مؤتمر "8 من أجل المساواة"... لتكريم النساء اللواتي وصلن المجلس النيابي اللبناني

شددت المشاركات في مؤتمر نظمته منظمة فيفتي فيفتي لتكريم النساء الثماني اللواتي وصولن إلى البرلمان، ضمن برنامج "ثورة النساء في السياسة" المدعوم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة في بيروت، على ضرورة إيصال أكبر عدد من النساء في استحقاقات 2026.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ كرمت منظمة فيفتي فيفتي خلال مؤتمر نظمته تحت عنوان "8 من أجل المساواة"، النائبات اللواتي وصلن إلى البرلمان في انتخابات عام 2022.

شاركت العديد من المرشحات السابقات للنيابة في انتخابات 2022، ورائدات وناشطات وحقوقيات في مجالات مختلفة، في المؤتمر الذي نظم من قبل منظمة فيفتي فيفتي في العاصمة اللبنانية بيروت.

في كلمتها التي بدأ بها المؤتمر الذي عقد في التاسع من حزيران/يونيو الجاري، عبرت رئيسة منظمة فيفتي فيفتي جويل بو فرحات عن غبطتها "بوصول 8 نائبات في العام 2022 مقابل 6 في العام 2018"، موضحةً أن المنظمة "لا تعمل في السياسة بل مع النساء في السياسة، أي السياسيات".

وأكدت على أن هدفهم "أولاً وآخراً وصول المرأة إلى مواقع القرار بغض النظر عن خلفيتها السياسية الحزبية أو الدينية أو الاجتماعية، وهدفنا دعم المرأة للوصول للمساواة في الحياة السياسية، وإقرار القوانين التي تمنحها هذه الحقوق، وسنستمر رغم الانتقادات لتحقيق أهدافنا"، لافتةً إلى أنه هناك استحقاقات قادمة وهي "الاستحقاقات الخاصة بالحكومة والاستحقاق الأهم المتمثل برئاسة الجمهورية، حيث سيكون هناك نساء مرشحات سواء للحكومة ورئاسة الجمهورية، آمل أن يتحقق هدفنا بوصول 26 نائبة في العام 2026".

من جانبها أوضحت رئيسة منظمة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان راشيل دور ويكس التي مثلت المجتمع الدولي في المؤتمر، أنه "هناك 3 نقاط يجب التركيز عليها الآن، أولها أن نأخذ نفساً طويلاً بعد هذه النتيجة التي يمكن اعتبارها نجاحاً رمزياً أو نتيجة غير مرضية أو كارثية، إذ أنها تعادل زيادة بنسبة 1% إلا أنه نجاح يبنى عليه، فقد كان هناك الكثير من الضغوط والتوقعات".

وأضافت "النقطة الثانية هي حول التوقعات، فبعد هذه الضغوط، كيف يمكننا دعمكم كحلفاء للوصول إلى أكبر عدد من الاستحقاقات المختلفة، وثالثاً في مجال القوة والجندرية والنظام الأبوي، فترشح نساء فاعلات ووجوه جديدة في مجال دعم النسوية واستخدام القوانين لدعم المرأة وعدم خوفهن من استخدام كلمة النسوية، فضلاً عن كونهن قدوة لغيرهن من النساء والرجال وأفراد المجتمع، كلها تحسب للمرأة، ونعتقد بوجود ما لا يقل عن 28 حليفاً للمرأة من النواب الرجال داخل المجلس النيابي، سيمكنون النساء من المساهمة بإقرار قوانين المساواة وحقوق النساء".

وتبع ذلك جلسة حوارية أدارتها الإعلامية نبيلة عواد مع النائبتين نجاة صليبا وحليمة قعقور والمرشحات جوزفين زغيب، وجيستال سمعان ومنى سكر لبكي، تم فيها طرح أسئلة حول مواضيع مختلفة تمحورت حول مجال عملهن في البرلمان والتحديات التي يواجهنها وفي مجال القوانين المتعلقة بحقوق المرأة، كما تم عرض قوانين تتعلق بحقوق المرأة.

 

حقوق المرأة كماليات!

في إجابتها على أحد الأسئلة المتعلقة بحقوق الإنسان والمرأة، قالت النائبة في البرلمان حليمة قعقور، "كان يتم التعامل مع حقوق المرأة وكأنه ليس جزء من حقوق الإنسان، أو باعتبارها موضوعاً سخيفا وكماليات وسط الأزمة الاقتصادية، خصوصاً عند مناقشة وطرح هذه المسألة، وكان ردي بأن السلطات اعتادت على عدم اعتبار المرأة إنساناً، لذا طالبنا ونطالب بالمساواة بين جميع أفراد المجتمع في لبنان والعالم وبغض النظر عن الجنس والدين والمذهب والأثنية واللون وغيرها من الفروقات، وإذا قدر لنا أن نحتفل بوصول 1% زيادة في عدد النساء في البرلمان كل أربع سنوات، فهو رقم محزن للغاية، فالمرأة تستحق أفضل من ذلك، وافتخر بكل امرأة ترشحت سواء نجحت أم لم تنجح، فهناك كثيرات جديرات بالوصول وسنظل معكم في الداخل لتظلوا معنا في خارج البرلمان، لنقل قوتكم للداخل، فالمشكلة بحقوق المرأة أنها لم تطرح بذات التقاطعية مع باقي المجالات، حيث يؤجل طرحها بسبب الأزمة الاقتصادية مثلاً، فلا يمكن حل الأزمة الاقتصادية بدون وجود ومشاركة النساء، والوصول لمشاريع تنموية ضمن الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمساواة الجندرية، وإلغاء التمييز ضد النساء، والحوكمة الرشيدة في البلديات وغيرها من المؤسسات، وهو حق المرأة في المساواة".

 

 

"يجب الاحتفال بوصول النساء بأصوات النساء"

وعند سؤال النائبة نجاة عون عن الإعاقات التي اعترضت وصول المرأة لجهة حقوقها، أجابت "لا أحب الكلام عن حقوق المرأة المهدورة، بل يجب خرق هذا الجدار، بهدف الوصول إلى المجلس النيابي، بل يجب تغيير المقاربة وطريقة علاقتنا مع الرجل للوصول إلى ما نبتغيه، فلدى المرأة الفكر والعلم والقدرة للوصول إلى ما تريد بطريقة تراتبية وعن طريق إثبات كفاءتها، وقدرتها وأهليتها، بل يجب الاحتفال بوصول 8 نساء وبأصوات النساء، التي شكلت بالنسبة للأصوات التي رشحت النواب الـ 13 التغييريين إلى أكثر من 40% بأصوات النساء والشابات والشباب، وهو ما أثبتته الإحصاءات، وهذه هي الثورة الحقيقية وأننا كسرنا توقعاتهم بأنه لن يحصل تغيير، وهو الاحتفال الأكبر".

 

المجالس البلدية

أما الدكتورة جوزفين زغيب التي خاضت انتخابات بلدية نجحت بوصولها كمرشحة وحيدة وسط 15 عضوا ولم توفّق في الانتخابات النيابية، فباركت "للنساء اللواتي نجحن في دخول البرلمان على الرغم من القانون الجائر، والإقطاع الذكوري"، مشيرةً إلى أن "وصول النساء لم يتجاوز 6% من 4 مرشحات في البلدية التي ترشحت عنها، بينما في 2010 كنت المرشحة الوحيدة وقد فزت به، كما وأن القانون البلدي أكثري ولم يشمل أيضاً بالكوتا النسائية".

وعن الكوتا النسائية قالت "أولاً، لم تعطى النساء أولوية للعمل السياسي، فلا إلمام لأهمية مشاركة النساء في السياسة فيشار لهن بدورهن الجندري كالأم والأخت، وصول المرأة يمنعه النظام العشائري والمجتمعي والقبلي أيضاً، حيث يتم التأثير على هذه المفاتيح الانتخابية التي يسيطر عليها الرجال، وهو ما منع نساء من الوصول وعدم احلال الديموقراطية، بل إن وجود نساء على بعض اللوائح كان رفع عتب، بالنتيجة فكل امرأة ترشحت على الرغم من تحدي هذا الدور الجندري والمعوقات الأخرى هي بطلة وشجاعة".

وأعلنت عن إطلاق منصة نسوية مكونة من 50 جمعية وتم تحضير 10 مطالب لتقديمها للنواب وعبر النائبتين نجاة عون وحليمة قعقور، داعية إلى "تكامل الأدوار لصنع خطط واستراتيجيات ملائمة لوصول المرأة".

من جانبها عرضت المرشحة منى سكر لبكي مشكلة "قانون الانتخاب الذي فرض لائحة أقصى الكثير من المرشحين المؤهلين عموماً والمرشحات خصوصاً عبر الصوت التفضيلي".

 

التغيير المجتمعي لصالح المرأة عبر التربية والمناهج

أما الإعلامية والمرشحة جيستال سمعان فقد طرحت التحديات حول ترشح المرأة من حيث الأسئلة التي تراود المجتمع مثل لماذا الترشح وكيف وما الإيجابيات بترشح النساء وخصوصاً في المناطق المهمشة، ولا سيما كونها مرشحة مستقلة ولا تنتمي لعائلة سياسية وأنها انطلقت من عملها في الميدان إلى الترشح، وأن التغيير يجب أن يبدأ بخلق التغيير المجتمعي المتقبل لوجود المرأة في السياسة وعبر التربية المدنية في المناهج المدرسية، مشيرةً إلى اعتبار خطوتها شجاعة خصوصاً وأنها تضررت خلال الصمت الانتخابي حيث تمت مهاجمتها ولم تستطع الرد.

 

شيرين الجردي: نتائج الانتخابات انتصار للنساء

وعلى هامش المؤتمر قالت المتخصصة بأجندة المرأة والأمن والسلام شيرين الجردي لوكالتنا "سعدت بلقاء النساء اللواتي أصبحن نائبات، وكذلك المرشحات اللاتي لم تسنح لهن الفرصة بالوصول إلى المجلس النيابي لاعتبارات القانون الانتخابي والكوتا، لقد تابعنا خلال المؤتمر محاور ومواضيع النقاش الغني وما سيعمل عليه النواب التغييريين في سبيل إمكانية المشاركة الفعالة لكل أفراد المجتمع، كما وأطللنا على التحديات التي يواجهونها والتنمر الذي يتعرضون له من أعضاء المجلس الآخرين".

وأضافت "الأهم هو المستقبل، فهناك الكثير من الداعمين لحقوق المرأة وبالتالي الداعمين لبناء الدولة الحقيقية، حيث أن مشاركة النساء والشباب تعتبر مشاركة فعالة لكل أطياف المجتمع، لتقديم مشاريع وبناء معطيات جديدة، لدولة مبنية على العدالة الاجتماعية والتنوع، فضلاً عن التطرق لمواضيع مثل الأحوال الشخصية وحقوق المعوقين، والجنسية لأولاد اللبنانية والمساواة وغيرها من الأمور، وكان لقاء ناجحاً للغاية".

وأكدت على أن "نتائج الانتخابات تعتبر نصراً للنساء كونهن نجحن بدون دعم من قبل الرجال، وبجهودهن الفردية، وسنستكمل العمل نحو إقرار الكوتا النسائية، حتى يكون في العام 2026 هناك 26 امرأة في المجلس النيابي".

 

 

ندى خداج صبح: يجب إنقاذ الجامعة الوطنية

أما الأخصائية بالدراسات الجندرية والأكاديمية الدكتورة ندى خداج صبح فقالت "وصول النساء إلى المجلس النيابي كان حلماً تحقق، وهو ما كنا نعمل عليه لسنوات، وخصوصاً من حيث وصول نساء من نوع معين إلى البرلمان، وآمالنا بهم كبيرة، على أمل أن يزداد عددهن في الاستحقاقات التالية، وعليهن الآن مسؤولية كبيرة سياسية واجتماعية".

ورأت أن "العدد القليل وخصوصاً النساء وبنفس الخط أو التوجه السياسي، قد يؤثر على النتائج، ولكن لا بد أن يكون لهن دور وتأثير إيجابي على المواضيع المتعلقة بالعدل والتعليم والتربية"، مشيرةً إلى أن "تخصصي في إدارة الأعمال وعملي في التربية والتعليم الجامعي، يجعلني أطالب النائبات النساء والرجال، بضرورة الاهتمام وإنقاذ الجامعة اللبنانية الوطنية التي يبلغ تعداد طلابها 70 ألف طالب وطالبة، بالدعوة إلى جلسات استثنائية لنجدتها، خصوصاً وأنها من أهم مراكز التعليم في لبنان والشرق الأوسط، وإن انهارت سيتوقف دور لبنان كأحد أهم المراكز التعليمية والتربوية والاجتماعية الدولية"، وشددت على أهمية إقرار قوانين المساواة الجندرية وتجريم العنف ضد النساء والتحرش.

 

 

"بمشاركة النساء مع القطاع الخاص يمكن إنجاز الكثير"

من جهتها قالت المهندسة جمانة ناصر المرشحة سابقاً للانتخابات النيابية أن "دخولها عالم السياسة جاء بعد مسيرة طويلة في العمل الهندسي، وبعد عمل لسنوات مع منظمات دولية كمديرة مشاريع إنمائية معظمها هندسي، وبدأت بترشحها على لائحة المندوبين في نقابة المهندسين أي البرلمان النقابي، وقد نجحت رغم ترشحي كمستقلة ولمدة 3 سنوات، وكانت تجربة غنية للغاية، لأن هذه المعمدانية أهلتني ليتطور اهتمامي من مهنتي إلى مجال السياسة، كوعي واهتمام سياسي".

وأضافت "في النهاية أخذت قراراً بتأسيس جمعية مع أفراد سابقين عملوا معي مع الأمم المتحدة، والانتقال من العمل مع الوزارات فقط إلى توسعة مجال العمل ليشمل التنمية المحلية ولاسيما البلديات، بسبب كون التنمية تبدأ على المستوى المحلي، إذ أن لدينا قانون بلديات قوي للغاية ويسمح للسلطات المحلية بالعمل المنتج، إنما الضعف الأساسي يكمن بالتمويل الذي حرمت منه البلديات بسبب هذا النظام، حيث لا تحول إليهم الأموال لتنفيذ المشاريع التنموية، فبتمكين البلديات والمجموعات المحلية وكشركاء حقيقيين وبمشاركة النساء مع القطاع الخاص يمكن إنجاز الكثير وتحقيق المعجزات، وفي كافة القطاعات من تربية وزراعة وبيئة وغيرها".

 

 

من جانبها قالت جويل بو فرحات لوكالتنا أن "الخطوة القادمة تكمن في استمرار دعم المرأة بالسياسة للوصول إلى الاستحقاقات الحكومية فالرئاسية وكذلك الانتخابات البلدية التي سوف تجري في أيار 2023"، مؤكدة على "استمرار العمل لتحقيق كافة الأهداف".

ودعت منظمة فيفتي فيفتي في نهاية المؤتمر النائبات والحضور للتوقيع على الالتزام بتطبيق الكوتا النسائية خلال وجودهن في الندوة البرلمانية، وتم توزيع أدرعاً تكريمية على النائبات تقديراً لخوضهن المعركة الانتخابية والاستمرار في المثابرة والالتزام.