جوزفين زغيب... من العمل البلدي إلى البرلمان

بعدما جابت العالم وتعرفت إلى ثقافاته عادت الدكتورة جوزفين زغيب إلى لبنان لتخوض العمل الاجتماعي من خلال تأسيس جمعية "بيتي" في عام 2004

كارولين بزي
بيروت ـ . كما أنها تستعد لخوض الانتخابات النيابية المقبلة وتمثيل اللبنانيين من أقسى الشمال إلى أقسى الجنوب.
 
"بيتي مساحة تستضيف الجميع"
عن جمعية بيتي قالت جوزفين زغيب لوكالتنا "أنهيت جولة حول العالم وعدت إلى لبنان في عام 2004 وقررت أن افتتح بيتاً يستقبل كل الناس، صداقات من مختلف دول العالم لكي يكون "بيتي" مساحةً للجميع في مكان واحد. كنا نسعى لأن نفتتح "بيتي" في البلدان العربية من أجل تكوين علاقات تواصل وصداقة بين كل الدول، لذلك ساهم في تأسيس الجمعية معنا مؤسسين من تونس والأردن وسوريا والمغرب. كنا نحضر لافتتاح "بيتي" في هذه الدول ولكن مقتل الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 علّق خطوتنا. ثم جاءت حرب تموز عام 2006 ما أعاق توسعنا، لذلك قررنا أن نستقر في لبنان فقط".
وأضحت جوزفين زغيب أهداف الجمعية "نعمل على تمكين الشبان والشابات اقتصادياً، ندربهم على كيفية التحضير للالتحاق بالجامعات، كيفية كتابة السيرة الذاتية ليكونوا على أتم الاستعداد لمواجهة المجتمع وسوق العمل، كما أننا خلقنا لهم فرص عمل في المناطق الجبلية ليبقوا في مناطقهم، أي عملنا على اللامركزية في المناطق الريفية".
وأضافت "نعمل على تمكين المرأة لتتعرف على حقوقها وواجباتها، وتلعب دوراً أساسياً في مراكز صنع القرار. الحوكمة الرشيدة وكيفية العمل بشفافية في القطاعين العام والخاص حتى نصل إلى شراكة وتشاركية حقيقية بين المواطن والسلطة الحاكمة".
 
"بين تمكين المرأة والعمل التنموي"
وعن كيفية تمكين المرأة، قالت "نظمنا دورات تدريبية وندوات، كما أسسنا المكتب النسائي الإنمائي، لتعزيز التعاون بين النساء والبلدية، بهدف تدريبهن على تنمية مناطقهن بمختلف القطاعات الصحية والسياحية والتربوية. وأطلقنا السياحة الريفية عبر شق ممرات للمشي، لتشجيع الناس على اكتشاف الطبيعة والمناطق الريفية، هو ما يدفع الناس للبقاء في مناطقها وجذب السياح إليها ولاسيما السائح المحلي".
منذ العام 2010 تشغل جوزفين زغيب منصب عضو بلدية في بلدية كفردبيان، وعن سبب التحاقها بالعمل البلدي، أوضحت "الهدف كان بيئياً في البداية وذلك بسبب التعدي الذي شهدته المناطق الطبيعية منذ العام 2008 والتعدي بشكل كبير على تراث وآثار المنطقة، وأدركت حينها أن للبلدية دور أساسي في منع هذا الاعتداء، لذلك قررت في العام 2010 أن أخوض المعركة السياسية للمرة الأولى من بوابة العمل البلدي مع مجموعة من الأشخاص الذين يريدون أن يحموا الثروة الطبيعية في كفردبيان، وبالفعل ترشحنا ودخلنا المجلس البلدي. أكملنا المسيرة حتى العام 2016 ثم أعيدت الثقة إليّنا مجدداً".
وأكدت جوزفين زغيب على أن العمل البلدي ليس للمظاهر بل يركز على التواصل المباشر مع الناس، ولفتت إلى بعض المشاريع التي تم إطلاقها منذ التحاقها بالبلدية "أسسنا المكتب النسائي الإنمائي، ونوادي رياضية، وافتتحنا ملعباً ونظمنا مهرجانات دولية، وعملنا على الكثير من المشاريع التنموية للمنطقة، نظمنا أرشيف للبلدية، كنا على تواصل أكبر مع الناس لاطلاعهم على ما يحصل. قمنا بحوكمة داخلية وهي المرة الأولى التي يتم فيها تعيين محاسب لبلدية كفردبيان وكذلك قمنا بتدقيق ومحاسبة داخلية. وضعنا خطة استراتيجية لـ12 قطاع، التربوي والسياحي والصحي والبيئي في المنطقة، ووضعنا أهداف لكل قطاع وحاولنا كل ستة أشهر أن نقوم بتقييم نتيجة عملنا".
 
الترشح للانتخابات البلدية
خاضت جوزفين زغيب تجربة الترشح للانتخابات النيابية في العام 2018 ولم يحالفها الحظ، واليوم تكرر التجربة وهي مرشحة عن دائرة كسروان جبيل للانتخابات النيابية التي سيتم اجراؤها في 15 أيار/مايو المقبل. 
تحدثت جوزفين زغيب عن الفرق بين تجربة 2018 واليوم، وقالت "كانت الأجواء في العام 2018 مختلفة عن اليوم إذ كنا نعيش مفاعيل تسوية سياسية وكان لدى الناس أمل وثقة بأنه يمكن لهذه الطبقة السياسية أن تعطيهم حقوقهم، علماً أننا حذرنا حينها من أن الوضع الاقتصادي سيزداد سوءاً وبأن ربطة الخبز سيتجاوز سعرها الـ10 آلاف ليرة ولكن أحداً لم يصدق حينها، حذرت الناس خلال حملتي الانتخابية مما هو قادم وبأن الليرة ليست بألف كما كان يدّعي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولكن البعض كان لديه ثقة بالسياسيين حتى وصلنا إلى ما حذرنا منه".
وأضافت "في العام 2018 بدأ المواطنون يدركون يوماً بعد يوم أن عليهم أن يتحركوا بل ووجدوا أن هناك بديلاً عن هذه السلطة السياسية، ثم جاءت ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر لتقوم بتعرية هذه السلطة أكثر، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت في الرابع آب/أغسطس 2020 الذي أظهر أن الإهمال والتوافقية والمحاصصة كلها عوامل ساهمت بوقوع الانفجار وأودت بحياة نحو مئتي شخص ودمرت بيروت وشرّدت آلاف العائلات، لذلك كان من المفترض في العام 2022 أن نترشح ضمن مجموعة ائتلافات وطنية لقوى التغيير من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لكي نقول كلمة واحدة ونؤكد بأن التغيير قادم".
وأكدت جوزفين زغيب على أن "نسبة الوعي السياسي لدى المواطن اللبناني ارتفعت وبالتالي بات بإمكانه مواجهة وتغيير الطبقة السياسية بأكملها".
تخوض جوزفين زغيب المعركة الانتخابية النيابية ببرنامج انتخابي لا بوراثة مقعد نيابي من عائلتها أو أحد أقربائها، وعن برنامجها تقول "لم أضع البرنامج الانتخابي بشكل فردي بل بعد لقاء جمع 350 شخصاً من أهالي كسروان ناقشنا فيه المواضيع الأساسية. أهم ما نسعى إلى تطبيقه في برنامجنا الانتخابي هو استقلالية القضاء ونزاهته. اللامركزية في القطاعات وإعطاء فرصة للبلديات لكي تقدم الخدمات الأساسية ضمن نطاقها من الكهرباء ومعالجة النفايات. تحويل القطاع الاقتصادي من ريعي إلى إنتاجي، لاسيما من خلال دعم قطاعي الزراعة والصناعة. تطبيق الحوكمة الرشيدة ومكننة الإدارة لتعزيز دور المحاسبة في الإدارات العامة، واعتماد مبدأ الكفاءة في التوظيف".
 
"المرأة متمكنة وتحتاج فرصة"
وللمرأة مكانها في برنامج جوزفين زغيب الانتخابي، وأشارت إلى أن المرأة موجودة في الإصلاحات الانتخابية إذ أنه من الضروري إدخال إصلاحات إلى قانون الانتخاب لأن هذا القانون غير صالح ولا يمنح ذوي الكفاءة حق الوصول إلى البرلمان. 
وأكدت أن حضور المرأة أساسي لذلك نحن نطالب بكوتا نسائية في القانون الانتخابي ويجب أن نعطي المرأة الفرصة للوصول إلى مراكز صنع القرار، فهي لا تحتاج للتمكين لأنها متمكنة بل تحتاج إلى فرصة. ولفتت إلى أن "القانون اللبناني يسمح للمرأة منذ العام 1953 حق الانتخاب والترشح ولكنها لم تُمنح الفرصة الحقيقية وتبين أن كل الوعود كانت كذباً بكذب".
لدى جوزفين زغيب مسيرة طويلة في العمل الاجتماعي والانمائي والسياسي، إذ التحقت ببلدية كفردبيان في العام 2010، ثم شاركت بحملة "طلعت ريحتكم" في العام 2015، ثم خاضت تجربة الانتخابات البلدية في العام 2016 على لائحة "مواطنون ومواطنات"، وفي العام 2018 ترشحت للانتخابات النيابية على لائحة "كلنا وطني"، واليوم تتحضر لخوض التجربة مجدداً مع مجموعة ائتلافات وطنية تمتد على مختلف المناطق اللبنانية، حتى تصل مع مجموعة كبيرة لا تقل عن عشرين نائباً، مجموعة مؤثرة تستطيع أن تطبق مشروعها الانتخابي الإنمائي، وخوض مجال التشريعي الحقيقي والمراقبة والمحاسبة والمساءلة الفعلية في العمل النيابي.
تنظم جوزفين زغيب دورات تدريبية توعوية بعيداً عن منطقتها كسروان التي تترشح عن مقاعدها للانتخابات النيابية، وتعليقاً على ذلك تقول "في حال فزت في الانتخابات سيكون اسمي نائبة عن لبنان، على الرغم من أنني أترشح عن كسروان ولكن أنا نائبة كسروان وكل لبنان وهذا شعاري الأساسي، أنا لكل اللبنانيين والقوانين التي سأقترحها أو سأصوت عليها هي لجميع اللبنانيين".
لم تعتمد في حملتها الانتخابية على التصويب على جهة سياسية بعينها على غرار عدد كبير من المرشحين، بل تعمل جوزفين على مواجهة المنظومة السياسية بأكملها وتحملّها مجتمعةً مسؤولية الأزمة التي يعيشها لبنان. وتقول "المنظومة السياسية بأكملها هي التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم، أعتقد أن الأحزاب الستة الكبرى في لبنان هي التي أوصلت البلاد إلى الانهيار الذي نعيشه". مؤكدة "أنا لا أطلق سهامي على الحزبيين ولكن على الأحزاب الموجودة في السلطة منذ أربعين عاماً وتشارك بفساد الدولة، أما الحزبيون فقد خُدعوا مثلما الجميع خُدع بالمنظومة بأكملها. لا دور للحزبيين بالفساد ولكن كان عليهم أن يجروا تقييماً داخلياً ويحاسبوا أحزابهم".
 
"قوموا بدوركم لنبني دولة"
وأشارت إلى أنها تدعم وجود الأحزاب لأنه لا يمكنهم الوصول إلى ديمقراطية حقيقية من دون أحزاب، موضحةً "يمكننا أن نتفق مع الأحزاب أو نختلف على مشروع اقتصادي أو اقتراح، ولكن لا نتعارك معها على الحصة التي سنحصل عليها".
ولفتت إلى أن غياب الدولة هو الذي دفع المواطنين إلى اللجوء إلى الزعماء السياسيين لكي يؤمنوا حاجياتهم، وتعترف بأنها اقترعت في العام 2005 واعتقدت حينها بأنه سيتم بناء تلك الدولة القوية التي ادّعى البعض بأنه سيشيدها، أما في العام 2009 اقترعت بورقة بيضاء وقررت في العام 2013 أن تخوض المعركة الانتخابية إلا أن المجلس النيابي مدد لنفسه مرتين حتى العام 2018.
وتوجهت جوزفين زغيب بكلمة للشعب اللبناني من خلال وكالتنا، قائلةً "أنا سأقف إلى جانبكم، كرامتكم أُهينت على مدى 40 عاماً، أموالكم سُرقت في المصارف. كرامتكم مهمة للبنان، أمامكم دور أساسي في 15 أيار/مايو 2022 لكي تمنحوا أصواتكم لأشخاص يدركون كيفية بناء الدول لا سرقتها، وأشخاص يؤمنون بحقوقكم وبالعدالة الاجتماعية، بالتالي لديكم دور أساسي لكي نبني معاً هذه البلاد".