لانتقادها القضاء العراقي... مرشحة تستبعد من انتخابات الكوتا المسيحية

"قرار استبعادي لم يكن عادلاً، بل كان مسيساً وموجهاً ضدي لإخراجي من السباق الانتخابي"، بهذه الكلمات أعربت المرشحة العراقية لوديا ريمون رفضها القاطع لقرار استبعادها من انتخابات الكوتا المسيحية.

رجاء حميد رشيد

العراق ـ أبدت المرشحة العراقية لوديا ريمون التي قدمت إلى انتخابات مجلس النواب للدورة القادمة في نهاية العام الحالي على الكوتا المسيحية بشكل مستقل استغرابها بصدور أمر استبعادها من الانتخابات المقبلة وفق قرار مفوضية الانتخابات الصادرة في 24 تموز/يوليو 2025، مؤكدة أن "التغيير الحقيقي لا يولد إلا من إرادة شعبية واعية، ترفض الخضوع للهيمنة السياسية وتصرّ على التعبير عن تطلعاتها بحرية".

قدمت المرشحة العراقية لوديا ريمون طعن بقرار استبعادها من الانتخابات إلى مجلس القضاء، وكان ردهم برفض الطعن يوم 12 أب/أغسطس الفائت، حيث رشحت نفسها في العاصمة بغداد لأن الكوتا المسيحية ليس فيها مقعد من البصرة، وأن المقاعد تتوزع في هولير، دهوك، نينوى، كركوك، وبغداد، وبالتالي بالنسبة للكوتا في العراق كله يعتبر دائرة وحدة، وعليه رشحت على بغداد، ولا يوجد مسيحي سابقاً من البصرة رشح لمجلس النواب.

وعن تفاصيل قرار استبعادها من الانتخابات، أوضحت لوديا ريمون أن القرار استند إلى دعاوى تتعلق بـ "القذف والتشهير"، لكنها في حقيقتها كانت مواقف سياسية وانتقادات لواقع فاسد "أؤكد أن القرار لم يكن عادلاً، بل كان مسيساً وموجهاً ضدي لإخراجي من السباق الانتخابي".

وأوضحت أن سبب الاستبعاد هو انتقادها للقضاء والمفوضية بمنشورات على مواقع التواصل الافتراضي "فيسبوك" والذي اعتبر تضليلاً للرأي العام وإساءة للمحاكم وهذا يدخل ضمن حسن سيرة وسلوك.

وقالت أنها ترشحت لانتخابات مجلس النواب في هذه الدورة ضمن الكوتا المسيحية كمستقلة، لكنها فوجئت بصدور قرار استبعادها بحجة أنها قدمت طلب الترشح بناءً على شهادة الإعدادية، رغم أن القانون يجيز ذلك، وبناءً عليه تقدمت بطعن على القرار الذي اعتبرته مجحفاً وينطوي على استهداف واضح، إلا أن رد القضاء جاء برفض الطعن، مستنداً إلى أن تصريحاتها تضمنت إساءة للمحاكم وتعبيرات تحمل طابعاً طائفياً وتحريضاً على العنف، وهو ما اعتبرته غير منصف.

وأكدت أن جميع منشوراتها كانت في الأساس تعبيراً عن رفضها لهاتين الفقرتين، مشددة على أنها لم تحرض يوماً على العنف أو الطائفية بأي شكل من الأشكال، وأن من يعرفها يدرك تماماً التزامها بهذا النهج واحترامها للتنوع والتعايش.

 

جهات سياسية وراء الاستبعاد

ووصفت لوديا ريمون تجربتها الشخصية مع الاستبعاد من الانتخابات بـ "القاسية والمؤلمة" لأنها لم تكن ناتجة عن خطأ قانوني حقيقي، بل عن مواقفها الجريئة وانتقاداتها الصريحة للفساد ولسياسة الاستحواذ على مقاعد الكوتا.

وأضافت "التهمة استُخدمت كأداة لإسكاتي وإبعادي عن المنافسة، وهذا يكشف حجم التضييق على الأصوات المستقلة، لأنني فقط انتقدت استغلال الكوتا المسيحية من قبل الميليشيات والأحزاب الكبيرة، ووجهت كلامي بوضوح ضد الفساد، التهميش، والتلاعب بمصير المكونات الأصيلة. هذه الانتقادات لم تعجب بعض الجهات النافذة، وللأسف، هذه القضايا غالباً تُستخدم كأداة سياسية لتصفية الحسابات، وليست كآلية حقيقية لحماية السمعة، ما حصل معي مثال على ذلك".

وأكدت أنها ستعمل جاهدة على استعادة حقها عبر الطرق القانونية، من خلال الطعن بقرار الاستبعاد أمام القضاء، وأيضاً عبر توضيح موقفها للرأي العام وإبراز أن القضية تتعلق بحرية التعبير والحق في المشاركة السياسية.

 

إعادة الصوت الحقيقي للمسيحيين  

وأشارت لوديا ريمون إلى الدافع الرئيسي للترشيح لعضوية مجلس النواب عن المكون المسيحي في البصرة "دوافعي تنبع من إحساسي بالمسؤولية تجاه أبناء ديانتي الذين عانوا من التهميش والاستغلال، خصوصاً في البصرة حيث تم الاستحواذ على مقاعد الكوتا من قبل قوى لا تمثلنا فعلاً، ترشحي كان محاولة لإعادة الصوت الحقيقي للمسيحيين، والدفاع عن حقوقهم التي صودرت وأيضاً كوني صوت نسائي حر لأمثل النساء بالصورة التي تليق بهن".

وترى أن الوضع السياسي والاقتصادي في العراق يمكن تحسينه من خلال مكافحة الفساد بجدية، وإصلاح النظام الانتخابي لضمان التمثيل الحقيقي، ودعم الاقتصاد المحلي من خلال المشاريع الإنتاجية بدلاً من الاعتماد فقط على النفط، كذلك يجب ضمان العدالة وتكافؤ الفرص لجميع المكونات.

 

تحديات وإصلاحات

وأوضحت لوديا ريمون أبرز التحديات التي واجهتها كمرشحة مستبعدة، وكيف استطاعت التغلب عليها وتجاوزها "التحديات كثيرة أهمها التضييق السياسي ومحاولات تشويه سمعتي، لكني أواجهها بالإصرار، بالعمل القانوني، وبإيصال صوتي للناس، الصبر والاستمرار هما طريقتي للتغلب على هذه العقبات".

ولتذليل الصعاب والعقبات، تقول "نحتاج إلى الإصلاحات لتعزيز العدالة والمساءلة في العراق حيث يجب إصلاح القضاء ليكون مستقلاً بعيداً عن التدخلات السياسية، وتعديل القوانين المتعلقة بحرية التعبير حتى لا تُستغل لإسكات المعارضين، كذلك تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة لكل من يتولى منصباً عاماً".

واختتمت المرشحة العراقية لوديا ريمون حديثها بتوجيه رسالة للناخبين خاصة والمجتمع العراقي عامة "رسالتي أن يتحلى الناس بالشجاعة في مواجهة محاولات إسكات الأصوات الحرة، وأن يتمسكوا بحقهم في اختيار من يمثلهم بصدق، فالتغيير الحقيقي لا يولد إلا من إرادة شعبية واعية، ترفض الخضوع للهيمنة السياسية وتصرّ على التعبير عن تطلعاتها بحرية".

والجدير بالذكر، أن لوديا ريمون تعمل في مجال النشاط المدني والاحتجاجي منذ عام 2018 في البصرة، ثم تعرضت لمحاولة اغتيال عام 2020 في أعقاب احتجاجات تشرين.