ما دور النساء في ضوء الأحداث المتسارعة في سوريا ولبنان؟
انعكست الأحداث الأخيرة في لبنان وسوريا على واقع المرأة في كلا البلدين، حيث أصبح تناول مواضيع حقوق النساء وقضاياهن بعيداً عن البحث، في ظل معاناة النزوح والترقب من النظام الجديد في سوريا وانعكاساته.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ مع تسارع الأحداث في الشهرين الأخيرين، وسقوط النظام في سوريا مؤخراً، وجدت النساء أنفسهن في قلب المعارك، تعانين من النزوح وتهميش احتياجاتهن الأساسية وحقوقهن ومصير مستقبلهن، وفي وسط هذا الوضع المبهم، دعت ناشطات سياسيات وحقوقيات إلى إعادة تنظيم صفوفهن لمتابعة النضال النسوي من أجل المحافظة على الحقوق والحريات المكتسبة وتطوير القوانين بحيث تتمكن من المساهمة في تنمية مجتمعاتهن والوصول إلى أماكن صنع القرار بهدف الوصول إلى السلام والحد من النزاعات التي تدفع أثمانها الشعوب ولا سيما الفئات المهمشة.
قالت الناشطة السياسية والمهندسة سهى منيمنة إن "العديد يتساءل عن وضع النساء بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" على مدن عديدة من سوريا وهل ستمنح النساء حقوقهن أم سيتم تهميشهن كما الحكومات السابقات التي سيطرت على بلدان أخرى كأفغانستان، وهناك تخوف كبير من ذلك وخاصة أن لها توجه إسلامي ولا سيما القيادة، لذا نحن في حالة من الترقب ولا نعرف ماذا يخبئ المستقبل في هذا المجال، وهل سيكون عادلاً فعلاً بحق هذه الفئات".
وأضافت "لم يكن النظام السوري عادلاً بحق النساء، فقد اغتصبهن واعتدى عليهن، وكان العديد منهن بعيدات عن عائلاتهن بسبب النظام القمعي الموجود، وحتى داخل السجون وما تعرضن له".
ولفتت إلى أنه "في الوقت الحالي، هناك مسؤولية على المنظمات والجمعيات النسائية وأي تكتل نسائي في لبنان وسوريا وغيرها، بأن تظل حقوق النساء على أجنداتها، وضمن النضال النسوي والجندري الذي كنا نطالب به، قبل الحرب، ومع الحرب، فإن أي حديث عن حقوق النساء يتم تهميشه وعلينا واجب بوضعه في الواجهة لأننا في حالة تراجع اقتصادي وحقوقي وغيره حيث يتم إسكاتنا وتهميش المطالب، فهي مسؤوليتنا كنساء ضمن تجمعاتنا بأن نعيد مطالبنا إلى الواجهة والمتعلقة بحقوقنا الوجودية كنساء".
وأشارت إلى أنه "لا شك بأننا في مواجهة مرحلة صعبة، وبعد إسقاط أي نظام فهناك تحديات كبيرة لدى الشعب لينهض بالمؤسسات وأن يؤسس نظاماً جديداً وفق إرادة الشعب ويعيد الحقوق لجميع الفئات المهمشة والإثنية والعرقية".
وقالت "هناك الكثير من الأسباب للحروب والنزاعات في المنطقة، ولا مجال للبحث في تشعباتها، ولكن الذي لا شك فيه هو وجود العديد من الطغاة الذين كان لا بد من إسقاطهم، وهناك عدوان إسرائيلي مستمر على كافة الأراضي اللبنانية وحالياً السورية، ولا بد من أن يزول الاحتلال للحصول على أمان وسلام في المنطقة"، وعن المرحلة القادمة بينت "لست متفائلة فهناك الكثير من الأحداث دفعت العديد من الأهالي ثمنها".
وقالت المرشحة السابقة للانتخابات اللبنانية في الأعوام 2018 و2022 الناشطة السياسية والحقوقية لينا حمدان "تسعى العديد من الجمعيات النسائية إلى تأمين الغطاء السياسي والاقتصادي لأي امرأة لبنانية وزيادة مشاركتها ليس في ميدان العمل فحسب، بل في كافة القطاعات الإنتاجية وفي عملية اتخاذ القرار، وحتى الانتخابات القادمة، نشهد بروز نساء سياسيات واقتصاديات وفي مجالس إدارة الشركات، بفضل جهود كل نساء لبنان ومع كل هذه الجمعيات وهيئة شؤون المرأة في الدولة اللبنانية، والتي تعمل كشبكة نستطيع الوصول لنتائج إيجابية ويمكننا رفع نسبة مشاركة المرأة في السياسة أسوة بالدول العربية الأخرى التي تقدمت عنا بمجالات كبيرة".
وأكدت أن "النساء قادرات على تغيير المسار السياسي لبلد مثل لبنان، لأن عدد النساء يوازي عدد الرجال، ولكن تخاذلهن بعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع كان له أثراً كبيراً بعدم وصول المرشحين المناسبين لتمثيل الصوت النسائي بالمجلس، وساهم بالإبقاء على الزعامات التقليدية التي لا تعترف بقدراتها ومواهبها ولا سيما بإدارة البلد، ولكن في بعض الأماكن نعتز باللبنانية نهلا حيدر التي كانت ضمن فريق اتفاقية سيداو، واليوم تم انتخابها في اللجنة الاستشارية لسيداو وبدون أي واسطة وبناء على قدراتها".
بدورها قالت الناشطة السياسية والبيئية ناهدة خليل "كان هناك حالات نزوح عدة في لبنان من الحرب الأهلية وحرب 2006، لكن في عام 2011 كان هناك نزوح سوري كبير"، مضيفةً "لا بد أن نذكر أنه في اليوم الأول على النزوح، كنا نخوض العمل في الشأن العام، منا من يتحضر لخوض الانتخابات البلدية، ومنا من ترشح في انتخابات 2018 و2022، وكانت "فيفتي فيفتي" تساهم في دعم وتمكين المرأة لتكون في مواقع القيادة، واليوم أنشأنا فريقاً يضم أكثر من أربعمئة شخص، أكثر من 90% منهم من النساء، وعملنا جميعاً يداً واحدة، وهذا مثل مهم يوضح كيف هي تركيبة الناس على الأرض، وليس في السياسة أو التركيبات السياسية".
ووجهت رسالة إلى النساء "عليكن خوض الانتخابات وأكملن العمل لنعطي مثالاً للسياسيين، لجهة أن ما تحقق على الأرض وعلى المستوى الاجتماعي وعلى مستوى القاعدة يجب أن يعمم على المستوى السياسي، وهكذا يمكن أن نقود هذا البلد ونساهم بإصلاحه وإعادة بناء دولة المؤسسات، دولة المواطنة والمساواة".
وحول تواجد السوريين في لبنان بعد نزوحهم منذ عام 2011، قالت "في لبنان لم تتم إدارة ملف النازحين بالشكل المطلوب واستخدم كفزاعة في وجه المجتمع الدولي لتحقيق مكاسب من وجودهم، وربما كان الهدف استخدامهم لميزان ديموغرافي وهنا نحمل السلطة اللبنانية مسؤولية هذا الملف وعدم إدارته، اليوم حصل نزوح من لبنان إلى سوريا، وهناك من تأثروا بخطة إسرائيل القائمة على حمل الشعب على كره النازحين من اللبنانيين، وليس كل السوريين يريدون البقاء في لبنان، واليوم يمكن أن نرى المجازر، وصيدنايا أكبر مثال على سبب خوف السوريين من العودة، بالرغم من أن المنظمات الدولية استغلتهم والسلطة اللبنانية استغلتهم، وكذلك الدول الأخرى".
وأضافت ناهدة خليل "بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" على سوريا هناك تحامل كبير، ويمكن أن يكون هناك من يريدون الثأر، ولن تتمكن الهيئة أن تضبط الوضع بين ليلة وضحاها، ويجب التعامل مع ملف النازحين بعيداً عن المكاسب"، متسائلة "لماذا ليس هناك لجنة وزارية تمسك الملف بدلاً من وزارة المهجرين ومجلس الجنوب وبدل جهاد للبناء والبلديات انتقائياً، هناك فوضى في هذا الملف، فلا أحد يحقق مكاسب على حساب النازحين".
وأردفت بأن "إعادة الإعمار يجب أن يسبقها تنظيم مدني يأخذ في عين الاعتبار أموراً كثيرة، وألا تبدأ الجرافات بتجريف كل شيء كما هو حاصل الآن لردم البحر واكتساب أراض جديدة، اليوم، ضروري إدارة رفع الأنقاض والتدعيم، وحماية كل المباني التراثية والأثرية التي دمرتها إسرائيل عمداً ومنها القلاع والمعالم والبيوت الأثرية وغيرها، فضلاً عن عناصر الذاكرة الجماعية للبلدات".
وعن أسباب الحروب في المنطقة، أشارت ناهدة خليل إلى أن "السبب اقتصادي يجمع الأرض والمياه والجغرافيا، هي مطامع من قبل القوات الإسرائيلية بثرواتنا من مياه وبترول وغاز ومواقع وتحولات في الطرق التجارية العالمية، والتي تؤدي إلى تغيير في الأوجه الاقتصادية للمنطقة ككل".