كيف ألهمت مناضلات الثورة الجزائرية نساء اليوم؟

تعتبر نساء اليوم مناضلات الثورة مصدر إلهام لهن والمؤثرات الحقيقيات في مساراتهن الإبداعية، وقد ساهمن بشكل كبير في تشكيل مفهومهن للحرية والكرامة.

سارة جقريف

الجزائر ـ في الـ 5 تموز/يوليو قبل 62 عاماً، احتفلت الجزائر بالذكرى الأول لاستقلالها وتحررها من الاستعمار الفرنسي، هذا الاستقلال الذي ساهمت فيه المرأة بشكل بارز ولمعت خلاله أسماء مناضلات جزائريات، تحولن إلى أيقونات للمقاومة والحرية لدى نساء اليوم، وعلى رأسهن جميلة بوحيرد، حسيبة بن بوعلي، جميلة بوباشا، فاطمة نسومر وغيرهن.

حول ذلك قالت الكاتبة والإعلامية سارة بانة إن "الذي لا يعرف نقطة بدايته لا يعرف إلى أين يذهب، وعندما نتحدث عن الحرية وبالتحديد عن امرأة حرة قوية ومستقلة، نتحدث عن العالم الغربي وهذا الأمر يثير غضبي، لأننا ننسى تاريخنا الحافل بنساء عظيمات ناضلن من أجل أرقى وأسمى معاني الحرية الحقيقية".

 

مناضلات تجسدن أسمى معاني الحرية

وأوضحت أن "أرقى معاني الحرية تتجلى عندما يدرك الإنسان المعنى الحقيقي للحياة، ويتخلى عن النظرة المادية البحتة للأشياء التي تقيده وتمنعه من الانتقال إلى معنى أقوى وأعمق، وهو ما ينطبق على المناضلات الجزائريات، اللواتي كانت الحرية بالنسبة لهن أسمى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان".

وأكدت أن جمال المناضلات كان من الأشياء البارزة التي تأثرت بها، لأنها تعكس مدى وعيهن بقيمة الحرية، مشيرةً إلى أن تاريخ الجزائر مليء بالمناضلات اللواتي قدمن روحهن في سبيل أرضهن، كأمثال مريم بوعتورة، جميلة بوحيرد، جميلة بوباشا، جميلة بوعزة وأخريات اللواتي قررن النضال والتضحية من أجل تحرير الوطن في سن كان يمكن أن تتعلقن فيه بالحياة. 

وأضافت "مناضلات الثورة ملهمات لأنهن لم تفكرن في الحرية الشخصية وإنما في الحرية الحقيقية، وهنا أذكر المناضلة العالية حمزة فهي امرأة جزائرية تبرعت بقطعة أرض لدفن الجزائريين وإكرامهم، أليس هذا من أرقى ما تقوم به المرأة مع أبناء وطنها، لتهتم بهم حتى وهم موتى؟".

كل هؤلاء النساء أثرن في شخصية الإعلامية والكاتبة سارة بانة، وهو التأثير الذي لخصته في قولها "لم تؤثر مناضلات الثورة في شخصيتي فقط، بل صنعن جزء كبير من فخري واعتزازي وحريتي التي أحاول أن تكون قريبة من حريتهن، والتي تحمل معنى الكرامة وتجعلك تعيش إنسان حقيقي يدافع عن حقوقه في جميع الحالات".

وأكدت في ختام حديثها أن من يقرأ التاريخ الجزائري بتمعن لا بد أن يتأثر بهذا القدر الكبير من الفكر العميق والأصالة والبحث عن أسمى معاني الحياة وتجلياتها في الحرية الكبرى بالمعنى العميق وليس بسطحية ما يسمى اليوم بحرية المرأة.

 

مناضلات الثورة بطلات أدب المقاومة

إن الحديث عن إلهام مناضلات الثورة للنساء، يدفعنا للحديث عن الكاتبة الجزائرية نادية نواصر، المعروفة بنشاطها الثقافي وكتاباتها في أدب المقاومة، حيث أصدرت ديواناً عن المناضلة جميلة بوحيرد وتستعد لإصدار كتاب جديد عن المناضلة فاطمة نسومر.

وعن تجربتها في الكتابة عن مناضلات الثورة، تقول نادية نواصر "كتبت عن العاطفة والأنثى وكتبت عن أدب المقاومة، وفي هذا المجال بالذات استهوتني المناضلة جميلة بوحيرد التي كتبت فيها ديوان رسائل إلى جميلة بوحيرد، وضحت فيه كيف أن المرأة التي أنجبت السياسي والعالم والطبيب والمفكر، هي في حد ذاتها عطاء ثوري وفكري وحضاري".

ولطالما تأملت نادية نواصر وغاصت في نضال المقاومات الجزائريات وشخصيتهن، وهي التي تؤمن أن زعماء الثورة يملكون شخصية لا تشبه بقية البشر، تتجلى في إيمانهم بالقضية والرسالة التي يناضلون من أجلها "في رسائلي السابقة كنت أناجي جميلة بوحيرد وأصف أوجاعها تجاه الوطن، وفي كتابي الجديد أتحدث عن فاطمة نسومر التي منحت شبابها وعمرها للوطن"، فكانت فاطمة نسومر من المناضلات اللواتي ألهمن الكاتبة نادية نواصر، بتصديهن للاستعمار الفرنسي وخوضهن المعارك من أجل أن تعيش النساء اليوم في حرية وكرامة "توقفت عند هاتين المناضلتين وطقوس دفاعهما عن الوطن ونظرتهما الاستشرافية للحرية والاستقلال".

واختتمت حديثها بالقول "الروح الثورية ليست حكراً على الرجال، إنها تمتد إلى المرأة، وقد تكون أكثر حدة وإلماماً عندها لأن الأنثى هي الأم وكما تحتوي الأم الأسرة تحتوي المناضلة الثورة، وقد تعشق المناضلة وطنها كما تعشق رجلاً ملك عليها أحاسيسها، وتبقى المرأة عطاء ثوري وليست مجرد جسد جميل نريده أن يكون أنيقاً دائماً".

الكاتبة الجزائرية حياة قاصدي، واحدة من النساء اللواتي تأثرن بمناضلات الثورة الجزائرية، حيث ترى الكاتبة أنهن مثال للنضال الحقيقي والحرية في العصر الحديث "فخورة جداً لأني تربيت وترعرعت على حكايات الآباء والجدات اللواتي تروين بطولات المرأة الجزائرية في مقاومتها للمستعمر الفرنسي".

وتقول إن المناضلة الجزائرية أثبتت أنها جديرة بالتكريم والاحترام لما امتازت به من شجاعة وعفة، سواء المرأة التي ناضلت في الجبال بالسلاح أو اللواتي خرجن في المظاهرات، وكذلك المناضلات من البيوت.