ناشطة مغربية تدعو للتضامن النسوي ضد العنف والتمييز

اعتبرت الناشطة الحقوقية خديجة الزغنيني، أن الذكرى الثالثة لمقتل جينا أميني ليست مجرد محطة للتأمل في مأساة فردية، بل فرصة لإعادة طرح الأسئلة حول موقع المرأة في مجتمعاتنا، وحول ضرورة بناء تضامن نسوي عابر للحدود لمواجهة التمييز والعنف.

حنان حارت

المغرب ـ تحل الذكرى الثالثة لمقتل الشابة الكردية جينا أميني، التي قتلت على يد "شرطة الأخلاق" في العاصمة الإيرانية طهران في عام 2022 بعد توقيفها بذريعة عدم ارتداء الحجاب بالشكل المناسب، وما أعقب ذلك من انتفاضة نسائية غير مسبوقة تجاوز صداها حدود البلاد لتتحول إلى رمز عالمي للمطالبة بحرية النساء وحقهن في تقرير مصيرهن.

بعد ثلاث سنوات، تظل القضية حاضرة باعتبارها مرآة تعكس أشكال الوصاية التي لا تزال تمارس على النساء في المنطقة. تقول الناشطة الحقوقية المغربية خديجة الزغنيني إن مقتل جينا أميني كان صدمة إنسانية وحقوقية، لأن الأمر لم يكن يتعلق بفتاة بمفردها، بل هي حادثة تتكرر بصيغ مختلفة في مجتمعاتنا، حيث تمارس الوصاية على النساء في أجسادهن وقراراتهن وخياراتهن الحياتية.

وأضافت "السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم هو: لماذا يظل جسد المرأة وخياراتها الشخصية، مثل طريقة اللباس أو أسلوب العيش أو حتى المظهر، موضوعاً للنقاش والجدل في مجتمعاتنا؟ وكيف يمكن أن تتحول هذه الاختيارات الفردية إلى قضايا تخضع للرقابة المجتمعية والتدخل القسري؟".

وقالت "معظم المجتمعات العربية لا تنظر إلى جسد المرأة باعتباره ملكاً لها، بل تعتبره مسؤولية مشتركة بين العائلة والمجتمع وحتى السلطة الأخلاقية"، موضحة أنه في بعض الدول تفرض قيود صارمة على النساء، تحدد كيف يجب أن يظهرن في الفضاء العام، ويتم تبرير هذه القيود بحجج دينية أو أخلاقية أو باسم المصلحة العامة "هذا في رأيي ينافي الواقع والمنطق والحقوق الأساسية للمرأة".

 

ذكرى الانتفاضة فرصة لتقوية التضامن النسوي العابر للحدود

وأشارت خديجة الزغنيني إلى أن هذه الذكرى لا يجب أن تستحضر فقط من باب التعاطف، بل كفرصة لتقوية التضامن النسوي العابر للحدود "فما وقع لجينا أميني يجب أن يكون رسالة إلينا جميعاً، والتضامن بيننا كنساء لا يتوقف عند الحدود الجغرافية، قائلة "نحن في المغرب جزء من المنطقة، وما تعيشه النساء هنا وهناك من تمييز وعنف ومنع من تقرير مصيرهن يعكس واقعاً مشتركاً".

واعتبرت أن التضامن مع قضية جينا أميني يتجاوز حدود اللحظة الرمزية إلى بناء حركة نسائية مستدامة "من واجبنا أن نؤكد أن حرية المرأة في اختيار ملابسها أو أسلوب حياتها لا يجب أن تكون موضوعاً للرقابة أو الوصاية، فالمرأة كائن كامل الحقوق، والمجتمع لا يمكن أن يتقدم من دونها، لذلك فإن معركتنا الأساسية هي ضد الوصاية وضد كل أشكال التقييد المفروضة على النساء في منطقتنا".

وترى أن هذه الأوضاع تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز التضامن النسوي، والتركيز يجب أن يكون على التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمرأة "نحن بحاجة إلى قوانين ضامنة، إلى فرص تدريب، الحاجة كذلك إلى مناهضة العنف والتمييز، وإلى تغيير الصور النمطية التي ما زالت متجذرة في ثقافتنا".

وأبرزت أن التضامن لا يكتمل دون بناء شراكات فعلية وتبادل الخبرات، يمكن أن نخلق منصات رقمية مشتركة وفضاءات للتواصل، وأن ننظم ورش عمل دورية، تشجع النساء على تبادل التجارب والمعرفة "من المهم أيضاً دعم مبادرات التوجيه والإرشاد بين النساء ذوات الخبرة والشابات المبتدئات، مع توفير الدعم المالي والتقني لهذه الشبكات".

وشددت على أن التغيير لن يحدث إلا بضرورة إشراك الرجال والشباب "لا يجب أن تظل قضايا المرأة محصورة بين النساء فقط، فعندما ينخرط الرجال في هذه المعركة، يصبح الدعم أقوى وتتعزز فرص التغيير".

وقالت إنه "كلما توفرت الإرادة وتضافرت الجهود على المستوى الإقليمي، كلما استطعنا أن نصل إلى نتائج ملموسة"، مشددة على ضرورة توفير فرص أكبر للنساء لولوج سوق العمل مع ضرورة بناء شراكات فعالة، والعمل على تغيير الصور النمطية السائدة، مع تعزيز الوعي بأهمية أدوار المرأة في كافة مجالات الحياة، لأن المرأة هي نصف المجتمع، وبدون إشراك النساء، فإن المجتمع سيبقى عاجزاً عن الوصول إلى النهضة والتنمية المستدامة.