ما هي أسس اللقاء المحتمل بين دمشق وأنقرة؟

أكدت النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي صالحة أيدينيز أن اللقاء المحتمل بين الدولة التركية وحكومة دمشق من شأنه أن يعمق الصراعات في سوريا، وأن المطالبات بعقد لقاءات باسم "التطبيع" مبنية على العداء تجاه الكرد.

سيربيل سافوملو

مركز الأخبار ـ قال أردوغان، إن تركيا يمكن أن توجه دعوة "في أي وقت" لعقد اجتماع محتمل مع رئيس حكومة دمشق بشار الأسد بشأن عملية "التطبيع"، ليرد الأخير على أنهم إيجابيون بشأن اللقاء، إلا أنه أكد في شروط اللقاء العودة إلى أوضاع ما قبل 2011.

تصريحات طيب أردوغان، الذي يدعم شخصياً المعارضة، تحت اسم "التطبيع"، تحتوي في الواقع على العديد من الدلائل حول المنطقة، لكنها أيضاً تعني نهاية دعم المعارضة، علاوة على ذلك، هناك أيضاً وضع اللاجئين على الطاولة، ومن الواضح أيضاً أين يقف واقع روج آفا على طاولة أردوغان، الذي يتخذ خطواته بناءً على المشاعر المعادية للكرد.

قيّمت النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي صالحة أيدينيز، التطورات السياسية التي أجبرت أردوغان على لقاء بشار الأسد تحت مسمى "التطبيع"، ونتائج اللقاء المحتمل لوكالتنا.

 

"يجب تقييم اللقاء من حيث العداء تجاه الكرد"

لفتت صالحة أيدينيز إلى توقيت طلب أردوغان عقد اللقاء، "عندما يتعلق الأمر بتدمير مكاسب الكرد ومكانتهم، فهو لا ينظر في الواقع إلى وقت واحد أو يوم واحد، وأجندته المعتادة هي تدمير مكاسب الكرد ومهاجمة الأماكن التي يتواجدون فيها. لأن هناك في الواقع سياسة عمرها 100 عام".

وذكرت أنه ينبغي تقييم جدول أعمال الاجتماع من حيث "العداء تجاه الكرد"، "في الواقع، تعاني تركيا من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية منذ فترة طويلة، خاصة منذ عام 2015، كما يعاني الشرق الأوسط والعالم من نفس الأزمات"، مضيفةً أن حكومة أردوغان وتركيا تشهد هذه الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في أعمق صورها، والسبب في ذلك الإصرار على عدم حل القضية الكردية بالوسائل والأساليب الديمقراطية، ولذلك، فإن السبب وراء رغبة أردوغان في الاجتماع خلال هذه الفترة هو في الواقع إعادة خلط الأوراق في محاولة إعادة تشكيل الشرق الأوسط".

 

"الهدف هو تدمير الأرض في روج آفا"

أشارت صالحة أيدينيز إلى واقع روج آفا في الوقت الذي تتم فيه إعادة التوازنات في الشرق الأوسط، "إن روج آفا تتجه نحو وضع تُبذل فيه جهود كبيرة، ومرة أخرى، فإن نضال الكرد جعل منهم الآن الفاعل الذي يحدد السياسة في الشرق الأوسط، وفي مثل هذه العملية بالضبط، تحدد سياساتهم والظروف الراهنة، نحن في عملية يتم فيها تشكيل الأساس للكرد للحصول على مكانة في روج آفا".

 

"ميثاق استهداف الحدود الوطنية"

قالت صالحة أيدينيز إن طلب أردوغان لعقد اجتماع كان لإعادة تحديد حدود الميثاق الوطني، "حقيقة أنه يريد الاجتماع مع حكومة دمشق اليوم هو لترسيم حدود الاتفاق الوطني، وبعبارة أخرى، فإن سلامة سوريا لم تكن دائماً همه، وبالإضافة إلى العداء تجاه الكرد، فإن لديه في الواقع سياسة إنشاء حدود الميثاق الوطني سعياً لتحقيق أحلامه في العثمانية، وقد عرض مؤخراً الخريطة على الأمم المتحدة لإعلان 30 كيلومتراً من أراضي إقليم شمال وشرق سوريا منطقة آمنة، هذا يظهر بوضوح أن حكومة أردوغان لا تفكر في سوريا".

وأضافت "يجب أن نرى بوضوح أن الهدف ليس ضمان سلامة سوريا أو أن تحكم سوريا نفسها كدولة قومية على أراضيها مرة أخرى، ونقول إن الهدف من كل النواحي ليس تحقيق مكانة الكرد من خلال العداء للكرد من جهة، ومن جهة أخرى هدف حكومة أردوغان هو الوصول إلى حدود الميثاق الملي".

 

"إنها ليست مستقلة عن السياسة في العراق"

أشارت صالحة أيدينيز إلى أن حكومة أردوغان تدعم المرتزقة في سوريا وتحاول بناء المستقبل من خلالها، وأوضحت أن ذلك لا يمكن اعتباره مستقلاً عن سياسة الدولة التركية المستمرة منذ 100 عام، مشيرةً إلى السياسة العراقية "السياسة السورية هذه ليست مستقلة عن السياسة العراقية، واليوم، تطبق نفس السياسة في إقليم كردستان، إن سياستها في الإقليم هي في الواقع سياسة تدمير المكانة، وسبب الحوارات الأخيرة مع الحكومة العراقية هو أن العراق لا يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه، إنه في وضع حيث الجميع يحكونه باستثناء العراقيين".

وأضافت "بطبيعة الحال، لإيران أيضا موقف هنا، وبينما يتم خلط الأوراق وإعادة تصميمها في الشرق الأوسط، فإن الهدف هو القضاء على الكرد، وتدمير مكتسباتهم، وبالتالي الوصول إلى حدود الميثاق الوطني، وهذه هي السياسة التي ينتهجها اليوم، سواء في العراق أو إقليم كردستان".

 

"نواجه عقلية دولة تصر على عدم وجود حل"

في إشارة إلى أن السبب الأكبر وراء دفع أردوغان إلى هذا الاجتماع هو الأزمات المتعددة التي كان يعاني منها وعدم قدرته على تقديم أي وعد للمجتمع، قالت صالحة أيدينيز "نحن نواجه الحرب والقمع والإصرار على عدم قابلية حل المشكلة الكردية، المشكلة هي عقلية الحكومة والدولة التي تواصل تعميق سياسات الحرب في هذا المأزق".

وتابعت "بينما تتم إعادة تصميم الشرق الأوسط، فمن المرجح أن تنجر تركيا إلى هذه الحرب، ولذلك، فبينما هناك أساس ديمقراطي للخروج من هذه الأزمات المتعددة، هناك إصرار على سياسات الحرب التي جربت منذ سنوات ولم تسفر عن نتائج، هذه في الواقع بيئة يسيطر فيها النظام الأحادي الفاشي أو نظام الرجل الواحد".

ولفتت إلى أنه "اليوم، في بيئة تتصاعد فيها الشعبوية اليمينية في تركيا، وفي بيئة تحاول فيها الفاشية إضفاء الطابع المؤسسي على نفسها، من الضروري أن نرى ذلك أساساً للاستقطاب والتهميش، والقضية التي دفعت أردوغان إلى هذا الاجتماع في وقت قامت فيه الفاشية بإضفاء الطابع المؤسسي على نفسها هي أنه لا يستطيع الوقوف بدون حرب".

 

"لن يتراجع"

قالت صالحة أيدنيز، إن حكومة بشار الأسد تعرف حكومة طيب أردوغان جيداً، "هل ستتراجع سوريا عن مبادئها؟ في الواقع، فإن إصرار حكومة دمشق على الحرب التي تشنها منذ عام 2011 ورفضها قبول نظام الحكم الذي أنشأه شعبها هو الافتقار إلى المبدأ، يجب تقييمه على هذا النحو، ففي نهاية المطاف، هناك إدارة في سوريا مكونة من الكرد وشعوب أخرى في إقليم شمال وشرق سوريا، اعتقد أن هذه الإدارة يمكنها في الواقع السيطرة على نفسها بشكل أكبر من خلال الاعتراف بوضعها، لكننا نعلم جيداً أن حكومة دمشق ونظام أردوغان لديهما حلم الميثاق الوطني، والأمر يتعلق بما إذا كانت الدولة القومية ستتراجع عن طريق حماية حدودها".

وأشارت إلى أن طيب أردوغان كان يؤيد المرتزقة منذ بدء الأزمة السورية عام 2011، لافتةً إلى أن هذا الوضع يعني أنه لا يمكن قبول المطالب بسهولة.

وأضافت "إن السبب الذي يجعل الأسد يشير إلى الفترة ما قبل عام 2011 هو في الواقع مؤشر على مدى إصراره على منطق الدولة القومية بمعنى آخر، الإصرار على عدم الاعتراف بمعتقدات الناس الذين يعيشون معهم الحرب، كما أن الإصرار على الدولة القومية هو قميص ملطخ بالدماء فرض على الشرق الأوسط. الدولة القومية نظام لا يصلح لتكوين الشرق الأوسط. في الفترة التي بدأت مع ربيع الشعوب أثبتت أن الناس يستطيعون حكم أنفسهم. بالنسبة لسوريا لم يعد هناك أي شرط سياسي أو اجتماعي للعودة إلى ما قبل عام 2011، وهذا في الواقع يخلق أساساً للدول المهيمنة لكي ترغب في تصميم الشرق الأوسط بطريقتها الخاصة".

 

"الهدف هو القضاء على الكرد"

وبينت صالحة أيدنيز أن الغرض الأساسي من هذه المحادثات هو تصفية الإدارة الذاتية بإقليم شمال وشرق سوريا "سياسات تركيا، مثل سياسة الوصاية، وسياسة العزل، وسياسة المجازر البيئية، في شمال كردستان وروج آفا وإقليم كردستان، كلها مترابطة فالهدف هو القضاء على الكرد. إن شكل الحكومة التي ستنشأ في إقليم شمال وشرق سوريا هو بديل واضح للرأسمالية التي تعاني من أزمة في جميع أنحاء العالم".

 

"الاجتماع سيضع الأساس لصراعات أخرى"

وقالت صالحة أيدنيز إن "الجميع يعرف حقيقة تركيا التي تغذي بشكل خاص المرتزقة الموجودة في المنطقة"، لافتة إلى أن هذه المرتزقة ستتخذ موقفاً أيضاً ضد احتمال اللقاء.

واستذكرت مجزرتي أنقرة وسروج "جميع الهجمات تظهر في الواقع كيف تنعكس مسألة تجاهل هذه المرتزقة وهذا مؤشر واضح على أنها لن تقول بسهولة نعم للاتفاق مع الأسد، ولا شك أن قضية اللقاء بين الأسد وأردوغان سيضع الأساس لصراعات أخرى. لن يقبل أحد بعودة سوريا إلى ما قبل عام 2011.