'للانقسام والعنف والفساد السبب في تراجع الدور السياسي للمرأة الفلسطينية'
بالرغم من تقديم النساء الفلسطينيات نضالاً لعقود عدة في كافة المجالات، إلا أنهن لا تزلن لم تحصلن على تمثيل فعلي في المجال السياسي ومراكز صنع القرار.
رفيف اسليم
غزة ـ أكدت مديرة ملتقى إعلاميات الجنوب ليلى المدلل أن هناك عدة أسباب أدت إلى ضعف مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار أبرزها الفساد السياسي والانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
أدركت المرأة الفلسطينية دورها السياسي مبكراً، فعملت في العديد من المجالات وقادت المظاهرات، إضافة إلى خوضها الكفاح المسلح ومشاركتها في تشكيل الأحزاب السياسية، إلا أن تلك النضالات لم تشفع لها في تبوأ المراكز القيادية العليا لصناعة القرار، وبقيت مشاركتها محدودة.
تقول مديرة ملتقى إعلاميات الجنوب ليلى المدلل أن "الوضع الذي مرت به فلسطين من انتداب واحتلال نبه النساء إلى ضرورة اتخاذ مواقعهن في النضال السياسي وتحديداً منذ إعلان اتفاقية سايكس بيكو، فبدأن بعقد اللقاءات والتنظيم والحشد الشعبي، ومن ثم قامت بدور الاستخباراتي لنقل المعلومات والطعام إلى المقاومين الذين اتخذوا من الكهوف والجبال مكاناً لهم".
وأوضحت أن تلك المشاركة الفعالة لم تمكنهن من الدخول للأحزاب السياسية واتخاذ مواقع تليق بنضالهن، لذلك شاركن في تأسيس الجمعيات الخيرية وأنشأن الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، حتى أتت نكسة عام 1967، وأيقنت تلك الأحزاب بضرورة وجود المرأة.
وكانت قد اندلعت حرب بين إسرائيل وكل من العراق ومصر وسوريا والأردن في الخامس من حزيران/يونيو عام 11967 واستمرت حتى العاشر من الشهر نفسه، وتعرف بـ "نكسة الـ 67"، وأدت إلى سيطرة إسرائيل على سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، والتي أدت إلى مقتل وهجرة الآلاف.
وأشارت للدور المميز الذي قامت به النساء في المخيم من دعم للعائلات المنكوبة، لافتةً إلى أن المرأة كانت تلعب دور نضالي في حماية الشباب/ات، لكن على الرغم من كافة الجهود التي قدمتها في تلك الفترة بقيت نسبة تمثيلها لا تتجاوز الـ 5% في المجال السياسي.
وأضافت "تعد حنان عشراوي من بين النساء الرياديات اللواتي تولين الصفوف الأولى في المفاوضات مع الإسرائيليين لتتقلد عدة مناصب فيما بعد، بالمقابل لم تحظى المناضلة ليلى خالد وفاطمة غزال، ورجاء أبو عمشة، وحلوة زيدان، ودلال المغربي وغيرهن أي تقدير لجهودهن البطولية، لذلك لجأت النساء إلى تشكيل الأطر النسوية التي تعنى بالمطالبة بتمكينهن لأداء أدوار مختلفة في المجتمع لتحقيق النهضة".
وضربت مثال بالسياسية ليلى غنام التي تتولى حالياً منصب محافظ في رام الله، مستذكرة النجاح الذي حققته في الوصول إلى كافة فئات المجتمع وتحقيق مصالح أكبر عدد من أبناء شعبها الذين يلجؤون لها، حتى باتت تلعب دوراً مميزاً، مُشكلة حالة من الالتزام والانضباط والتفاني في العمل لتثبت أن المرأة قادرة على صنع الكثير حين يتم تمكينها.
وأرجعت ضعف مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار لعدة أسباب أهمها الفساد السياسي وتداعيات الانقسام الفلسطيني والفصل الجيو سياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة والعنف الممارس بحق النساء، بالإضافة إلى الحصار والنظرة الدونية للمرأة على أساس النوع الاجتماعي والتمييز والوضع الاقتصادي وعوامل الصحية للمرأة.
وتعد النظرة الذكورية الأبوية بحسب ليلى المدلل العامل الأساسي في ضعف مشاركة المرأة واتخاذ القرارات التي تؤهل تقدم النساء وفق تجربتها، داعيةً الأحزاب لضرورة اتباع مبدأ المساواة بين الجنسين لتأخذ المرأة دورها في العملية السياسية وتدافع عن نظيراتها.
وطالبت بضرورة تمكين الشابات للاستفادة من خبرات القيادات النسوية التي كان لهن باع طويل في النضال مع ضرورة تأريخ حياة تلك المناضلات حتى لا ينساهن التاريخ بعد فترة من الزمن وتصبح سيرتهن منسية سواء خلال المقالات أو عبر إنشاء موسوعة تضم حياة الراحلات واللواتي ما زلن تحاولن تعديل دفة العمل السياسي.
وشددت في ختام حديثها على أنه يجب تشكيل لوبي نسوي ضاغط للمطالبة باستعادة حقوق النساء المهدورة ورفع نسبة تمثيلهن إلى النصف في الكوتا النسائية، بالتزامن مع إجراء جلسات تثقيف قانونية تضمن قراءة النصوص الدولية التي تكفل توليهن المناصب الإدارية العليا ومقارنة أوضاعهن بما هو منصوص عليه، للمساعدة على ردم الفجوة والوصول إلى قرارات عادلة وسياسات تضمن تمكين المرأة في المجال السياسي.