للمرة الثالثة على التوالي... تأجيل الانتخابات البلدية اللبنانية

يعد تمديد انتخابات المجالس البلدية للمرة الثالثة بمثابة ضربة قاسية للنساء وجيل الشباب، كونها استمراراً لنهج أثبت فشله على مدى أعوام، فكان الأمل بهذه الاستحقاقات أن يتمكنوا من تقديم برامج نخبوية وتغييرية للنهج السائد، وأن يتزامن مع تغيير في المجلس النيابي

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ أقرت الكتل النيابية ومجلس النواب في جلسته يوم الخميس 25 نيسان/أبريل تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية للمرة الثالثة على التوالي، الأمر الذي اعتبره الكثير مؤشراً على الاستخفاف بالمحطات الديمقراطية والدستورية الأساسية للتنمية والإنماء المجتمعي على المستوى المحلي، وانتكاساً للعملية الديمقراطية ومصدراً لإحباط الجيل الشاب والنساء الذين يحتاجون لهذه الفرصة للوصول إلى مراكز صنع القرار والقيام بمبادراتهم وجهودهم لإنعاش بلداتهم وقراهم ومدنهم، التي تعاني من تدني مستويات الخدمة وانحدار في جودة البنى التحتية.

تعتمد الانتخابات البلدية والاختيارية النظام الأكثري وفقاً للمادة 125 من قانون الانتخابات النيابية وهناك سلطة تنفيذية وتقريرية، ويختلف عدد أعضاء المجلس البلدي وفقاً لعدد السكان، فهي 9 أعضاء للبلدية التي يقل عدد المسجلين عن ألفي نسمة، 12 للبلدية التي يبلغ عدد سكانها بين 2001 و4 آلاف نسمة، و15 للبلدية التي يبلغ عدد سكانها بين 4001 و12 ألف نسمة، و18 للبلدية التي يبلغ عدد سكانها بين 12001 و24 ألف نسمة، و21 للبلدية التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 24 ألف نسمة، تستثنى منها العاصمة بيروت وطرابلس بـ 24 عضواً.

وتسعى المنظمات الحقوقية ولا سيما النسوية منها إلى إقرار قانون يدعو إلى المناصفة الجندرية في البلديات، فضلاً عن أن يكون رئيس البلدية ونائب الرئيس مختلفين جندرياً.

وكان هناك أمل بأن يتخذ القرار بإجراء الانتخابات البلدية في موعدها أي في أيار/مايو 2024 ولكن بسبب النزاعات على الحدود الجنوبية، تم تأجيلها مجدداً وللمرة الثالثة خلال عامين، حتى أيار 2025، ما أدى إلى حالة إحباط وخاصة لدى جيل الشباب والنساء، اللاتي أصبحن أكثر وعياً بأهمية العمل البلدي والاختياري بعد العديد من ورش العمل التوعوية حوله، بهدف الإنماء على المستوى المحلي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تخدم الفرد والمجتمع والبيئة المحيطة، وتأمل النساء بتوسيع نطاق تمثيلهن بالمجالس البلدية والاختيارية، ما سينعكس إيجابياً على قراهن ومدنهن، فضلاً عن تمثيل أوسع في الانتخابات النيابية القادمة.

وحول هذا القرار قالت المهندسة سهى منيمنة "نعيش تراكم أزمة خلقتها الطبقة السياسية التي ما تزال حاكمة في المجالس البلدية، حيث يتم التذرع بحجة أن هناك حرباً في الجنوب، وليس بمقدورهم إجراء انتخابات بلدية، لكنه أمر غير صحيح، حيث تم تأجيل الانتخابات للمرة الثالثة لعرقلة وصول وجوه جديدة لديها كفاءة إلى مجالس البلدية".

وأوضحت أن "تأجيل الانتخابات البلدية له أثر أيضاً على الانتخابات النيابية، خصوصاً لدى المجموعات المعروفة باسم المجموعات التغييرية أو لدى أي حزب تغييري، لأن الأثر الحقيقي الذي نراه على المستوى المحلي هو مكمل للتشريع، فإذ لم يكن هناك أي خرق على الصعيد المحلي لا يمكن أن نرى أي نوع من التغيير الحقيقي على أرض الواقع".

وحول التأثير الذي يحدثه تأجيل الانتخابات البلدية على التمثيل النسائي أشارت إلى أنه "في الوقت الحالي هناك في المجالس البلدية فقط 5 بالمئة من النساء، وتمثيل فئة الشباب ضئيل جداً في المجالس البلدية، فكلما كان هناك تأجيل يبتعد الذين لديهم كفاءات عن الأمور التي تتعلق بالعمل السياسي والعمل البلدي والمحلي، ويختارون طرقاً مختلفة في العمل والتي هي خارج مؤسسات الدولة".

 

 

وبدورها قالت الناشطة السياسية والمعالجة الطبيعية فاديا الأعور "كنت أود الترشح للانتخابات الاختيارية لأن العنصر النسائي مهم جداً في هذا المجال، وعدد النساء في موقع المختارة قليل جداً"، مشيرةً إلى أن "مفردة مختار مصدرها من خيار، ومهم جداً أن تكون النساء موجودات لأن المرأة لديها الكثير من المرونة ولديها القدرة على التواصل مع الأخرين".

وحول تأثير تأخر الانتخابات عليها قالت "كنت أحضر نفسي لخوض الاستحقاق من خلال برنامج عمل يهدف إلى خدمة أبناء بلدتي، إلا أن التأخير أثر على أهدافي ليس في موضوع المخترة وحسب، وإنما على عائلتي وأسلوب حياتي، وعملي وتعليمي وظروف حياتي المهنية".

 

 

وقالت عضوة بلدية قبيع بقضاء بعبدا في محافظة جبل لبنان والمرشحة لعضوية البلدية سناء رافع "هناك أحزاب لم تقر الكوتا النسائية، لذلك ستتأثر المرأة في الانتخابات"، مؤكدة "نحن نرفض تأجيل الانتخابات البلدية، لأنه يؤثر كثيراً على ترشح النساء وعلى الانتخابات بشكل عام، لأن السياسات الحزبية ستتدخل ولن تكون هناك فرصة للنساء في الترشح".

وبينت أنه "هناك الكثير من الجمعيات تعمل على تدريب النساء من أجل الوصول إلى مواقع صنع القرار، الكثير من النساء كن متحمسات للترشح للوصول إلى المجالس البلدية، لكن تأجيل الانتخابات أضر بالصورة العامة لأن هناك الكثير من البلديات المستقيلة وبلدات ليس فيها مجالس بلدية، والتأجيل خلق لدى المرأة حالة من الإحباط قد تؤثر على ترشحها لاحقاً، بالإضافة إلى الذهنية الذكورية والصورة النمطية التي علينا كسرها وخاصة في مراكز صنع القرار التي تبين أن وجودها فيها شكلياً"، مؤكدة أن المرأة قادرة أن تكون في جميع المجالات وتثبت ذاتها في جميع الميادين.

 

 

وبدورها قالت ردينة مكارم المرشحة لعضوية بلدية حمانا، قضاء بعبدا في محافظة جبل لبنان "للمرأة دور في مجال التنمية المحلية، فالمرأة التي تربي أجيالاً وتعمل من أجل تحسين المجتمع، بالتأكيد ستكون قادرة على إدارة أمور البلدة على جميع الأصعدة".

وأضافت "نحن كحراك مدني وثوار 17 تشرين ضد تأجيل الانتخابات البلدية لعدة أسباب أولها أن هناك الكثير من البلديات شهدت تقديم استقالات أدت إلى توقف الإنماء المحلي، ونحن بأمس الحاجة لبلديات لتكون حاضرة في هذه الظروف الصعبة التي يواجهها البلد لإنمائه، بالإضافة إلى أن تأجيل الانتخابات سيؤثر لاحقاً على الاستحقاق النيابي، ونحن كي نصل إلى النيابة يجب أن ننطلق من بلداتنا وبلدياتنا، بمعنى الانطلاق من الإنماء على مستوى القرى والبلدات إلى إنماء البلد ككل".