نقابية وناشطة مدنية: العمل السياسي والنقابي لم يحد حكراً على المنظومة الذكورية
يتطلب وضع النساء في مدينة قفصة التونسية المزيد من العمل والتنسيق من أجل الدفاع عنهن واسترجاع حقوقهن وحمايتهن من كل أشكال العنف المسلط عليهن.
إخلاص الحمروني
تونس ـ تعتبر محافظة قفصة الواقعة جنوب غرب تونس، منطقة داخلية تطغو فيها أفكار مغلوطة مفادها أن أدوار المرأة تقتصر على شؤون المنزل والمهن البسيطة كالتعليم والتمريض، في حين يتولى الرجل أدوار القيادة، الأمر الذي يدل على ضعف وعي المجتمع بمفهوم الثقافة الجندرية أو الجندر بشكل عام، وهذا ما خلق أزمة حقيقة في كيفية التعامل مع الأدوار الجديدة التي افتكتها المرأة المتسلحة بالعلم والثقة في الذات َوشجعتها على دخول العمل النقابي الذي ظل لسنوات حكراً على المنظومة الذكورية.
سعاد علياني نقابية وناشطة مدنية، من مدينة قفصة نجحت في كسر هذه الأفكار القديمة واستطاعت افتكاك مكان فاعل في المجتمع بوصفها إحدى المدافعات الشرسات عن حقوق النساء وخاصة المستضعفات منهن وأيضاً نقابية برتبة كاتب عام مساعد للاتحاد الجهوي للعمل بقفصة، وأصبحت من منصبها هذا امرأة متبنية لقضية المرأة في قفصة، والتي تراها مازالت لم تفتك بعد كل حقوقها.
وحول ظروف عيش المرأة في هذه المناطق وأيضاً مشاركتها في الحياة السياسية وتجربة عمل المرأة في المجال النقابي باعتباره حكراً على الرجال، أوضحت الناشطة النسوية سعاد علياني أنها تشبه حد كبير وضع بقية النسوة في تونس لاسيما الداخلية منها والبعيدة عن العاصمة.
وبينت أنه توجد في منطقتها نساء في الحوض المنجمي (مدن تنتج الفوسفات)، دخلن معترك الحياة باكراً ودخلن دواميس الفوسفات (دواميس جبلية استعملت لاستخراج الفوسفات) وشاركن في ثورة الحوض المنجمي في عام 2008 وخلدن أسمائهن لأنهن كنا قائدات في المسيرات وقد تعرضن في تلك الفترة إلى عنف سياسي وصل إلى حد السجن، ويوجد شريحة أخرى من النساء وهن الفلاحات أو القاطنات في الأوساط الريفية، اللواتي تعش ظروف معيشية صعبة لأنهن تتعرضن لعنف اقتصادي على غرار الحرمان من التغطية الصحية والتنقل في عربات غير أمنة والأجر الزهيد، إضافة إلى وجود شريحة أخرى وهي المعينات المنزلية اللاتي لا يوجد بخصوصهن الكثير من المعطيات أو الدراسات الميدانية.
وقالت إن وضع المرأة في قفصة، يتطلب من الناشطات النسويات المناصرات لقضية المرأة المزيد من العمل والتنسيق معاً من أجل الدفاع عنهن واسترجاع حقوقهن وحمايتهن من كل أشكال العنف المسلط عليهن سواء من عائلتهن التي تشغلهن في الفلاحة دون أجر أو من المشغلين الآخرين الذين يستغلونهن للقيام بأعمال فلاحية أو منزلية مقابل أجر بسيط ودون التمتع بأي حماية.
وحول مشاركة المرأة في الحياة السياسية، أوضحت أن القانون التونسي نص على مبدأ المناصفة في الانتخابات، وقد تم العمل واحترام هذا البند القانوني لكن وفق قولها "القاعدة الذكورية طبقت هذا النص فقط احتراماً للقانون لأنهم عند اختيارهم للنساء التي ستعمل معهم على سن القوانين وتنظيم الحياة السياسية عادة ما يختارون نساء مواليات لهن ليضمنوا بقائهم في القيادة بصفتهم أصحاب القرار ولهم المسؤولية الكاملة".
وأوضحت أن المرأة أصبحت واعية لهذا الأمر وهي تعمل جاهدة لتكون فاعلة في الحياة السياسية وهذا ما تسعى من أجله في الانتخابات المحلية القادمة حيث ترشحت الكثير من القائمات النسوية لفك الحصار السياسي المفروض عليهن وممارستهن لحقهن بكل مسؤولية.
وفيما يتعلق بخوض المرأة معركة العمل النقابي، أكدت أنها فخورة بتجربتها النقابية لأنها استطاعت دخول مجال يرونه حكراً على الرجل وطالما استبعدت المرأة منه "في مجتمع محافظ مثل مجتمع محافظة قفصة، كان الرجال يستبعدون المرأة من العمل النقابي وَجعلوه نشاطها ذكورياً بالأساس، لكن بالإصرار والمثابرة والتحدي تنتصر المرأة وتشق طريقها في العمل النقابي".
وأكدت أن التحاق المرأة بهذا السلك صعب نوعاً ما لأن المرأة مطالبة بالنجاح في عملها كربة أسرة، وبالنجاح كامرأة موظفة وأيضاً ناجحة كنقابية لكن هذا الأمر ليس مستحيلاً على المرأة التي تريد إثبات ذاتها وقدراتها.
وشددت على أن المرأة الطموحة بإمكانها النجاح في معترك الحياة والتغلب على المصاعب التي تعترضها لأن ممارسة العمل النقابي بمثابة العمل الإنساني يمنح المرأة القوة للدفاع عن الفئات المستضعفة ومحاربة الفساد والظلم بالإضافة إلى أنه يمنحها الفرصة للتعلم والتكوين من أجل تحقيق تغيير إيجابي وهادف.
وشجعت كل امرأة ترى في نفسها الكفاءة وتريد خوض سواء معترك الحياة السياسي أو النقابي على المثابرة والعمل الجاد من أجل افتكاك مكانتها كعنصر فاعل بعيداً عن الهيمنة الذكورية.