ناشطات ليبيات تنددن بالتدخل التركي في ليبيا ودول الشرق الأوسط

العديد من الدول لازالت تعاني من تبعات التدخل التركي في شؤنها وانتهاك سيادتها.

هندية العشيبي

بنغازي ـ نددت ناشطات ليبيات بالتدخل التركي في شؤون الدول الأوروبية والعربية وخاصة ليبيا، ووصفن هذا التدخل بالاستعمار الذي تسعى من خلاله تركيا للسيطرة على الدول.

تتدخل الدولة التركية في شؤون بلدان الشرق الأوسط وخاصة دول الربيع العربي كسوريا وليبيا، بالإضافة للعراق ما يعد انتهاكاً صارخاً لسيادة تلك الدول وللقوانين الدولية المعمول بها. ففي ليبيا ورغم الإدانات المتكررة للتدخل التركي في ليبيا من قبل الدول العظمى وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأيضاً أمريكا وروسيا، إلا أن هذه الدول لم تتمكن من وقف هذا التدخل أو الحد منه. 

 

نظرة استعمارية

الناشطة المدنية شيم بوفانة قالت إن لتركيا نظرة استعمارية لدول الشرق الأوسط وخصوصاً المنقطة العربية، فهي ترى أن أغلب هذه الدول هي من إرثها التاريخي ولديها الحق في استعمارها، والتدخل في شؤونها، كما حدث في ليبيا وسوريا والعراق وغيرها من الدول، التي لازالت تعاني من تبعات التدخل التركي في شؤنها وانتهاك سيادتها.

وأكدت شيم بوفانة رفضها القاطع لأي تدخل من شأنه تقسيم البلاد أو زجها في الحروب والنزاعات، موضحةً أن التدخل التركي في ليبيا فاقم الأزمة وذلك عقب استجلابها للمرتزقة والمقاتلين الأجانب الذي خاضوا المعارك في مواجهة الجيش الليبي في السنوات الماضية.  

وبينت أن تركيا تسعى للسيطرة على ليبيا والمنطقة العربية من خلال القواعد العسكرية التي أقامتها في البحر المتوسط، بالإضافة لسيطرتها على قاعدتي مصراتة والوطية الجويتين غرب ليبيا، واللتين تعتبران من أهم وأكبر القواعد الجوية في ليبيا.

وكان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب قد جدد رفضه وإدانته للتدخل العسكري التركي في ليبيا، وكذلك رفض وإدانة قيام أنقرة بنقل مرتزقة أجانب إلى الأراضي الليبية، باعتبار ذلك يشكل تهديداً مباشراً على الأمن في المنطقة والأمن والسلم الدوليين.    

كما أدان المجلس في دورته الـ 153 في العدوان التركي على الأراضي السورية، باعتباره خرقاً واضحاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا.

وشدد على رفض وإدانة توغل القوات التركية في الأراضي العراقية باعتباره اعتداءً على سيادة العراق وتهديداً للأمن العربي، مطالباً الجانب التركي بسحب كافة قواته الموجودة على أراضي الدول العربية، داعياً تركيا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، والكف عن الأعمال الاستفزازية التي من شأنها تقويض بناء الثقة وتهديد أمن واستقرار المنطقة.

 

التدخل التركي

وعن مراحل التدخل التركي في الشأن الليبي قالت الناشطة المدنية شيم بوفانة إن تركيا دخلت إلى ليبيا اقتصادياً قبل ثورة 2011، من خلال عمل الشركات التركية التي استلمت مشروعات اقتصادية ضخمة لها علاقة بالبناء والاستثمار في عهد النظام السابق.

وأوضحت أن الدولة التركية خلال السنوات السابقة للثورة الليبية عملت على غزو ليبيا والبلدان العربية ثقافياً تمهيداً لتدخلاتها العسكرية المباشرة، من خلال أعمالها الفنية التاريخية التي تتحدث عن تاريخ تركيا وتمددها في منطقة الشرق الأوسط، وسيطرتها على عدد من الدول وعلى رأسها ليبيا، والتي تمت ترجمتها للعربية وعرضت على الشاشات المرئية ذاك الوقت.

وبينت أن الفراغ السياسي الذي شهدته البلاد عقب الثورة والانقسام الكبير الذي حدث في مؤسسات الدولة المختلفة والفوضى، أتاحت المناخ المناسب لتركيا للتدخل عسكرياً وسياسياً في ليبياً، وإعادة حلمها في استعمار البلاد.

وأكدت على أن "الدولة التركية تجدد وجودها في ليبيا من خلال هذا التدخل الذي يستهدف دول الشرق الأوسط والعالم، ضمن مخطط استعماري دقيق، فهي ترى أنه ليس من حق الشعوب أن تطالب بخروجها من أراضيهم، لأنها تعتبر تلك الدول من إرثها التاريخي".

 

 

أعمال عدائية

من جانبها رأت الناشطة السياسية وعضو حزب الكرامة الليبي إيناس العوامي أن التدخلات التركية في ليبيا والشرق الأوسط تصنف على أنها أعمال عدائية تمارسها ضد الدول المستضعفة والتي تواجه أزمات سياسية واقتصادية، ما يشكل تهديداً للأمن القومي العربي عامة، ولسوريا والعراق وليبيا بشكل خاص.

وبينت أن الدولة التركية لديها أطماع في ثروات دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية، فهي تمارس سياسة الاستعمار والعدوان تجاه الشعب العراقي والسوري.

وعن الوجود التركي في غرب ليبيا قالت إنها تقوم بتجنيد المرتزقة والمقاتلين الأجانب للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا وليبيا، لتنفيذ خطط توسعية في هذه البلدان.

وتشير معظم التقديرات إلى أن عدد المقاتلين الأجانب الذين أرسلتهم أنقرة إلى ليبيا حتى الآن يتجاوز عشرة آلاف مقاتل بعد خضوع البعض منهم للتدريب لفترة قصيرة في معسكرات داخل الأراضي التركية.

 

 

وفي ذات السياق قالت الناشطة السياسية فريحة الجيلاني إن "الدولة التركية تسعى لبسط سيطرتها على العالم، من خلال تدخلها في شؤون الدول، كما وضعت في الفترة الأخيرة شروطاً لانضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو، عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، ومواجهة هاتان الدولتان لتهديد عسكري بحكم موقعهما الجغرافي القريب من أوكرانيا".

وأضافت "الدولة التركية تملي شروطها على الدول التي ترغب في الانضمام إلى الناتو، ومن ضمن هذه الشروط توضيح فنلندا والسويد موقفهما تجاه القضية الكردية، وكانت هذه الشروط مطلب تركيا لسنوات لتظهر بمظهر المسيطر والقوي".

وبينت أن "الدولة التركية تسعى لجمع تأييد دولي تتدخل بموجبه لمناطق شمال وشرق سوريا، بحجة مكافحة الإرهاب التي تزعم بوجودها، من خلال ما يسمى بـ منطقة آمنة تخضع للسيطرة التركية".

ورأت الناشطة السياسية أن تركيا مستاءة من رفض روسيا لمحاولات تركيا المتكررة للدخول لسوريا، لهذا فهي وافقت على انضمام السويد وفنلندا للناتو من خلال تحقيق مصالح، تتمثل في زيادة توسع الحلف لمواجهة روسيا، وإعلان هذه الدول بعض المنظمات الكردستانية كمنظمات إرهابية وفقا لشروط تركيا.

وحول التدخل التركي في شؤون الدول العربية وليبيا قالت إن تركيا تدخلت في ليبيا من خلال دعمها للمليشيات والجماعات الإرهابية والمتطرفة في البلاد، ما يهدد أمن واستقرار ليبيا.  

وأوضحت أن هذا التدخل كان عسكرياً من خلال دعم المليشيات المسلحة بالأسلحة والعتاد والآليات، واحتضان الجماعات المتطرفة على غرار (جماعة الإخوان الارهابية) خاصة في غرب ليبيا لتضع لها موطئ قدم في شمال أفريقيا من خلال السيطرة على ليبيا.

ودعت فريحة الجيلاني إلى وضع حد للتدخل التركي في الشؤون الليبية، لتحقيق الاستقرار داخلها، فتمدد تركيا يحقق مصالحها الخاصة بعيداً عن مصالح الشعوب والدول الأخرى، كما تؤكد، رافضةً أي تدخل أجنبي.