مها عبد الناصر: النائبات في البرلمان المصري يدعمن قضايا النساء

تعول الحركات النسوية على وجود المرأة داخل البرلمان كونه يعطي دفعة قوية نحو مزيد من التغيير في التعاطي مع قضايا النساء المختلفة، خاصة تلك المرتبطة بالتشريعات القانونية التي من شأنها أن تضبط ايقاع التفاعل مع الأزمات.

أسماء فتحي

القاهرة ـ عدد من الأفكار والنقاشات أديرت خلال الفترة الأخيرة حول دور المرأة في البرلمان المصري خاصة مع وجود قوانين تتعلق بقضايا المرأة والأزمات التي تمر بها، ومنها مناقشة إقرار قانون للعنف الموحد والتي نالت توقيع أكثر من 60 برلماني عليها، وهو الأمر نفسه الذي سبق وحدث عند تقديم قانون للأحوال الشخصية حمل عنوان "قانون أكثر عدالة للأسرة المصرية".

التساؤل في الشارع المصري مؤخراً دار حول دور البرلمانيات في ذلك الأمر وما إن كانت هناك كتل نسائية يمكنها العمل تحت مظلة النوع الاجتماعي للتعاطي مع تلك القوانين أم أن ذلك الأمر لا يمكن حدوثه تحت القبة، فضلاً عن علاقات البرلمانيات فيما بينهن وأثر الانتماءات الحزبية على القضايا النسائية، وغيرها من الأمور التي وقفت على تفاصيلها عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي مها عبد الناصر في حوارها مع وكالتنا.

 

حالة من الصخب أثيرت حول عدد النساء في البرلمان وعدم فاعليتهن، فما الدور الذي تقدمه المرأة في البرلمان تجاه الأزمات التي تعاني منها النساء مؤخراً؟

النساء في البرلمان كالرجال لا يمكن القول إنهم فاعلين كلياً وبدرجة كبيرة ولكن الفاعلات منهن نسبة ليست بالقليلة، وإذا ما تحدثنا عن التشريعات وتأثير المرأة في إقرارها فعلينا أن ندرك حجم هذا التمثيل مقارنة بالعدد الكلي لأنه محدد بنحو 30% وفي حال اتحاد جميع النساء بدون دعم من الرجال لن يستطعن أيضاً تمرير قانون معين أو تشريع.

بالتأكيد يمكننا كنساء التأثير في المجموعات المحيطة بنا، وهذا اتضح جلياً في التشريعات الأخيرة ومنها تغليظ عقوبة الختان والتحرش، كما أن واحدة من البرلمانيات هي من حملت على عاتقها تقديم مسودة قانون للحد من العنف وأخرى خاصة بالأحوال الشخصية وتقريباً جميع العضوات في البرلمان كن داعمات لهما ووقعن عليهما.

فنحن نعمل بكل تأكيد على تمرير كل ما يتعلق بالمرأة من تشريعات وغير ذلك، فعندما تتحدث المرأة عن أي أمر وإن كان سياسياً داخل البرلمان بالتبعية تفكر مسبقاً في تأثير ذلك ومدى ملائمته للنساء، لذلك فما يثار حول عدم فاعلية النساء في قضاياهن بالبرلمان أمر مغلوط ولا يمت للواقع.

 

التعرض لأزمات أساسها النوع الاجتماعي سمة الأزمات الأخيرة التي تعاني منها النساء. فما تأثير ذلك واقعياً على البرلمانيات؟

أزمات النوع الاجتماعي واردة في حال ممارسة النائبة البرلمانية بعض المهام المرتبطة بالعمل المحلي، فمن الطبيعي أنها ستواجه صعوبات لأن بعض جوانب عمل النواب المجتمعية تتمثل في التواجد بجلسات الصلح المختلفة بين العائلات، وكذلك تقديم التعازي وغيرها من الأمور التي يقتصر أغلبها على حضور الرجال.

وعن تجربتي الشخصية فأنا نائبة عن محافظة المنيا في صعيد مصر وفي حال تواجدي بمدينة ملوي أو دير مواس على سبيل المثال فأي جلسة أتواجد بها أغلبها رجال وهو أمر يشكل تحدي تختلف نسبة تأثيره على النائبات بحسب قوتهن وقدرتهن على التعامل مع مثل هذه الجلسات.

ورغم أن معدل تمثيل النساء السياسي ارتفع مؤخراً إلا أنه مازال ضعيف جداً بالقرى والمحافظات النائية وهو واحد من الصعوبات التي تواجه من تعملن على الأرض كونهن نساء، إلا أن هناك نائبات معروفات بين مجتمعاتهن ويلجأ لهن الجميع رجالاً كانوا أو نساء دون الوضع في الحسبان نوعهن الاجتماعي ولكن ذلك لا يحدث في جميع الأماكن على نفس الدرجة بكل تأكيد.

 

أزمات النساء من خلال إشعارهن بأنهن أقل من الرجل هي السائد في المجتمع. فما هو واقع البرلمانيات من التمييز الذي يستند على نوعهن الاجتماعي في البرلمان؟ 

التمييز على أساس النوع الاجتماعي لا يحدث على الإطلاق في البرلمان ففي حال قيام نائبة بتقديم طلب ما لن يختلف الأمر عن الرجل والفارق الوحيد الذي قد يحدث أو يؤثر يتعلق بالتوجه الحزبي والسياسي لمن يقدم الطلب وكون كرسيه موالي أو معارض فقط.

ولا توجد كتل نسائية داخل البرلمان وهناك كتل حزبية تعمل على التنسيق معاً فالتصنيف تحت القبة لا يستند إلى النوع الاجتماعي والعلاقات النسائية قد تكون قوية جداً ويتم الاستفادة منها في حال وجود تنسيق حزبي على عمل مشترك ولكنه سياسي بالأساس وليس جندري.

ولا بد من الإشارة إلى أهمية إقرار الكوتا لما لها من دور فاعل ومؤثر، فالعام الوحيد الذي تم فيه إلغاء الكوتا خلا البرلمان من التواجد النسائي، وهو ما يؤكد على حجم تأثيرها وسلبية إلغاؤها، وفكرة ترك الأمر للصندوق لن تنجح لأن المجتمع لا يرحب بوصول المرأة لمناصب صنع القرار، وإذا ترك الأمر للاختيار بالتأكيد سيتم تفضيل الرجل على المرأة ويختفي تماماً التمثيل النسائي السياسي.

 

هناك قانون للأحوال الشخصية وآخر للعنف الموحد داخل البرلمان الآن، كبرلمانيات إلى أي مدى تمكنتن من التعاون من أجل دعم تلك القوانين؟

العمل البرلماني للنساء لا يتم بنفس الطريقة فلكل منا أسلوبه الخاص ولكن الغالبية العظمى من البرلمانيات مهتمات بهذه القوانين ويدعمنها، ونتعاون مع أغلب المؤسسات النسوية للوصول لأحسن مسودة من خلال النقاش حولها لنصل إلى رؤية موحدة أقرب للجميع وتساهم في إيجاد حلول لمعاناة النساء ووقف سيل الأزمات الواقعة على كاهلهن.

ولمسنا من خلال العمل على قضايا النساء ضرورة التوافق على ما سيتم تقديمه لأن ذلك يمكن من الضغط في جميع الاتجاهات للوصول لقوانين عادلة ولصالح جميع أفراد الأسرة، ويلي ذلك العمل على جمع التوقيعات عليه تمهيداً لتمريره.

 

ما هي أبرز المعوقات التي تحول دون وصول النساء لمراكز صنع القرار وما هي أسباب قصورهن في تجاوز ذلك؟   

يمكننا القول إن المجتمع كاملاً يقف ضد النساء وهذه هي المشكلة الأكبر فلا ينظر أحد إلى حياة الرجل الشخصية ويتم التركيز فقط على نجاحاته، أما المرأة ومهما كانت ناجحة يشعرونها بالنقص، فمن لم تتزوج أو المطلقة وحتى الأرملة يتم النظر لها بدونية مهما علا قدرها ويحاولون بكل طاقاتهم فرض وصاية وسيطرة عليهن من خلال إشعارهن أنهن أقل من غيرهن.   

جميع المحيطين بالمرأة يسعون للتدخل في حياتها وهذا الأمر يشكل أزمة مجتمعية تحتاج التدخل بقوة من خلال المؤسسات الدينية والإعلام والتعليم لتغيير تلك الثقافة، فعلى سبيل المثال لا يوجد قانون يمنع الفتاة من السكن بمفردها لكنها عادة ما تتعرض للمضايقات سواء من المالك أو الجيران الذين يسعون بقوة لتطفيشها.  

أما عن القصور الداخلي الذي تتحمل المرأة جانب من المسؤولية فيه فهو بالأساس ناتج عن التربية الخاطئة، فبعضهن غير واثقات في قدراتهن واستحقاقهن للوصول لدوائر صنع القرار أو حتى المناصب العليا تنفيذية كانت أو قيادية، فضلاً عن شعورهن الدائم بالذنب الناتج عن ترسيخ مجموعة من المفاهيم داخل المرأة تتمثل في أن نجاحها في عملها بالتبعية يؤثر على أسرتها.  

نحن نتحدث عن تراث طويل من اضطهاد المرأة على مدار عصور وتم قطع شوط ليس قليل للتعامل مع ما به من خلل، ولكن مازلنا نحتاج لأكثر من ذلك لأن نسبة مشاركة النساء فعلياً ضعيفة مقارنة بنسبة وجودهن في المجتمع.

 

إلى أي مدى نحتاج لقوانين جديدة وما تأثير تشديد العقوبات للحد من الانتهاكات التي تتعرض لها النساء؟

المشكلة ليست في التشريعات على الإطلاق وليس لدينا قصور تشريعي فحتى بعد تغليظ عقوبة الختان لن يكون تطبيقها سهل كما يعتقد البعض، لأننا نتحدث عن مجتمع رافض لمعاقبة الأب الذي يختن ابنته والطبيب القائم على الأمر، لدى المجتمع قبول ضمني لما يقع على النساء من انتهاكات فالأهم انفاذ القانون وتطبيقه وليس كمية الموجود منه.

وفي قضية التحرش تم بالفعل تغليظ العقوبة، وكنت بالمجلس حينها وأكدت أننا موافقين على تغليظ العقوبة، ولكننا نحتاج لتدريب جميع المتعاملين مع الفتاة المبلغة وتوعيتهم بكون التحرش جريمة، فلا تذهب الفتاة لتقديم بلاغ في قسم الشرطة على سبيل المثال وتجد من يجلس هناك يحدثها عن سبب تواجدها في وقت متأخر بالشارع، أو يشير إلى ما ترتديه من ثياب وما إلى ذلك من محاولات التبرير ولوم الضحية.

لذلك فالمشكلة في إنفاذ القانون ووعي القائمين عليه، وكذلك الوعي المجتمعي المفترض أن يتم العمل على تحريكه للأمام، وهو الأمر الذي يجعلنا نتحدث عن ضرورة العمل التنويري في المقام الأول للنساء أولاً وللفئات المستهدف تغييرها لاحقاً.