعليم وفرض حق التصويت في الانتخابات عام1963 وحذف مبدأ الفصل بين الجنسين في المدارس حيث كانت مختلطة مع رفع سن الزواج من 14 إلى 18 عاماً مع إلغاء تعدد الزوجات وسن قانون حماية الأسرة والسماح بالحق في الإجهاض، لكن اليوم هناك انغلاق وعنف دولة وتعميق الأصولية بعد وصول الإسلام السياسي إلى الحكم عام 1979، وهو نتيجة للتفرد بالحكم وقمعية النظام السياسي حيث تنعدم فيه الحريات وهو ما تعيشه إيران اليوم وكانت نتيجة ثورة النساء بعد صمت دام عقود من الزمن تفجر في لحظات".

واعتبرت أن الوعي الشعبي الذي اكتسبته نساء إيران منذ القرن الماضي ترجمته انتفاضتهن السلمية اليوم، مذكرة بنضالاتهن حين خرجن في السبعينات لأسقاط حكم الشاه والمطالبة بالحرية والمزيد من الحقوق والمساواة التامة والديمقراطية "عندما يكون هناك تقدم للقوة التقدمية يسيطر على الوضع القوى الرجعية وهو ما وقع في طهران وحتى في تونس في العشرية السابقة بعد ثورة14 يناير، حيث تترصد تلك القوى الوضع للرجوع إلى الأنظمة القمعية القديمة".

وتساءلت عن كيفية سيطرة القوى الإسلامية على الحكم في إيران برغم أن القوى التقدمية في عهد البهلوي كانت قوية وفاعلة في تحقيق الحرية والمساواة، معتبرة أن القوى الاستعمارية والإمبريالية وراء ذلك وهي التي تعمل على السيطرة على ثروات تلك البلدان فتساعد تلك العصابات حتى تصل إلى الحكم وتتمكن من مفاصل الدولة وهو ما عاشته إيران ودفعت ثمنه نساءها.

وأكدت أن وصول الإسلام السياسي إلى الحكم في إيران مع الخميني قد قضى على كل المكتسبات التي حققتها النساء في البلاد، حيث سجلت تراجعاً إلى حد إعادة إلزام الحجاب والفصل بين الجنسين في مقاعد الدراسة، برغم انتفاضة النساء عام 1979ضد تلك المخططات الرجعية وقد جوبهت مطالبهن بالقمع والتنكيل بهن والاعتقال، مشيرة إلى أن "القمع تطور إلى حين مقتل الشابة الكردية جينا أميني بشكل بشع ولا إنساني، هذا دليل على أن الرؤية التقليدية التي لا تعترف بحقوق الإنسان تلغي كل شيء لتبقى في الحكم فتقدم النساء لا يخدمها، وهو نتيجة للربط بين الدين والسياسة، فالحل هو مدنية الدولة والفصل بين الدين والدولة".

وقالت إن مقتل جينا أميني كان شرارة ثورة نسوية عالمية تجاوزت حدود إيران وقمعها ومست كل نساء العالم اللواتي انتفضن من أجل الحرية وتضامناً مع الإيرانيات ومع كل امرأة تقتل.

وأكدت أن خروج الإيرانيات إلى الشوارع هو مغامرة وتحد يذكر ويجب الإشادة به لاعتبار أن آلة القتل والاعتقال ممتدة ومستمرة لا تهدأ، لكنهن تحدين القمع وخرجن برؤوس عارية في الشوارع بشجاعة واقتناع بحريتهن التي تفتك ولا تهدى من قبل سلطة قمعية.

وأشادت بالتنديد الضخم بمقتل جينا أميني من قبل نساء العالم في إطار التضامن النسوي العابر للحدود والذي لا يتكلم لغة واحدة ولا يحمل هوية واحد، مؤكدة أن ذلك يخدم قضايا النساء التي تبين أنها واحدة.

وتطرقت إلى الاتفاقيات التي تم عبرها تقسيم المنطقة الكردية إلى أربعة دول وهو دليل على القوة التقدمية التي يمثلها الكرد منذ التاريخ القديم، تلك القوة التي تمثل مصدر خوف البلدان الغربية وحتى الإقليمية "لو كانت تلك المنطقة مستقلة ولم يخطط الغربية لتقسيمها لأصبحت منارة الشرق الأوسط وقوة اقتصادية واجتماعية وسياسية وهو أمر يخيف مختلف القوى المهيمنة والمتحكمة في القرار الشرق أوسطي والقوى التي لا تريد الشرق منطقة متقدمة وتقدمية".

وعن المؤامرة التي تعرض لها القائد عبد الله أوجلان الذي يقبع في سجن انفرادي في جزيرة امرالي، لفتت إلى أن فيلسوف العصر كما لقبته اعتقل لأنه كان صوتا حراً للكرد في مختلف الدول، مؤكدة أن القائد أوجلان لا يؤمن بالتقسيم وبإقامة دولة موحدة للكرد بل يحمل فكرة التعايش والحكم الذاتي في المناطق الكردية على غرار مناطق شمال وشرق سوريا.

واختتمت حديثها بالقول إن مساندة ثورة الإيرانيات للتحرر أمر أخلاقي وإنساني بعيداً عن المواقف السياسية التي دمرت المنطقة وخلقت تنظيمات متطرفة لا تؤمن بحقوق النساء والحرية والمساواة والديمقراطية.