'على النساء الأفغانيات تنظيم أنفسهن لمحاربة الفكر المتطرف'

أبدت نساء شمال وشرق سوريا تخوفهن وقلقهن على مستقبل النساء في أفغانستان, وناشدن كافة المنظمات الحقوقية والمنظمات النسائية لإبداء موقف إنساني, موجهات رسالة للنساء في أفغانستان مفادها "عليكن تنظيم أنفسكن لمحاربة الفكر المتطرف الإرهابي"

سيبيلييا الإبراهيم

منبج ـ أبدت نساء شمال وشرق سوريا تخوفهن وقلقهن على مستقبل النساء في أفغانستان، وناشدن كافة المنظمات الحقوقية والمنظمات النسائية لإبداء موقف إنساني، موجهات رسالة للنساء في أفغانستان مفادها "عليكن تنظيم أنفسكن لمحاربة الفكر المتطرف الإرهابي".
بعد عشرون عاماً من المقاومة والنضال، وصلت المرأة الأفغانية إلى مكانة تليق بها كامرأة وأثبتت وجودها في مجالات مهمة كتولي مناصب قيادية في الدولة، لكن هناك قلق ومخاوف كبيرة على مستقبلها وتزداد يوماً بعد يوم خاصة بعد إعلان انسحاب القوات الأمريكية وعودة طالبان للسيطرة على البلاد، مما يشكل خطراً على النساء والمكتسبات التي حققنها بالإصرار والنضال على مدى 20 عاماً، ويرى الكثير من المراقبون لوضع النساء في أفغانستان في ظل سيطرة طالبان أن المرأة هي الضحية الأولى لكل ما تمر به البلاد.
"اكتسبت النساء العديد من الحقوق خلال عشرون عاماً مضت"
وفي هذا السياق قالت الناطقة الرسمية باسم مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل ابتسام عبد القادر، عن وضع النساء ومعاناتهن في ظل الأنظمة الاستبدادية التي تهمش المرأة، "نجد أن المرأة عانت كثيراً من الظلم والاستعباد نتيجة الحروب والنزاعات، وسيطرة الكثير من التنظيمات الإرهابية على العديد من الدول، المرأة أكثر من تعاني".
وعن وضع النساء الأفغانيات اللواتي عانين أثناء سيطرة طالبان ما بين عام (1996 ـ 2001)، تقول "عانت المرأة آنذاك من الاضطهاد ومورس بحقها أبشع أنواع القتل والرجم والسبي، وتم تهميشها وإبعادها تماماً عن الحياة إلى أن حررت قوات التحالف أفغانستان من الإرهاب، شكلت حملة التحرير بريق أمل ونور للنساء في البلاد، لينفتح باب الدخول على كافة مجالات الحياة على مصراعيه أمام النساء، وتتولى مناصب سياسية، عسكرية، لتكون ضابطة وقاضية ومعلمة. لقد وصلن إلى مستوى جيد من الحرية بالنسبة إلى بلد محافظ مثل أفغانستان، فقط ساهمن في بناء المجتمع. استطاعت أن تثبت نفسها كامرأة أفغانية خلال 20 عاماً مضت".
"ما وصلت إليه المرأة الأفغانية من تطور وتقدم ليس بكافي"
وحول المكتسبات التي حققتها المرأة في أفغانستان خلال العقدين الماضيين تقول ابتسام عبد القادر "استطاعت المرأة الأفغانية خلال عشرون عاماً، أن تنشأ جيل جديد من النساء، فقد دخلت مجال التعليم ووصلت إلى آخر المستويات في مراحل الدارسة وتخرجت من الجامعات، فبات هناك طبيبات ومثقفات وصحفيات ومذيعات، وممثلات ومغنيات، كانت تلك المرحلة بمثابة انطلاقة واسعة للمرأة الأفغانية بكافة المجالات".
وبالرغم من أن النساء والفتيات وصلن إلى مستوى لا بأس به من التطور، إلا أن ابتسام عبد القادر لا تجد ذلك كافياً، "نتيجة تحرر أفغانستان من حركة طالبان في عام 2001، استطاعت المرأة أن تصل إلى مستوى جيد من التطور والتقدم ولكن ليس بالشكل الكافي"، وأضافت "الجميع يدرك أن هناك الكثير من الأخطاء والنواقص، لأن البلاد دائماً ما كانت محط النظر، ولم تقف طالبان عن متابعة ما يجري في البلاد، فهي لم تنسحب ولم تعترف بالهزيمة بشكل كامل، كانت الحركة موجودة في المناطق الجبلية وتسعى إلى استرجاع قوتها وتحالفها، لتتاح لها الفرصة لدخول أفغانستان مرة أخرى".
وأعزت دخول طالبان إلى أفغانستان بسرعة إلى انسحاب القوات الأمريكية "العالم بأكمله يعلم أن الخطأ يكمن بانسحاب القوات الأمريكية من البلاد، فانسحابها اتاح الفرصة والمجال لحركة طالبان أن تستعيد حيويتها من جديد، وفتح أمامها المجال لتعيد السيطرة على العاصمة كابول، لقد كانت قوات التحالف تمنح القوة والدعم والحماية للأفغانيين وخاصة النساء منهم".
مخاوف وقلق شديدين على مستقبل النساء الأفغانيات
وحول التصريحات التي أدلت بها حركة طالبان بعد سيطرتها على أفغانستان، تقول ابتسام عبد القادر "إذا اردنا التحدث عن معاناة المرأة الأفغانية سوف نعود بتاريخها إلى قبل 20 عاماً، فالمعاناة والظلم والتهميش الذي مورس بحقها لم يكن بقليل، وبناءً على التجربة السابقة وما مرت به النساء لا يمكن الوثوق بتصريحات طالبان التي فرضت سابقاً أحكاماً جائرة بحقهن".
وتوضح "من وجهة نظرهم الحقوق التي اكتسبتها النساء منها الانخراط في كافة مجالات الحياة وخروجها من المنزل دون محرم وعدم التزامها بالحجاب والنقاب، تعتبر انحرافاً عن المسار الصحيح، ولذلك ربما تفرض أحكام شرعية جائرة بحق النساء كونهن تخطين وتجاوزن الشريعة الاسلامية من وجهة نظرهم".
وأبدت ابتسام عبد القادر تخوفها من مصير النساء في ظل الوضع الجديد "نحن قلقون على المرأة الافغانية في ظل سيطرة طالبان، فهي تعيش حالة من الخوف والقلق من المصير الذي ينتظرها، هناك مخاوف شديدة من قبل الدول ومنظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة على مصير وحياة المرأة الأفغانية، فقد يكون هناك أحكام رجم  وقص وسبي بحق النساء".
وعن حالات النزوح والإجلاء التي شهدتها البلاد بالتزامن مع دخول طالبان العاصمة كابول، تقول "شاهدنا آلاف النساء والأطفال والأهالي يتوجهون من أفغانستان إلى المعابر الدولية للخروج من البلاد خوفاً على حياتهم، لقد فقد العديد من الأشخاص حياتهم وهم يتوجهون إلى مطارات كابول بسبب التدافع والتزاحم" معظمهم لم يكن يعلم أين ستكون وجهته، مشيرة إلى أنهم يخشون أن يكون الوضع مأساوي داخل البلاد وخاصة وضع النساء.
"انسحاب أمريكا فتح المجال أمام طالبان لاستعادة نشاطه والسيطرة على البلاد"
وأما عن التصريحات التي أفادت بمنح طالبان الشرعية والاعتراف تقول "إذا حللنا كل المجريات التي حدثت وسوف تحدث ووجود طالبان على الأراضي الأفغانية وسيطرتها مرة أخرى على كابول، وتصريحات رؤساء الدول من الجانب السياسي، ندرك أن هناك اتفاقيات بين الدول، كالتحالف الثلاثي بين روسيا وايران والصين، وحتى تركيا مساهمة في هذه الاتفاقيات، فوجودها على الأراضي الافغانية واستلامها لحماية مطار كابول أكبر دليل على تواطؤها مع تلك الدول".
وتتابع "هناك اتصالات ومحادثات بين الرئيسين الروسي والتركي على تقاسم النفوذ في أفغانستان بعد سيطرة طالبان، ويعد هذا أكبر دليل على اعتراف تلك الدول بطالبان، كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرح بأنه سيقوم بحماية المطار، وسوف يكون هناك تفاوض ومناقشات مع المسؤولين في حركة طالبان، ليكون الوضع مستقر، وأنه سيعمل على استقطاب هذا الفكر بما يخدم مصلحة الشعب في أفغانستان، كل هذه التصريحات كانت على مرأى العالم أجمع".
وتضيف "انسحاب أمريكا كان بمثابة تصريح واضح بالاعتراف بطالبان واعطائها الشرعية، وإشارة لطالبان لتحيي حركتها وتدخل أفغانستان مرة أخرى بعد أن تم تحريرها بالكامل، فالمشهد يتكرر من جديد، فقد دخلت أمريكا سوريا لمحاربة مرتزقة داعش، وكذلك الحال بالنسبة إلى أفغانستان، حيث دخلت البلاد لتحريرها من حركة طالبان المصنفة ضمن المجموعات الإرهابية عالمياً، ومنعت دخولها إلى البلاد على مدى 20 عاماً، ولكن بعد أن حققت ما كانت ترموا إليه وانتهت مصالحها، قررت الانسحاب دون التفكير بالعواقب". 
"بعد أيام قليلة من سيطرتها... طالبان تمنع النساء من ممارسة حقوقهن"
واشارت ابتسام عبد القادر إلى أن الخوف والقلق كان بادياً على النساء والفتيات خلال الأيام الماضية وخاصة بعد سيطرة طالبان على كابول، "شهدت المدينة حالة هروب من قبل العديد من النساء والشخصيات المهمة اللواتي كن يتولين مناصب قيادية وسياسية في البلاد، بالرغم من أن قياديين في حركة طالبان صرحوا على الملأ بأنهم سيسمحون للمرأة بأن تتابع اعمالها سوءاً في مجال التعليم أو الطب وغيرها، حتى أننا رأينا على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية النساء وهن يعملن ضمن مجال الصحافة ولكنهن ارتدين الحجاب، لقد تابعن عملهن ولكن بتحفظ وخوف من أي خطأ قد يرتكبنه ويدفعن ثمنه حياتهن".
ونوهت إلى أن تصريحات طالبان "كانت بمثابة منح النساء الطمأنينة، ووعد بأنهن سيكن في أمان، وسيسمح لهن بمتابعة حياتهن العملية، إلا أنها فرضت العديد من العقوبات على النساء في الخفاء، ففي قندهار منعت النساء من الخروج من المنزل ومتابعة أعمالهن وتعليمهن في الجامعات".
"تنظيم وتكاتف النساء الأفغانيات سيضمن حقوقهن"
أما حول كيفية استمرار الحركة النسوية في أفغانستان تقول ابتسام عبد القادر "نعلم إن هناك حركة نسوية في أفغانستان، وشاهدنا الكثير من النساء قد خرجن في مظاهرات تحت شعار "نريد حريتنا ونريد أن نضمن العيش على أرضنا بأمان وسلام"، مطالبات بضمان حقهن بعد سيطرة حركة طالبان". 
وحول أهمية التنظيم بنسبة للمرأة الأفغانية لمحاربة طالبان تقول ابتسام عبد القادر "إن تنظيم المرأة هو السلاح القوي الذي تمتلكه، فبقدر ما تكون المرأة منظمة وواعية لجميع الاخطار التي تدور من حولها وذلك نتيجة الظلم التي تعرضت له، وتنظيمها في افغانستان سيشكل قوة في وجه طالبان لضمان حقوقها، كما يجدر بالنساء الافغانيات التكاتف مع كافة النساء والمنظمات النسوية التي تدافع وتطالب بضمان حقوق المرأة".
"المقاومة هو سبيل خلاص النساء الافغانيات"
وحول كيفية الخلاص من الإرهاب شددت ابتسام عبدالقادر على أهمية المقاومة "إذا لم تكن هناك مقاومة وإرادة قوية من قبل كافة نساء العالم لن نستطيع تخطي هذه المرحلة، على المرأة الأفغانية أن تقاوم وتستفاد من تجربة النساء المقاومات المناضلات في شمال وشرق سوريا. حثت العديد من النساء الأفغانيات خلال اجتماعاتهن، على اتخاذ نضال المرأة الكردية ومقاومتها في شمال وشرق سوريا مثالاً وقدوة  لهن، لكي يستطعن أن يقاومن في هذه الظروف الصعبة".
وأضافت ابتسام عبد القادر "اقتدت كافة نساء العالم بالمقاومة التي أبدتها نساء شمال وشرق سوريا وخاصة المرأة الكردية التي انتفضت وحملت السلاح وواجهت وحاربت مرتزقة داعش وهزمته عسكرياً، فبتكاتفهن شكلن قوة واستطعن أن ينهضن بالمرأة إلى أعلى المستويات. هذه هي قوة المقاومة، لقد أصبحت اليوم مثال لكل نساء العالم ومثال لنساء أفغانستان حتى يستطعن يخطون هذه الخطوة ويستطعن المقاومة في وجه هذه الحركة ويحققن النصر، وإثبات أنهن نساء قياديات قادرات على قيادة هذه المرحلة وتجاوزها بكل قوة وإرادة".
"على النساء الافغانيات الاستناد على فكر تحرر المرأة"  
وأما عن الفكر والمشروع الذي يجدر بالنساء الأفغانيات أن يتخذنه، أكدت ابتسام عبد القادر أنه "على المرأة أن تقاوم وتناضل في هذه الحياة وتقف في وجه أي متطرف يحمل أفكار ظلامية سوداء تمارس ضدها، يجب أن تستند على الفكر الحر الذي ينادي بتحرر المرأة ووصولها إلى أعلى المستويات وانخراطها في كافة مجالات ومناحي الحياة، لبناء مجتمع يسوده العدل والمساواة والحرية".
وحول اهتمام نساء شمال وشرق سوريا بوضع المرأة الأفغانية تقول "نحن نتابع الوضع وما يهمنا هو أمان وعيش المرأة الافغانية بحرية وكرامة، إننا نشعر بمعاناتها في ظل سيطرة طالبان، بعد ما عانيناه من ظلم واضطهاد مرتزقة داعش".
وأكدت ابتسام عبد القادر في ختام حديثها على مساندة نساء شمال وشرق سوريا وبكافة مكوناته كل امرأة تعاني من ظلم والاستبعاد، "نعلن تضامننا ووقوفنا مع النساء الافغانيات"، مشيرة إلى أن معاناة النساء في كافة أنحاء العالم واحدة، لذا يجب عليهن التكاتف ويكون فكرهن وهدفهن واحد ألا وهو ضمان حياة حرة للمرأة، "سنساند كافة النساء، ونطالب أن يصل صوتنا من شمال وشرق سوريا إلى كافة نساء العالم والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات حقوق المرأة والحركة النسوية، ليتابعوا وضع المرأة في افغانستان، ويقولوا كلمة الحق، وألا يسمحوا بإهانة وانتهاك حق المرأة في أفغانستان، ويكونوا مساندين وداعمين لها بأن تضمن حقها ويكون لها حق الدفاع عن نفسها وعن أرضها وبلدها".
"طالبان تُحارب المرأة باسم الشريعة الإسلامية" 
ومن جانبها أشارت الناطقة الرسمية باسم مكتب تجمع نساء زنوبيا في منبج نسرين العلي بأن "المرأة الأفغانية كغيرها من النساء في أي منطقة كانت، امرأة قوية ولها حقوق، كانت تمارس حياتها بشكل طبيعي، واخذت بعض من حقوقها كالتعليم وحق العمل في بعض المجالات، وإبداء رأيها وكان لها دور في المجتمع أو وقيادته، وكونها امرأة لها تاريخ في المقاومة والنضال". 
وأوضحت نسرين العلي بأن طالبان تعتبر حركة إرهابيه متطرفة، تحارب المرأة بشكل خاص بذريعة تطبيق الشريعة الإسلامية "إنهم يطبقون قوانين قاسية وصارمة بحق المرأة، ويحرمونها من أبسط حقوقها في المجتمع، لو أن الأفغانيين أبدوا مقاومة وخاصة النساء لما استطاع طالبان السيطرة على البلاد بهذه السهولة، ونتيجة لذلك أصبحت حياة النساء في خطر كبير".
ونوهت إلى أن ممارسات طالبان لا تختلف عن ممارسات مرتزقة داعش بشيء، وأن المرأة الأفغانية ستعاني من ممارسات طالبان ما عانته المرأة في شمال وشرق سوريا في ظل سيطرة مرتزقة داعش، "الاختلاف بين الاثنين فقط في التسمية ولكن الممارسات نفسها، فداعش حارب المرأة وفرض قوانين صارمة عليها ومنعها من الخروج من المنزل، سيقوم طالبان بنفس الممارسات بحق النساء الافغانيات". 
وأوضحت نسرين العلي أن الحركة النسائية في البلاد ستعاني في بداية الأمر لكن يجب عليها أن تستمر بالنضال في سبيل المحافظةً على مكتسبات ما حققته النساء خلال القرنين الماضيين، "نحن نساء شمال وشرق سوريا قاومنا الإرهاب في سبيل الحصول على حقوقنا، ويجب على النساء الافغانيات كذلك أن ينظمن أنفسهن للوصول لأهدافهن".
وأشارت إلى أنه يجدر بالنساء الأفغانيات أن يتخذن من نضال النساء في شمال وشرق سوريا مثالاً لهن "على جميع المناطق أن يحتذوا ويأخذوا بنضال ومقاومة نساء شمال وشرق سوريا، اللواتي أثبتن وجودهن وحاربن داعش".
ويذكر أن العديد من الدول والجماعات الحقوقية دقت ناقوس الخطر بشأن مصير حقوق النساء في أفغانستان، مع سيطرة طالبان على البلاد بشكل كامل في 15آب/أغسطس الجاري، وفرض قيود على ملابسهن وتحركاتهن.