محامية: تحقيق السلام لن يتم دون مشاركة النساء وتطبيق فعال للقرار 1325

لا يمكن تحقيق السلام أو إعادة الإعمار دون مشاركة السوريات، فتمثيل النساء في وفود التفاوض وعمليات إعادة الإعمار والأحزاب السياسية والمجالس المحلية والبرلمان ليس ترفاً سياسياً بل ضرورة حتمية.

روشيل جونيور

السويداء ـ أكدت المحامية منار مؤنس على ضرورة أن تكون النساء حاضرات في كل وفد حكومي أو مدني يمثل سوريا، ليس فقط بأسمائهن، بل بأصواتهن، ووجهات نظرهن، وتجاربهن الخاصة، بالإضافة إلى زيادة مشاركتهن في جميع مستويات صنع القرار في عمليات حل الصراع وإحلال السلام.

يركز القرار 1325 بشكل أساسي على إشراك المرأة في جميع تدابير حفظ السلام وبنائه وذلك من خلال نصه على "ضمان زيادة تمثيل المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسسات والآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمنع الصراعات وإدارتها وحلها".

وأوضحت المحامية منار مؤنس أن القرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن يتناول قضايا المرأة والسلام والأمن، حيث يركز على أربعة محاور أساسية هي الحماية، الوقاية، المشاركة، والإغاثة والتعافي المبكر، لافتةً إلى أنه بالرغم من أهمية القرار، إلا أنه لا تزال هناك تحديات عديدة تعيق تنفيذه في سوريا، أبرزها الوضع السياسي القائم، وغياب حكومة تحظى بقبول شعبي عام، واستمرار النزاعات المسلحة، والتجاذبات بين مختلف الأطراف السياسية والمدنية.

وأشارت إلى أن التدهور الاقتصادي الحاد، وغياب الخدمات الأساسية، يضيفان عبئاً أخر على المجتمع عامة وعلى النساء خاصة، كما أن غياب التشريعات التي تحمي النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي واستمرار القوانين التمييزية كقانون الأحوال الشخصية والجنسية والعلاقات الزراعية، يشكل تحديات قانونية صارخة، إلى جانب الأعراف والتقاليد المجتمعية البالية التي لا تزال تكرس هذا التمييز وتحول دون تحقيق المساواة.

ولفتت الانتباه إلى ضرورة أن يتضمن الدستور السوري الجديد نصوصاً واضحة وصريحة تضمن المساواة التامة بين النساء والرجال، وتمثيلاً حقيقياً للنساء في مواقع صنع القرار سواء من خلال الكوتا النسائية أو غيرها من الآليات الفعالة، كذلك يجب تعديل القوانين الحالية وسن أخرى تجرم كافة أشكال العنف ضد النساء، وتضمن حمايتهن قانونياً.

وعن دور المجتمع المدني، قالت منار مؤنس إنه "لا يقل أهمية كونه يعد قوة ضغط حقيقية لدفع السلطة نحو إعداد خطة وطنية شاملة لتطبيق القرار 1325، كما أنه يوفر الدعم الاقتصادي والنفسي والاجتماعي للنساء خاصة اللواتي تعرضن للعنف خلال الـ 14 عام من الأزمة، كذلك يجب تمكين منظمات المجتمع المدني من توثيق الانتهاكات بحق النساء وتقديم الدعم القانوني أمام المحاكم المحلية والدولية".

وأوضحت أن "العنف القائم على النوع الاجتماعي يحد بشكل مباشر من قدرة النساء على الانخراط في عمليات السلام فالكثير من الناجيات تعانين من صدمات نفسية عميقة ويحتجن إلى بيئة آمنة، ودعم نفسي، ومرافق رعاية للأطفال، لتمكينهن من التوازن بين حياتهن العائلية ومشاركتهن في الشأن العام".

وأكدت أن "تنفيذ القرار 1325 لا يقتصر على النوايا أو النصوص، بل يجب الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا كما فعلت الأردن عندما وضعت خطة طويلة الأمد تمتد لعشرين عاماً لتطبيق القرار، وسوريا باعتبارها عضواً في الأمم المتحدة ملزمة بوضع خطة تنفيذية واضحة تتضمن تعديل القوانين التمييزية وضمان المشاركة السياسية الحقيقية للنساء".

ولفتت الانتباه إلى أن "وجود الكوتا النسائية لا يكفي وحده فلابد من تظافر جهود منظمات المجتمع المدني لتشجيع النساء على المشاركة السياسية وتقديم الدعم اللازم لهن، كما يجب التصدي للوصم الاجتماعي الذي يلاحقهن في مواقع صنع القرار ويدعي أنهن وصلن إلى مواقعهن بطرق غير شرعية وهي صورة نمطية جائرة تعيق تقدمهن، كما أن المساواة بين الجنسين لا تتحقق بمجرد كفالة التعليم والعمل في النصوص الدستورية، لذلك يجب ترجمة هذه الكفالة إلى فرص متساوية فعليه النساء يجب أن تكن جزءاً من جميع الوزارات، بما فيها الوزارات السيادية، وأن يتيح لهن الترشح لأي منصب حتى رئاسة الجمهورية".

وفي ختام حديثها، تطرقت منار مؤنس إلى دور الإعلام "لا يمكن التغاضي عن دوره في تغيير الصورة النمطية للمرأة، لذلك يجب مراقبة المحتوى الإعلامي والمسلسلات، والبرامج، والحرص على تسليط الضوء على قصص نجاح النساء، وتشجيع الأخريات على خوض مسارات المشاركة والقيادة، فتحقيق السلام الحقيقي والمستدام في سوريا لن يتم دون مشاركة كاملة وعادلة للنساء عبر تطبيق فعال وشامل للقرار 1325 يضمن لهن مكاناً أساسياً في بناء مستقبل البلاد".