ناشطات: دعم الدولة التركية موافقة ضمنية على الانتهاكات المستمرة بحق الكرد

سلسلة الانتهاكات التركية لا تتوقف عند حد ممارسات العنف المباشر ضد معارضيها في الداخل، ولكنها تمتد خارج البلاد بابتزاز ومساومات دولية من أجل مزيد من الانتهاكات والقمع.

أسماء فتحي

القاهرة ـ لسنوات والكرد يعانون، فقد تم حرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية وسلب جانب ليس بالقليل من حريتهم في تقرير مصيرهم وما يرتبط بقناعاتهم وأفكارهم وممارساتهم بل وطال الأمر حجر محاولات تعبيرهم عن ذواتهم وهويتهم وبات الإعلان عن أفكارهم أو معارضة النظام واحد من الآمال التي يكافح هذا الشعب لتحقيقها.

تحت وطأة الاضطهاد قرر البعض البحث عن ملاذ آمن في دول كان لها موقف يحترم إلى حد كبير من الممارسات التركية والسياسة التي اعتمدت على القمع والقهر والعنف تجاه المعارضين بشكل عام.

ولكن في ظل الحرب الروسية الأوكرانية أصبح المشهد أكثر ضبابية وهو الأمر الذي جعل من انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو واحد من أدوات الحماية في ظل ما يحدث على الساحة الدولية من ارتباك وهو الأمر الذي استغله الرئيس التركي في الضغط من أجل نيل مكتسبات على حساب الأزمة بالمساواة على مصير الكرد.

ويبدو أن اعتقاد البعض بأنه "لا صديق للكرد أوفى من الجبال" حقيقة لا تحتمل الشك بعد تراجع الموقف السويدي والفنلندي مؤخراً من قضيتهم واستجابتهم للضغوط التركية، وترى ناشطات مصريات أن أي دولة تدعم ممارسات الدولة التركية توافق بالتبعية على اضطهادهم للكرد وأن الأمر يستلزم رفض دولي لتلك السياسات.

 

أي دعم سياسي لتركيا هو موافقة ضمنية لانتهاكاتهم تجاه الكرد

قالت الدكتورة رانده فخر الدين، وهي المديرة التنفيذية للاتحاد النوعي لمناهضة الممارسات الضارة ضد المرأة والطفل إنها قامت بزيارة مدينة آمد بشمال كردستان لحضور احتفالات النوروز وفوجئت بكم الظلم الواقع على الكرد من الدولة التركية مشيرةً إلى أنهم ممنوعين من التحدث بلغتهم الخاصة وتسمية أطفالهم بما قد يعبر عن هويتهم.

وأوضحت أن الدولة التركية من فائض جشعها في التعامل مع الكرد تحرمهم من ممارسة طقوسهم الخاصة، أي أن كامل حقوقهم مسلوبة بقسوة وعنف وقهر، معتبرةً أن أي دعم سياسي للحكومة التركية هو موافقة ضمنية على تلك الممارسات والانتهاكات التي تتم ضد الكرد بل ودعم لقهرهم أيضاً.

وأكدت على أنها رأت حجم تصالح الكرد مع الدول المحيطة بهم والثقافات الأخرى، معتبرة أن واحد من المظاهر التي لفتت انتباهها وأبهرتها أن القيادة بينهم يتشاركها النساء والرجال وكانت تلك هي المرة الأولى التي تتم فيها المساواة بين الجنسين في اقتسام المناصب القيادية.

وأوضحت أنها من خلال من التقت بهم، تبين لها أنهم لا يرغبون في الانفصال ويسعون فقط لنيل حقوقهم والتعبير عن ذاتهم وممارسة ما يعبر عن هويتهم، مشيرةً إلى أن هناك عنف رهيب يمارس ضد الكرد في السجون التركية ولا يتم السماح لهم بممارسة أي نشاط سياسي يخالف النظام التركي أو معارضاً له كما هو الحال في باقي الدول والرد المباشر هو التنكيل والعقاب بالسجن.

 

ممارسات أردوغان مع معارضيه لا تختلف عن جرائم هتلر

وبدورها قالت مؤسسة مبادرة "برا السور" أسماء عبد الحميد، إن أردوغان في تعامله مع من يخالفه لا يبعد كثيراً عن أداء هتلر مع اليهود واضطهاده لهم، مضيفة أن ملاحقته للكرد يبدوا أنه مستمر إلى مالا نهاية.

واعتبرت أن ضغط أردوغان على السويد وفنلندا يشكل خطورة كبيرة، ومؤشر على مزيد من الجرائم التي سترتكب بحق الكرد مستقبلاً والأمر لم يكن مقتصر على المتواجدين في هاتين الدولتين فقط بل سيكون بداية لسلسلة اضطهاد وضغط عليهم في مختلف أماكن تواجدهم.

وأكدت على أن السويد وفنلندا مضطرين للموافقة على قرارات تركيا لرغبتهم في دخول حلف الناتو فالحرب الجارية والأزمات المتراكمة جعلت أغلب الدول تبحث عن أدوات حماية وهو ما قد يجعلها تنصاع لما يخالف مبادئها العامة، مشيرةً إلى أن الأزمة الحقيقية ستكون في طبيعة حياة الكرد بعد ذلك، فمن المؤكد أنهم سيعانون اجتماعياً وسياسياً لأن الدولة التركية باتت قادرة على تشكيل ضغط عليهم.

ولفتت إلى أن اللاجئين بشكل عام في ظل الصراعات الدولية الجارية والحرب القائمة سيقع على كاهلهم تحمل المزيد من الضغوط والممارسات السيئة، إلا أن وضع الكرد سيكون الأشد قسوة وخطورة خلال الفترة المقبلة.

وشددت على أن سياسة أردوغان المتبعة تجاه الكرد ممنهجة بشكل واضح لا لبس فيه، وهو أمر ليس وليد الساعة بل سلوك تاريخي، ووضع النساء من الطبيعي أن يكون الأسوأ لما يتكبدنه من أعباء باعتبار أن المرأة حائط الصد الأول لمواجهة للأزمات لذلك سيزداد أمرهم تعقيداً بعد انصياع السويد وفنلندا لقرارات الرئيس التركي ومساوماته.

وأوضحت أن سياسة أردوغان تستمد وجودها من ممارسة العنف، ومن الطبيعي أن يرفض كل العاملين في مجال الحقوق تلك الممارسات واعتبار تعاملهم مع تركيا ضد الإنسانية ذاتها فهي دولة لا تكتفي بتلك الأعمال ولكنها ترعى الإرهابيين وتأويهم، مشيرة إلى أنها ضد سياستها ولا تقبل بممارستها وعلى رأسها ما تقوم به من أعمال عنف واضطهاد.

 

"الكرد كبش فداء الانضمام للناتو"

وترى المحامية منى سالم، أن وضع الكرد داخل تركيا ليس مجرد شأن داخلي بل أمر يشغل الرأي العام العالمي خاصة بعد تقدم كل من السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" بعد خضوعهم لشروط تركيا للموافقة على التحاقهم.

واعتبرت أن الكرد عاشوا على اضطهاد الحكومة التركية، مضيفة أن قيام رئيس دولة تركيا بالإعلان صراحة في خطابه أن "مشاركة السويد وفنلندا في الحلف مرهون بقبولهم لشروط تركيا"، فضلاً عن قيام الدولتين بالتصدي لكل ما يهدد الأمن التركي "مشيراً بأصابع الاتهام إلى الكرد".

وأكدت على أن اشتراط ارجاع الكرد الموجودين بالدولتين جعل منهم حجر عثرة لانضمام السويد وفنلندا، إلا أن تغير موقف الدولتين مؤخراً يؤكد أنهم سيصبحون كبش فداء نظير تلك الموافقة وهذا ما يحدث الآن بالفعل فقد تخلت السويد عن تعاطفها الطويل مع اللاجئين الكرد والرغبة الكردية في الحكم الذاتي والتي كانت تعتبره تركيا تهديداً لسيادتها.

وأوضحت أنه بالخنوع لكل الشروط المطروحة من قبل الدولة التركية بزعم اتهام الدولتين بإيواء منظمات إرهابية تهدد أمنها وإلزامهم بتعزيز قوانين مكافحة الإرهاب ثم تسليم أشخاص بعينهم من بينهم عدد من الصحفيين الكرد وكل من يدعم قضية الكرد سيكون مصير الإجراء سبة في جبين العالم أجمع الصامت على تمادي الاضطهاد والقهر خارج الحدود وداخلها.

واعتبرت منى سالم، أن مطالبة الكرد بالاستقلال الذاتي حق مشروع ولم ينتهي الأمر عند ذلك لتضع تركيا شروطاً تؤكد تمسكها بمواصلة اضطهادها لهم ليصبح مسار الابتزاز والمساومة في ظل ارتباك الوضع الأوروبي للضغط على الدول الداعمة من أجل التخلي عنهم.