ناشطة تدعو إلى تكثيف الجهود لتعزيز ثقافة جندرية عادلة لتمكين النساء
أكدت الناشطة النسوية منى موسى أن تعزيز ثقافة الجندر من شأنه أن يغير الصورة النمطية السلبية عن المرأة، لذلك يجب وضع خطط استراتيجية للدول وسياسيات عامة شاملة ومستمرة.
رفيف اسليم
غزة ـ يعتبر ضعف وعي المجتمع بمفهوم الثقافة الجندرية أو الجندر بشكل عام وتعدد المصطلحات المتداولة للتعبير عن ذات المعنى هو ما يشكل أزمة حقيقة في كيفية التعامل مع الأدوار التي من المفترض أن تشغلها النساء وآليات تمكينهن في كافة المجالات سواء السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الانجابي الذي ينحصر داخلة أدوار عدة.
أوضحت الناشطة النسوية منى موسى أن الجندر في معناه المبسط هو عدالة توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة في المجتمع، مركزة على مصطلح العدالة كونه يفرض وجود النساء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانجابية التي تهتم بمشاركة الرجل والمرأة على حد سواء في عملية التربية، لافتة إلى أن تطبيق التمكين في المجالات السابقة من شأنه تكوين ثقافة جندرية بالمجتمعات.
وبينت أن الوضع الاقتصادي السيء الذي تعيشه البلدان العربية اليوم من شأنه أن يلزمها بتطبيق الجندر لتمكين المرأة التي أصبح يقع على عاتقها مساعدة أسرتها للتغلب على المشكلات العائلية المتعلقة بالعنف، والتي قد تنتهي في غالبية الأحيان لفقدان تلك النساء أرواحهن لأسباب واهية، في حال رفعن أصواتهن فقط مطالبات بحق عيش حياة كريمة.
وقالت إن "تطبيق الجندر في المجال الاقتصادي يجب تعزيزه في جميع المجالات كالطب والهندسة والبحث العلمي والتعليم وغيرها من المجالات، فلا يقتصر تمكينها فقط على المشغولات اليدوية التي أصبحت تكاد أسواقها معدومة اليوم، بل التركيز على المشاريع الزراعية كي تصبح المرأة مساهمة في عملية توفير الأمن الغذائي عبر استصلاح عشرات الأراضي الفارغة في الحكومة".
وأشارت إلى أن المجتمعات اليوم أصبحت في طريقها نحو تطبيق الثقافة الجندرية بما يتعلق في تعلم الفتيات المجالات التعليمية المختلفة، فالمرأة اليوم تدرس علوم الفلك والفيزياء وتشارك في البعثات العلمية، مرجعة ذلك التقدم لدور الجمعيات والحركات النسوية التي ناضلت لكي تأخذ تلك النساء حقوقهن، خاصة في قطاع غزة الذي لم تكن تدرس الإناث داخله سوى تخصص واحد وهو التعليم وتمنع الكثير من العائلات إكمالهن تعليمهن أو اختيار التخصص.
وأضافت أنه حتى على الصعيد الاجتماعي بات هناك تحسن في نشر الثقافة الجندرية، فأصبحت النساء تبني العلاقات الاجتماعية وتحضرن الندوات والمؤتمرات التي تعني بقضاياهن وهذا الأمر لم يكن منتشر في المدينة المحاصرة من قبل، بل وأصبحن تتعاملن مع التطبيقات والخط الساخن لتبليغ عن حالات العنف كونهن أصبح لديهن إيمان بأدوارهن في المجتمع وحقوقهن في العيش حياة آمنة.
بينما على الصعيد السياسي، أشارت أن هناك عجز في الثقافة الجندرية، فما زالت نسبة تمثيل المرأة تخضع لنظام الكوتا الغير منصف والذي يعطيها نسبة أصوات 30% لا أكثر، كما أنها تغيب وبشكل واضح عن المراكز القيادية الهامة في الحكومة والمجلس التشريعي والوزارات.
وبينت أنه كي يتم ردم الفجوة في المجال السياسي يجب تعزيز مصطلح الجندر وتوضيح ماهيته كون تأخر تقدم النساء في المجال السياسي يعني أنه لا يزال هناك سوء فهم للثقافة الجندرية، مع العمل ضمن مختلف فئات المجتمع وبطرق متعددة، خاصة الأطفال في المدارس عبر الأنشطة اللامنهجية والمسرح متمثل بعروض الحكواتي ليصبح الأمر أسهل في توضيح مجالاته.
وأكدت أن العمل يجب أن يستمر بالتزامن مع تثقيف الفئات الشابة في الجامعات سواء عبر الأبحاث أو الجلسات والمؤتمرات، وحملات الضغط والمناصرة الميدانية والرقمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع التركيز على مفهوم واحد وهو الجندر كي لا يتشتت المتلقي، والأمر ذاته للقضاة والعاملين في المؤسسات الحكومية كافة، الذين يقتصر فهمهم لذلك المصطلح بأنه عبارة عن اتفاقية سيداو.
وطالبت بضرورة توحيد الجهود من قبل جميع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحكومية لتسليط الضوء على واقع المرأة والانتهاكات التي تتعرض لها في شتى المجالات خاصة المطلقات والمريضات منهن وذوات الإعاقة، مطالبة بتمكينهن وفق النسبة التي أقرها القانون لهن مما يضمن لهن حياة كريمة ويعطي المجالات لإبداعاتهن كي تظهر للسيطرة على حالات الانتحار التي تحدث نتيجة انعدام أملهن من توافر حياة كريمة.
وبينت أن تعزيز الثقافة الجندرية في المجتمعات من شأنه أن يغير الصورة النمطية السلبية عن المرأة، لكن ذلك لن يتم سوى عبر تضمينها بالخطط الاستراتيجية للدول والسياسات العامة وعدم الاعتماد فقط على المشاريع الأنية التي تستمر لعدة أشهر ومن ثم يزول أثرها بالتالي تختفي جميع الجهود المبذولة.